مرة آخرى أعود لأروي لكم من حكايات والدي قال: يحكى أنه دخل يوماً قيصر روما ومعه مرافقيه ثكنة من ثكنات جنده في إحدى أطراف مدينة روما في يوم شتائي مثلج باحثاً ومستكشفاً أحوالهم وشؤنهم، أو بالأحرى متظاهراً بذلك إشباعاً لجنون العظمة في نفسه .
فمر الجنود أمامه يستعرضون حركاتهم العسكرية، فلاحظ القيصر حالتهم المزرية في الملبس والمأكل وحتى السكن، فأمر بأستدعاء أحد الجنود وسأل بأستغراب قائلا: ما هذه الخرق الممزقة البالية الذي تلبسونها..؟! وأين أثواب جند روما الرسمي والمزركشة بأبهى حللها..؟!
فأجاب الجندي قائلاً: هو هذا ملابسنا يا سيدي .
التفت القيصر غاضباً الى كبير مرافقيه ورد بعصبية قائلاً: أهذه نتيجة تلك الميزانية المكلفة للجند والتي تقولون أنها تكلفكم كل تلك الآلاف من القطع النقدية..؟
فتلكأ مرافق القيصر في الرد وقبل أن يجيب على سؤال سيده، رفع الجندي ذراعه للقيصر للسماح له بالحديث فأجاب الجندي قائلا: إذا سمح القيصر شرحت له الأمر .
فأستغرب كل من القيصر ومرافقيه وسائر الجند لهذا التدخل وتلك الشجاعة والجرءة من ذلك الجندي البسيط ليحاور سيده قيصر روما، فأجاب القيصر بأستغراب وأمتعاظ قائلاً: هات ما عندك ..!
أنحنى الجندي على الأرض التي غطاها الثلج.. وأخذ قبضة من الثلج فكورها بقبضة يديه على شكل كرة ثم قدمها للقيصر قائلاً: أفرض يا سيدي إن هذه الكرة هي أرزاق الجند أو ما يحدد من الميزانية للجند.. خذها لتناولها لمن يصرفها وينيب بها لهذا الأمر.. وأمره أن يناولها لمن يليه للقيام بهذا الامر .. ثم لمن يليه بعده .. وهكذا حتى تصل أخيراً الينا نحن الجند.
فرد القيصر بأستغراب وحيرة قائلاً: حسناً.. وماذا سيحدث..؟!
فأجاب الجندي بثقة قائلاً: جرب يا سيدي ما قلته وسترى النتيجة بنفسك..
وهنا أمر القيصر مرافقيه بتسليم الكرة الثلجية واحداً تلو الآخر وهكذا، فمرت الكرة بين قبضات الأيادي المتداولة.. وقبل أن تصل إلى آخر واحد حسب تسلسل مستلمي الكرة.. فإذا بها قطرة ماء لا تستوعب طرف أصبعه.
فصرخ القيصر قائلاً: ولماذا أنتم صامتون..؟ لماذا لا ترفعون شكواكم..؟
فأجاب الجندي قائلاً: نحن نفعل يا سيدي.. ولكن شكوانا شأنها شأن تجربة كرة الثلج..؟
وهنا هز القيصر رأسه وأنصرف..؟! من يدري لعله حسب أن المشكلة أبعد مدى من جهاز قيصر..؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat