كثر الجدل عند عديمي الخبرة والسذج وذوي النظرة القصيرة الذين لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم حول مصير الإتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية. رغم إن السيد مسعود البرزاني قالها بصراحة:إن جميع الكتل السياسية ترى إن بقاء القوات الأمريكية ضروري ولكن زعامات هذه الكتل عندما تتحدث أمام الأعلام تقول خلاف ذلك وتطلب من القوات الأمريكية الرحيل.وهذه مسرحية مكشوفة لا تنطلي على ذوي البصيرة والدراية. فالقرار متخذ وواضح وستبقى القوات الأمريكية بصيغة أو بأخرى .وسيأتي نائب الرئيس الأميركي جون بايدن ويضع النقاط على الحروف. وما على من يدّعون بولاية الأمر إلا أن يمسكوا أقلامهم بأيديهم المرتعشة وبإبتساماتهم الصفراء ويوقعوا على ما إتفقوا عليه سرّا.
إن بوادر إتفاق غالبية الكتل على ذلك واضحة. وظهرت من خلال زيارة بعض المسؤولين للسعودية بحجة العمرة, ولقاءهم الملك السعودي. وزيارة قام بها مسؤول كبير بالدولة العراقية عراب التواجد الأمريكي في العراق لنيويورك وبنفقة تكلف الخزينة العراقية مليوني دولار. وكل هذا يدور في هذه المسرحية.والمؤلف واحد والمخرج ذاته ولكن الممثلين يتبادلون الأدوار
وتكشفت الأمور أكثر بتصريحات السيد هوشيار زيباري الأخيرة المؤيد لبقاء القوات الأمريكية ولكن بصفة مدربين.
وما مظاهرة الشكر للحكومة التي جرت قبل فترة وجيزة إلا جزء من هذا المخطط. فعلى أي شيء نشكر الحكومة ؟ أعلى الأمن المنهار أم الخدمات المفقودة أم تفشي البطالة أم على الفساد المستشري؟ لا أدري على ماذا نشكر الحكومة .ولكنه جزء من الأتفاق( تحت الطاولة) وعلى حساب الشعب. ستمرر الأتفاقية بشكل وبآخر وبصيغة جديدة . وستكون هناك معارضة صورية و مسرحية لا غير.
إن من يريد إخراج المحتل عليه أن يطرح البديل للفراغ الأمني الذي سيحصل. ووضعنا الأمني ليس بخاف على أحد. قواتنا الأمنية مترهلة وغير كفوءة ويعوزها السلاح. وهي مخترقة من جهات داخلية وخارجية. وشكلت على أسس طائفية. و دوائرنا الأستخبارية والمعلوماتية شبه معدومة وبلا مهنية. ويعوزها الولاء للوطن والكفاءة. و بلدنا بلا سلاح جوي و بحري يؤمن مياهه وشواطئه .عصابات الجريمة المنظمة تصول وتجول في البلاد. بعد أن تخرجت بمهنية عالية من السجون العراقية التي تحولت الى جامعات إرهابية لا تستطيع أجهزة الدولة السيطرة عليها. وهروب السجناء أصبح خبرا تقليديا مع وجود ما يسمى بقوات مسلحة وقيادة عامة لها ولجنة أمن ودفاع في مجلس النواب أعطت مثلا فريدا في الفشل.إذن كيف نطالب برحيل القوات الأمريكية دون بديل. إن خروجها دون بديل خطأ فادح و تهريج وهتافات لا تقدم ولا تؤخر.وهذا جزء من المسرحية. فالكل لا يرون إلا ما يرى الباب العالي في واشنطن.وسينفذون ما يطلب.
تحدث العديد من المتحذلقين والسفسطائيين عن القضية, ولم يطرحوا الحل والبديل . ولا سيما هم لا ينكرون ولا يدارون ضعف قواتنا الأمنية وعجزها.وما الأحداث الدامية المتلاحقة في النخيب والرمادي وكربلاء ومقتل المسحوقين من المتقاعدين في كركوك وآخرها في الحلة... إلا تأكيد لذلك. فالعراق بحاجة لقوات أو شرطة دولية لحماية أمنه وحدوده وللحفاظ على سلامة العملية السياسية وحمايتها من الأنقلابات العسكرية. فمجلس الأمن لا يزال مسؤولا عن ذلك وفق البند السابع. وأمريكا تتحمل المسؤولية الكبرى لأنها هي من تسبب بالأنهيار الأمني, بعد أن حلت إدارتها المؤقته كل الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة العراقية ودمرت كل صنوف الأسلحة العراقية. وعليها مسؤولية المساهمة في تكاليف ذلك إن إضطر العراق للأستعانة بقوات دولية من دول غير الولايات المتحدة الأمريكية
إن الولايات التحدة الأمريكية والكتل السياسية المهينة على المسرح السياسي هي المسؤولة حتما عن كل ما نحن فيه. فهي من وضع دستورا تآمريا مشابها للدستورين الأيطالي والأسرائيلي .دستور سار به السياسيون كما يسير الغراب متفكئا متمايلا بخطى مضطربة حائرا لكثرة ما فيه من مطبات وألغام وتفسيرات مختلفة ومتعددة حسب الأهواء والمصالح .لقد منحنا هذا الدستور ديموقراطية وهمية زوّرت فيها إختيارات الشعب بتشريع قانون إنتخابات لصالح هذه الكتل. فأفرز مجلس نواب لا حول له ولا قوة . ولم يتحقق من هذه الديموقراطية سوى ضياع الأمن وتخريب البلاد وتعطيل ماكنتها الأقتصادية. و لا أمل لنا إلا بتغييرهذا الدستور الكارثي. و الكتل السياسية لا تريد التغيير وتعارضه كونه يسلبها الهيمنه. فإن حدث التغيير سيكون القرار للشعب وليس لها لأنه صاحب القرار.وعندها سيكون وجودها من الماضي والتاريخ.فقد إنتهى دورها سياسيا وبلا عودة.
فهذه الكتل التي سهل لها الأحتلال الأخذ بتلابيب الشعب والتلاعب بمقدراته ومصيره مسؤولة أمام العراقيين أولا, وعليهم سيقع الحساب. وأميركا مسؤولة أمام العراقيين و مجلس الأمن والمجتمع الدولي ثانيا ,لأنها المتسبب.ودول الجوار يجب أن تدفع الثمن ثالثا لما ألحقته بالعراق من خراب ودمار وقتل وتشريد.وكل هذا سيتحقق لنا لو إستعنا بمحققيىن دوليين.
الوضع الأمني داخليا واضح الهشاشة ومخترق ولا يسر أحد. ولا سيما إن هناك من دول الجوار من يتدخل ويرسل المجرمين أو يسهل أمرهم كما حدث في جريمة النخيب. فكيف عرف من قام بالجريمة إن هناك شيعة قادمون من سوريا الى العراق؟ ومن زودهم بالمعلومات ومواقيت السفر,ومن نسق وخطط من الأراضي السورية؟ أليس القيادة السورية وقواها الأمنية ومخابراتها هي الراعية لكل هذه الجرائم, كما ذكر ذلك السيد أبو ريشة قائد صحوة العراق؟ودور أيران والسعودية والكويت التخريبي جهارا نهارا لا يحتاج لدليل.
إن أجهزة بشار الأسد متورطة في كل هذه الجرائم وبشكل سافر.فما هو ببشار ولا يبشر بخير. بل نذير شؤم وغراب بين ينعق هو ونظامه الهمجي الدموي في أرض الشام ولبنان والعراق.
نحن بحاجة ماسة لقوات تحمي حدود بلادنا ومياهنا الأقليمية, ولمحققين دوليين لتشخيص وإحالة من يعبث بأمن البلاد داخليا وخارجيا أو من يدفع لذلك ويغذيه لمحاكم الجزاء الدولية . ولا مناص لنا إلا بتواجد مفتشين ومدققين ومحققين دوليين يكشفون لنا وللعالم من الذي يقتل العراقيين بالجملة وبدم بارد, ومن وراءه يدعمه ماديا ولوجستيا ومن سرق أموال الشعب لنوقف موجة الفساد المالي العاتية المستشرية في جسد الدولةالتي ليس لها شبيه في العالم .أما من يطالب برحيل القوات الأمريكية دون بديل فهو يسعى لخراب البلد وينعق فيه كالغربان.
نحن بأمس الحاجة لقرار دولي من مجلس الأمن ووفق البند السابع لقوات أو شرطة دولية لتحمي أمننا وتحافظ على بعض مكاسبنا التحررية من التغيير, وتمنع حدوث إنقلابات عسكرية يعد لها البعض بمساندة قوى الظلام الدولية والأقليمية. وبحاجة لمحققين ومفتشين دوليين. كما لنا الحق أن نطلب تعويضا ووفق القانون الدولي من أمريكا وكل من تسبب في ما وصلنا إليه وخاصة الكويت حيث منها إنطلقت قوات الغزو فدمرت العراق وتسببت في تدهور أمنه.
فبإنسحاب القوات المريكية دون بديل دولي نثق به يدخل العراق في فراغ أمني كبير. فلا بد لنا من قوات دولية محايدة ليست لها علاقة بالولايات المتحدة أو حلف الأطلسي وليست من دول جوار السوء الطائفية. ولا عيب في ذلك ولتكن لدينا الشجاعة لقول هذا إن كانت لدينا بقية باقية من الحرص على بلدنا وأمنه.لا أن نطرح هذا الموضوع دون بدائل. إلا إذا كان الهدف النفاق والتزلف لسلطة فاشلة لا يهمها إلا البقاء في السلطة على أشلاء الشهداء.والكرة الآن في ملعب كافة الكتل السياسية فليست الحكومة وحدها المسؤولة. لا أن تتربص هذه الكتل الواحدة بالأخرى لتحقيق مصالح طائفية أوعرقية أو تنفيذا لأجندات إقليمية أو دولية.وعليهم
تصحيح مسارهم السياسي فيأكدون للشعب إنتماءهم الوطني وإن مشاركتهم في الحكومة هي مشاركة لخدمة الوطن والمواطن لا التكسب والتسكع على أعتاب الأسياد .
وقبل أن أختم مقالتي هذه أوجه سؤالي لدولة السيد رئيس الوزراء .أليس أنت المسؤول الأول عن دماء الناس التي تراق كل ساعة وفي كل أرجاء العراق؟ ألم تقتنع لحد الآن إنك عاجز عن تحقيق الأمن لشعبك؟ ألم تقتنع لحد الآن إن القيادات الأمنية والعسكرية التي أنطت بها المسؤولية إما هرمت وشاخت أو هي غير مهنية وغير كفوءة؟ لأنها منحت رتبا فخرية تبوأت بموجبها المناصب. وليس لها من المؤهلات سوى الطائفية والعرقية. أليس من إخترته رئيسا للجنة الدفاع والأمن في مجلس النواب وكبير مفاوضيك مع الكتل السياسية الأخرى والذي عطل ويعطل كل إتفاق لأختيار وزراء للأمن والدفاع والداخلية الأستاذ حسن السنيد فشل في كل هذا ولا مؤهل له ليتصدى لأمور الأمن والدفاع؟ وماذا يقنع دولة السيد نوري المالكي أكثر من تصريح السيد قاسم عطا :إن العديد من حمايات الشخصيات الرسمية والحزبية متورطة في عصابات تقتل الأبرياء بكواتم الصوت؟ ألم تقتنع لحد الآن يا دولة الرئيس إن تجربة فاشلة دامت قرابة تسع سنين آن لها أن تنتهي؟ فالعراق بحاجة لحكومة أغلبية قوية تعلن حالة الطوارئ في البلاد, وتقيم محاكم خاصة,حكومة تنبثق من مجلس نواب مختار وفق قانون إنتخابات جديد . ليعيد صياغة الدستور. فلماذا لا تعيد القرار للشعب وتتخلى عن مسؤولية سيحاسبك الله على تقصيرك بها ؟ أم إنك تنتظر أن يباد الشعب بأكمله أو يقسم العراق كما يرى بايدن لتقتنع؟ حفظ الله العراق وشعبه وأخرجه من محنته وأزال الغشاوة عن مسؤوليه.
tmaztad@yahoo.com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
tmaztad@yahoo.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat