شهدت مدن العالم الإنساني على العموم والإسلامي منها على الخصوص انتشاراً كبيراً في أداء وإقامة الشعائر الحسينية، وبمشاركة فاعلة من كل الطوائف والملل، خصوصاً في المدة التي تتزامن فيها احتفالات شيعة أهل البيت (ع) بذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع)، وأهل بيته الأطهار (ع)، وأصحابه الغر الأخيار (رضوان الله تعالى عليهم) في واقعة الطف بكربلاء الحزن والأسى، أيام محرم الحرام هذا العام شهدت اتساعاً في رقعة أداء هذه الشعائر المقدسة، انطلاقاً من قول الإمام الصادق (ع): (أحيوا أمرنا.. رحم اللهُ من أحيا أمرنا)، في كثير من البلدان العربية والإسلامية والإنسانية، لتضعنا أمام حقيقة ساطعة مفادها انتشار منقطع النظير لمذهب أهل البيت (ع)، وظهوره بالصورة التي تجعل كل البلدان في العالم تنظر إلى فكر النهضة الحسينية باحترام وإجلال، لتمسكها بمعايير إنسانية خلاقة، مستمدة من نهضة أبي الشهداء (ع)، والتي خرج من أجلها مع أهل بيته وخيرة من صحبة الغر في واقعة الكرامة، (واقعة الطف الخالدة)، فالتعايش، والتسامح، واحترام الأديان والمذاهب، والدعوة إلى إصلاح الأمم والشعوب بعيداً عن التزمت، وغلظة القلوب في الدعوة إلى الله تعالى.. كل هذه المعايير، كانت من السمات الأساسية، للنهضة المباركة.
ونحن إذ نحرض على الأداء لهذه الشعائر، والتمسك بمضامينها الخلاقة، وانطلاقاً من الدور الإعلامي الملقى على عاتقنا في إظهارها بكل مكان تقام به، نقدم موجزاً لسير الفعاليات والأنشطة التي قام بها محبو أهل البيت (ع):
في مملكة البحرين، حرص الموالون في كل عام، عند إطلالة شهر محرم الحرام، على إقامة مراسيم العزاء بذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصاحبه، وتستمر هذه الطقوس طيلة أيام عاشوراء، عبر مواكب اللطم والزنجيل التي تبقى لساعات متأخرة من الليل، وقد تميزت شعائر هذا العام بانتشار كبير للافتات الحزن السوداء المنتشرة على جدران وواجهات المحال التجارية والدور السكنية، وفي العديد من المحافظات، تحمل شعارات النهضة، ومضامين الفكر الحسيني الخالد في إصلاح الأمة، ومقارعة الظلم والطغيان.. فضلاً عن قيام الهيئات الشعبية بتشييد وافتتاح التكايا والحسينيات، لإقامة هذه الشعائر.
أما في دولة الكويت، كانت الهيئات والمواكب الحسينية على استعداد مبكر هذا العام، لشهر محرم الحرام، حيث اجتمعت للتخطيط من أجل إظهار محرم في كل أنحاء الكويت أكثر التزاماً بأهداف سيد النهضة الحسين (ع)، من خلال تهيئة المواكب والحسينيات والمآتم وحتى في البيوت، من أجل مواساة النبي الخاتم محمد (ص)، باستشهاد ذريته وعترته على رمضاء كربلاء، في فاجعة عظيمة غيّرت مسرى التاريخ.. وقد ثمنت المواكب في بيان مشترك، المواقف المسؤولة التي تبنتها بعض الجهات الإعلامية والاجتماعية لدعم حرية المواكب الحسينية، وإدانة التهديدات اللامسؤولة التي أطلقها البعض في محاولة لتضييق حرية الرأي والتعبير، وإثارة الفتنة الطائفية.. موضحين للعالم أن عاشوراء في كل عام هو كنقطة الضوء التي ينطلق منها محبو أهل البيت (ع) لتعزيز الوحدة الوطنية.
وفي جمهورية مصر، تُقام المآتم، ومجالس العزاء في أول يوم من المحرم الحرام، من كل عام، على اختلاف مللهم وطوائفهم؛ لأنهم يعدونه يوم حزن عام.. ولا يخفى ما لمصر من مكانة في عالم التشيع لآل بيت النبوة، على امتداد التاريخ، وما الدولة الفاطمية في مصر إلا شاخص ودليل على عمق وتجذر الولاء لعترة النبي (ص)، ففي شهر تجدد الأسى، شهر محرم الحرام، يتهيئون له قبل دخول أول يوم منه، وعند دخول المحرم، يطوفون في الأسواق والشوارع، وهم يندبون ويبكون الحسين وأهل بيته (ع)، كما هو الأمر في دول قطر، وعُمان، واليمن، وسوريا، والأردن، ولبنان...
قسم من الجالية المغربية ساهمت بإحياء هذه المناسبة، وفي كثير من دول العالم، حيث أقامت أعداد من الجالية في بلجيكا مجالس عزاء، تخليداً لذكرى الإمام أبي عبد الله الحسين (ع)، واشتملت هذه المجالس المباركة محاضرات إسلامية عاشورائية، وقراءة زيارة الإمام الحسين (ع)، ولطميات ومآدب حسينية، في عدد من الجمعيات والمراكز الإسلامية في مدينة (بروكسل) العاصمة، ومدينة (أنتويربن).
مدينة سان (فرانسسكو بولاية كاليفورنيا) بالولايات المتحدة الأميركية، والتي تتميز بوجود جمع غفير من جمهور المسلمين، ومحبي أهل البيت (ع)، ومن خلال المجالس التي أحيتها الهيئات والمواكب في مركز (سبا) الإسلامي، والتي حرصوا من خلالها على الالتزام بنهج الشعائر الحسينية الملتزمة، عبر إظهارها لعلامات الحزن والأسى والتفجع، ولبس السواد، وإحياء مواكب اللطم والزنجيل، وإقامة مآدب الحسين (ع) طيلة مدة أيام عاشوراء.
وفي ألمانيا؛ اتشحت شوارع الكثير من المدن الرئيسة بالسواد، حزناً لتجدد ذكرى عاشوراء، مع إطلالة شهر محرم الحرام. مناهج الاحتفالات اشتملت على الكثير من الفعاليات التي جسدت محتوى الشعائر الحسينية، كإقامة مجالس الوعظ والإرشاد واللطم والزنحيل، إضافة إلى الخروج بمسيرات حاشدة، اشترك فيها العديد من المسلمين من الطوائف والمذاهب شتى، خصوصاً في مدينتي (إسن) و(لابيزك)، والعاصمة (برلين)، حرص فيها المسلمون على إظهار مشاعر الحزن والأسى على مصيبة سبط المصطفى (ص)، الإمام الحسين (ع)، وما أحدثته مسيرته ونهضته الخالدة، من تحريك مشاعر العالم وعلى مدى أجيال متعاقبة، التي لا تفتأ تذكر صلابة الموقف، وعظيم الثبات على القيم والمبادئ الحقة النابضة بالبقاء على مر التاريخ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat