فساد الفرد ويوم الغدير
الشيخ عطشان الماجدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عطشان الماجدي

عمادة أركان المجتمعات البشرية هو الفرد وبما أن أكثر محاور الفساد بمعناه العام نابعة من الفرد ، فلذا له الأولوية في الاهتمام والرعاية ، ومما دؤبت عليه الأمم هو صلاحها مبتدأة من الفرد . لما له من تأثير كبير على الأجيال بل منهم من سوف يعتقده كقدوة له ، مما يدعو المجتمع البشري إلى التفكير جيدا لصلاح أبناءه فردا فردا ، و التي لا يتمكن من دونها بالاستمرار . و بما له من الأهمية بمكان ان باستطاعة الفرد الإنساني بناء بلد ما ، ويمكنه تدميره أيضا ، ماهي الاّ قرارات تتخذ ناتجها المنفعة المتبادلة العامة أو الشخصنة وحب الذات انتصارا للأنانية والحقد و مايتبع ذلك كله .
النبي صلى الله عليه واله وسلم تمكن ان يسود في جاهلية عجماء ليكون بينهم الصادق الأمين . وها هي المدنية المتطورة بأنواعها المتعددة لم تختلف عن تمييز عصر الجاهلية الأولى في حاجتها للصادق وللأمين . ولهذا حاولت الأمم السالفة والمعاصرة بكل ما أوتيت من قوة ، ان توجد الشخصية التي تتصف بالصفتين فجاءت بالقوانين والأنظمة واللوائح والنظم والقرارات و...ولكن كل حسب رؤياه ، وفكره الفلسفي أو الابداعي أو القومي أو الانتفاعي أو غير ذلك ...
كذلك الإسلام أعطى أولوية أهدافه بناء الإنسان مبتدأ بالفرد ، فكان بناءه فعلي عملي ، لا مصلحي أو تنظيري ، للمجموع لا للفرد .
منذ نشأته الأولى فيعطيه التكوين الفردي رافضا إسقاطه لمزاجات الأبوين ويتابعه لحظة تلو أخرى ومن شدة عنايته وملاحظته له فقد أوصى ببياض خرقة لفه البيضاء عند خروجه من بطن أمه..
وحينما أبصر وعقل فهم : دواؤك فيك وما تشعر وداؤك منك فلا تبصر أتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر......
ليجد نفسه ضمن منظومة متكاملة فيها مقومات العيش الكريم ، ناظرة بعين واحدة دون تمييز ، ترعاه ويرعاها ، تعطيه ويخدمها ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) وكما يحاسبهم ويعنفهم ويوبخهم ويطالبهم ، تلقّى الأوامر والتعليمات ان ( حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا) فالثواب والعقاب ، والوعد والوعيد ، كمنظم لجوارحه ، قانون سليم نافع للجميع ، لا يشعر بثقله ، بل مؤداه نافع للجميع ، تؤدي مخالفته الندامة الابدية . والتنظيم والرقابة والأحكام والأموال والخدمات والأعمال والنظم والقرارات والتوجيهات والخطط وتسيير أمور العباد والبلاد بأيد امينة من معصوم إلى آخر .....
اما غير الإسلام المحمدي الاصيل والذي بدوره يحاول البناء المجتمعي رافعا شعارات براقة فمنذ البدء يشجع على فصل الدين عن الحياة ، ليبيح العلاقات المحرمة أو يتغافل بداعي الحرية الزائفة أو العدالة الاجتماعية ، فيجد نفسه اِما ببيت صديق لإمه أو من سفاح ، وان ولد من ابويه ستتقاذفه الايدي العاملة كغيره ، لتصنع منه آلة رقمية أو حاسبة نقدية للتمويل المالي مع قنوات جوالة في فضاء الخلاعة والمجون والجنس الشاذ والكسب المالي وان كان على حساب الأرواح ، وان وفر إليه وسائل الراحة والترفيه والخدمات ولكن افرغه من أهم شيء في الوجود الآ وهو الدين ، فأصبح كائنا مسلوب العقيدة ....
(وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ قَالُوۤا۟ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ . أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا یَشۡعُرُونَ)
[سورة البقرة 12_11 ]
والأمة مهما أطلق عليها من مسميات إسلامية كانت أو علمانية أو مدنية أو غير ذلك...
ان لم تلتزم بالقواعد والنظم والسياسات الغديرية دون اعتراض ، ولم تنتهج طريقا واعداً رسم ب ( اسير بسيرة جدي صلى الله عليه واله وسلم وأبي امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ) لنقرأ عليها السلام .
لانها مهما تكن فيها من عظمة وابهة ، ممّا لم تراه الاعين ولم تسمعه الاذن ، ماهي الاّ عطايا الملوك والأمراء والقادة من مال لا يملكوه ..... ولكنها ليست عطايا ملك الملوك ومالك الملك... فتلك الأمم (مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِی ٱسۡتَوۡقَدَ نَارࣰا فَلَمَّاۤ أَضَاۤءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِی ظُلُمَـٰتࣲ لَّا یُبۡصِرُونَ . صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡیࣱ فَهُمۡ لَا یَرۡجِعُونَ)
[سورة البقرة 18_17_]
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat