صفحة الكاتب : هاشم الصفار

من أروقة الحياة
هاشم الصفار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ما روته لي الشمس:

 ملكَ العالمَ القديم، وتنازع عليه العالمُ الجديد، لم يكن جديداً بمعنى الجدة والحداثة والتطوير، بقدر ما كان عالماً متخماً بالسيطرة، مهووساً بالثروة والاستعمار. كان ينتعل الخطى، فيسيل لعاب المجد تحت قدميه، ويتناثر الدر من نهره ونخله التليد، أولدَ كل المفردات الحماسية المجلجلة للثورة والنخوة والحمية والاستنهاض، رائحة قدوره الإباء، وعطر مياسم طلعه كافور الشهادة وكحل الانتصارات. خنقتني العبرة، فتوضأت من رافديه، ويممت صوب الفجر صلاة استسقاء لفرج قريب.

الثقة بالنفس.. 
 يتراوح الانسان في حياته بين ثقته واعتداده بنفسه، من جهة، وضعفه وعدم قناعته بقدراته، من جهة أخرى..
 وبطبيعة الحال ليست نظرة الناس إلينا وحكمهم هو المقياس على رفعتنا أو تدنينا – لا سمح الله - فأحكام الناس عادة ما تنبع من أهواء أو أمزجة يميلون حيث تميل المصالح الشخصية، وكما قال الشاعر: 
أرى الناسَ قد مالوا * إلى مَنْ عنده مالُ
ومن ليس له مالُ * فعنه الناس قد مالوا
 وهذا الأمر ليس وليد اللحظة، بل هو طبيعة النفس البشرية، قال تعالى: (وَإِن تُطِعْ أَكثَرَ مَن فِي الأَرضِ يُضِلوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخرصونَ).
 فالإنسان عليه أن لا يعوّل كثيراً على آراء الناس، سواء مدحهم أو انتقادهم له، بالقدر الذي عليه أن يتحلى بسقف معقول من الإيمان بمواهبه وتطلعاته.. وأن يكون واثقاً من نفسه ومن تحصيله المعرفي والعقائدي.. 
 شريطة أن لا يفرط بالثقة حدّ الإعجاب بالنفس السلبي.. والذي يؤدي إلى الإمتناع عن سماع صوت الحقيقة، قال تعالى: (وَزَينَ لَهمُ الشيطَانُ مَا كَانوا يَعمَلُونَ).
 فالثقة بالنفس عبارة عن موازنة دقيقة وصعبة بين الإفراط حدّ العجب، والتفريط حدّ فقدان الثقة وضياع الإرادة الصلبة.. 
والتي نعول عليها كثيراً في بقائنا منتجين مثمرين وسط وجودنا الإنساني بأجمل تصوراته.


السكينة:
 كان متألماً من شيء ما، قلقَ عليه والداه، لم يكن في حسبانهما أنه سيتألم من ضوضاء المدرسة، ربما من صخب الأولاد وشقاوتهم، عليه أن ينصهرَ مع تلك الأجواء المدرسية التي تمتاز بالحركة، فهو أنموذج حي لما سوف يمر به من منعرجات الحياة هنا وهناك، الآن وغداً وبعد غد..! رسم لوحة فيها جدول صغير، يمر خلال غابة كثيفة الأشجار، كأنك تسمع زغردة طيورها عندما تراها كل صباح.
 تعلَّم أنشودة الحرية، وتابع قصص العزلة، والسفر خارج نطاق الزمان والمكان.
أغلقا باب حجرته بهدوء، وبقيا يسردان حلمهما الجميل في ملامح طفلهما الآتي.

معزوفات:
 تمنى لو كان أصم، أعيت مسامعه تلك المعزوفات المملة، تصريحات ووعود، أخبار وقنوات ودبلجة وكذب وخداع، وموجة وفتنة وقتل وأوجاع، هو لا يدري لِم عليه أن يعيش وسط كل هذا الهراء..؟ تعلّمَ منذ صغره أن النجاحَ يأتي بالدراسة، والأموال بالعمل، والحب من الاهتمام، والألم من الاهمال.
 لم يكن يعي أن عقارب الساعة قد تدور من اليمين الى اليسار عكس دوران الالكترونات حول نواة الذرة، وقد يفلتُ المجرم من العقاب، ويُؤخذ البريء بجريرة المذنب، تعلّم بمرور الوقت أنه لا يعيش في عالم واحد، بل يعيش في عدة عوالم متداخلة، نظريات وقوانين ومتغيرات، ومعروف صار منكراً، ومنكراً صار عكس ذلك..!
 أغلقَ أجهزة المذياع والتلفزيون وكل ما يمت لغزوات العقل والروح، وما يمت لغسيل الأدمغة بصلة، أغمض عينيه، وجد حلماً جميلاً حملته إليه نوارس البحر، لتداعب وثير فرحه وسكينته، بسلام وأمن دائمين، في ربوع أرض بلا أوجاع، لكن سرعان ما تتلاشى تلك الأحلام هرباً من معزوفة مزعجة أخرى لاحت في الأفق..!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هاشم الصفار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/04



كتابة تعليق لموضوع : من أروقة الحياة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net