تأتي الفرصة مرة واحدة في الحياة لتشق طريق طويل كي تصل لما تريد، جميلة تلك الفرصة التي تكون هدية
على مدى شهرين، أحسست وكأني لم أفارق البيت، أراقب من مرتقاي يا أمي، كل الأحداث التي عشتها، كل لحظات حياتي
في دجى الليل الطويل وفي حلكته السوداء، دخل الى حديقة بيتها، طرق نافذة غرفتها وعيناه الزرقاوان غارقتان بالدموع، كأنها بحر
اتكأت على الجدارِ لتمسح قطرات الماء، التي رشحت على جبينها مِنْ أثر حرارة التنور، وحرارة الصيف
على مرّ التاريخ هناك رجالٌ تركُوا مواقفَ بطوليّة وسطّروا ملاحم خَلَدُوا مِن خلالها، وبقي ذكرُهم يتجدّد
رسالتها الأخيرة أقلقتني كثيراً (أريد أن أراك حالاً)، بالله ما الذي جرى لهذه المرأة الكبيرة الخاطر،
القضية ليست قضية حرب وهجومات وموت، القضية كيف يستطيع الانسان أن يصل الى أعلى
عند عتبات الوطن، لابد أن نخلع أسماءنا، نخلع ذواتنا لنكون شجراً حياً من أشجار الوطن.. لا اسم للشجرة
ما يزال ذلكَ الشَارع العريض، يؤججُ أحزانّه كلمّا مشَى فيهِ بضع خطوات، ويذرفُ دموع عينيه عند وقوفه
يعلم الله ويشهد أن بين جنبي لوعة تعتلج لرحيلك لا أعرف سبيلاً إلى التعبير عنها إلا القلم.. «آه يا أبا تحسين
أن يحبك الوطن ويحتويك فهذا حق لا لبس فيه، وأن تحبه انت فذلك واجب لا مندوحة عنه، وبين حبك
كنت أنظر الى الأحداث، ولا اعرف معناها، أعرف أن أبي كان تاجر سلاح، وهذه التجارة عندنا
حينما حلَّ الصباحُ برونقه وجماله الأخاذ، وأزاح نور الشمس الذهبي عتمة الليل الطويل عن سماء القرية، كانت
سلسلة القصص المشاركة في (مسابقة القصة القصيرة)
لرأسي حكايات عجيبة، فهو يورطني بأشياء كبيرة وحساسة نتيجة التفكير الجاد، وكأن الدنيا تخضع
الشهادة استحقاق، كان يرددها دائمًا، يا سبحان الله هل هذه صورته؟ هذا يعين أن للشهادة اشعة وهّاجة في
رسالتها الأخيرة أقلقتني كثيراً: (أريد أن أراك حالاً)، بالله ما الذي جرى لهذه المرأة الكبيرة الخاطر؟
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينفجر بها غضب (أبو محمد), تستيقظ الغيرة في غضبه، وتنهال