صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

البهلول ، عاقل فرّ بدينه
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من الظواهر الفريدة التي حدثت في أيام الإمام الكاظم عليه السلام هي ظاهرة البهلول ، وهو أبو وهب ، بهلول بن عمرو الصيرفي الكوفيّ ، وحسب ما قيل فيه أنه ( كان من أصحاب الامام جعفر الصادق (ع) و أنه كان يستعمل التقية ، وان الرشيد كان يسعى في قتل الامام الكاظم (ع) ويحتال في ذلك ، فأرسل إلى حملة الفتوى يستفتيهم في إباحة دمه متهما إياه بارادة الخروج عليه ومنهم البهلول . فخاف من هذا واستشار الكاظم (ع) فأمره بإظهار الجنون ليسلم ) مما نُقل في أعيان الشيعة ج٣ ص٦١٧ .

لا نريد ان نتحدث عن فطنة البهلول ولا استعراض مواقفه وطرائفه وقصصه مع هارون العباسي او مع غيره ولكن نريد أن نتحدث عن ظاهرته من جهات اخرى نافعة :

الجهة الأولى : العقل والعلم والفقاهة .. يستثمرها الانسان للخير وللحق وللفوز بالآخرة ، اما عندما تكون سبباً لعكس ذلك فيكون التبرء منها والتخلي عنها هو الأحجى بل هو منها .. تخلّى البهلول عن مقامه العالي وعن شأنيّته الاجتماعية مقابل أن يفرّ بدينه ويحفظ آخرته ، وقضى ما يقارب الربع قرن من عمره الشريف على هذه الحال كما ورد .

الجهة الثانية : بأي ابتلاء كان يعيش الائمة عليهم السلام وشيعتهم ، وبأي خوف وتقية ، وبأي ضيق وعسر كانوا يقضون ايامهم ومع اي اعداء كانوا يتجاورون ..!! ما فعله البهلول يغني عن كل تحليل وكل استقصاء لتاريخ التشيّع ، وينبىء عما وراءه من مصائب وابتلاءات ، ويصدّق كل ما ورد من مظلومية ..

الجهة الثالثة : نسأل كم بهلول لم ينقله لنا التاريخ ، وكم متنكّر لتشيّعه وإيمانه في ايام الكاظم ع وغيره من الائمة ..!!

الجهة الرابعة : لم يهرب البهلول من مسؤولياته ، وإنما غيّر الأسلوب والطريقة فقط اضطراراً ، استثمر البهلول شخصيته التنكرية في اداء ادوار مهمة ، في الوعظ والإرشاد ونصرة الحق وازهاق الباطل وحفظ التشيع ومساعدة الفقراء والمؤمنين .. الخ

الجهة الخامسة : هذا نوع عالي المستوى وصعب وفريد من بين أنواع وأشكال التقية التي قال عنها الإمام الصادق ع ( التقية ديني ودين آبائي ) و ( من لا تقية له لا دين له ) .

اذن هذه اطلالة على امامة موسى بن جعفر عليه السلام ، وعلى الشيعة في أيامه صلوات الله عليه ، ولكن من نافذة تاريخية أخرى لا يُنظر من خلالها في العادة ..

ولا بد من القول ، أن قصة البهلول ان لم تثبت تفصيلاً فإنها ثابتة إجمالاً ، وان لم تصدق بالأقوال فإنها صادقة بالمضامين ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/16



كتابة تعليق لموضوع : البهلول ، عاقل فرّ بدينه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net