صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

لا تصنعوا من تضحيات الشهداء معاول للهدم
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الشهداء جادوا بأرواحهم لكي تظل راية الامة شامخة بالعز والمجد و أصبحوا أوسمة فخر على صدور الاوفياء ، فالجود بالنفس أقصى غاية الجود ، من أجل العزّة والكرامة وأنقاذ الشرف والدفع نحو المجد والخير، وتحقيق العهد بدمائهم و وجودهم لذلك، فكان الطريق طويلا وشاقّاً، لأنّه طريق الحياة وبناء الحياة لا يثبت عليها إلّا الاقوياء واصحاب المبادئ وطلاب المجد والرفعة للاجيال المقبلة . أن يتقدم الإنسان في ساحة الوغى او ميدان التضحيات او الجهاد او النضال ويقاتل حتى يقتل او يعدم دفاعاً عن وطنه وعن مبادئه وعن مثله وقيمه دون رجفة شعرة من جفونهم ، فذلك يعني قمة العطاء وشموخ الرفعة والسمو.

صحيح ان هناك جانباً أكثر أهمية وهو القلم ليعبر من خلاله أفضل تعبير عن معاني الوفاء لبطولتهم وتضحياتهم وحسن فعيلهم على ان لا يكون معبراً للايديلوجيات والافكارالمؤقتة العابرة التي لم تعطي بقدر ما اخذت و التي مضى عليها الزمن واصبحت "معاول لهدم الطريق الذي عمروه بدمهم "بل يزرع الامل ويرسخ الوفاء لاهدافهم ويشحن الارواح بطاقات لبناء حياة جديدة للمجتمع ، وفي الوقت نفسه أعمق أثراً في الحياة وخدمة الوطن والمصلحة العامة اذا ما صيغت كلماتها وافكارها بشكل حقيقي و وجداني ليخلد اعمالهم في ضمير الأجيال المتتابعة و ليمثل الوفاء لدماء الشهداء ويجعل الانفس مشاريع خير كل من موقعه وعلى كل المساحات وفي كل المجالات وعلى جميع المستويات بلا استثناء في خندق الدفاع عن الوطن وحماية مقدراته.

الأمة الواعية العظيمة هي التي تحتفي وتحتفل بالشهداء، ليس فقط لترد الجميل لأهلهم وذويهم، ولكن لكي ترسخ في نفوس الأجيال الجديدة قيمة الشهادة وتزرع في نفوسهم معنى الانتماء للمبادئ والقيم للدين والوطن، فدماء الشهداء هي التي تفك جميع الاشتباكات وتحسم جميع الحروب وتحقق الانتصارات وترسم حدود الوطن ،خاصة اذا كان عن إيمان حق وإرادة وفية، لا إيمان إحساس مؤقت نفعي ، ومن الصدق شعاعاً يجعل المستقبل زاهياً يشرق على الامة، والإرادة الحرّة تحقّق ذاتها بما يؤدّي إلى الانتصار. فليس عاراً أن نُنكب، ولكن العار كلّ العار أن تحوّل النكبات الحرّة إلى ذلة مستعبَدة مكبّلة بقيود الذلّ والعبوديّة والاستسلام للمصالح الذاتية المحدودة .

إذ مرتّ على الأمم الحيّة القويّة المحن والصعاب، بل والنكبات، فلا يكون لها خلاص منها إلّا بالإرادة وبالبطولة المؤيّدة بصحة العقيدة، وإنّني لأرها في الطبقة السياسية الحالية الحاكمة المتسلطة على خيرات البلد وما أستشفّه في القادم من الأمل لتحقيق إرادة الشعب الا سراباً وتلوث إرادة الحياة والبقاء والاستمرار، لأنّ الطمع والاستسلام قد أعطى رصيده للكثيرين منهم ، وإنّ إملاءات القوى التي توغّلت في عمق العملية السياسية الحالية لم تعد ترى الصعوبة في فرض المزيد من مواريث الخراب ، وإنّ سنوات إهمال الحقوق وبصمات صكوك الاستسلام قد تستمر لسنوات ، فإذا كان الماضون قد شاهدوا المعتدين وقاوموا بذلّهم وظلّمهم، فإنّ من يتحكم في أجيال الحياة الجديدة والإرادة لم يعدوا يفكرون في وضع حدّاً لتوغلهم في اي مفصل من مفاصل الدولة بكل اريحية وعيون وايدي العملاء والمأجورين باتت تلعب بكل القيم نيابةً عنهم وتجاوزت سطوتهم كل الحواجز فساداً وظلماً، و أرقام الأيتام والأرامل تعد أرقاماً هائلة وخيالية لم تسبق في تاريخ العراق أو حتى دول المنطقة، وهذا ما خلفته السياسات التي تعمل وفق منهجية الاستبداد والتنفع لا على اساس خدمة الشعب والامة ، انما لفرض سلطتها وسطوتها وبسياسات عشوائة نقلت البلاد الى عصر التحجر والانحطاط .

إنّ إلارادة قد فرضت نفسها على المضحين وأعلنت عن وجودها بكلّ عناوين العزّ والفخار وهي تلوح كشمس العزّ مع وميض نور الكرامة و تشعّ في جباه الاجيال آمناً و ويفتخرون بانتمائهم لشعب سوف يصنع النصر القريب و يصنع الحياة ، ليجلس على صدور الظلمة من الجهلة اعداء الإرادة واعداء الوجود من المتخاذلين غضباً وقادرين الضرب على أيدي لصوص المال وردع السراق الذين لا يعرفون معنى الوطن ولا يدركون معاني الانتماء وليسوا قادرين على إدراك قيمة الشهداء فضلاً عن القيام بواجب الوفاء لدمائهم وتضحياتهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/15



كتابة تعليق لموضوع : لا تصنعوا من تضحيات الشهداء معاول للهدم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net