من البديهي أن مسألة إعدام السيد المسيح ( وصلبه ) عند النصارى تكاد تكون من أهم العقائد التي يؤمنون بها إطلاقا ولربما أهم من مسألة التثليث لأنها تمثل جوهر النصرانية بالنسبة إلى عقيدة الفداء والتضحية ، ولولاها لما كان لمسألة إعدام السيد المسيح أي معنى سوى أن اليهود تآمروا عليه وقتلوه بهذه الطريقة البشعة على حد زعمهم ـ فما يعتقده النصارى حول أسباب صلب السيد المسيح هو أن الله تعالى رأى أن يقدم أبنه الوحيد ذبيحة فداءا عن الخطية أو جريمة عصيان آدم أوامر الرب والتي بسببها دخل الموت إلى الجنس البشري كل ذلك جراء فعلته الشنعاء في الجنة هو وزجته التي خدعته ، فجاءت ذبيحة السيد المسيح قربانا عن الجنس البشري لرفع خطية الموت عن كاهل البشر ، ومنحهم الحياة الأبدية في الفردوس الأرضي أو السماوي وبالتالي فإن هذه التضحية هي التي أعادت البشر إلى الجنة مهما فعلوا في حياتهم الأرضية من جرائم وموبقات ومحرمات ، فقد تحمل عنهم ذلك السيد المسيح ، وما دام النصارى يأكلون لحم السيد المسيح ويشربون دمه في كل قداس فهم معفيون من ضرائب الجرائم التي اقترفوها في حياتهم الأرضية .
على أي حال ، عقيدة بهذه الأهمية يجب أن لا يدور حول فصولها الشك وخصوصا حول أهم فصل من فصولها ( الحاكم الذي حكم على السيد المسيح بالإعدام ) من هو ؟ ما اسمه ما شكله في أي زمن كان ، وكل هذا الاختلاف إنما جاء عبر فصول الإنجيل الذي وحسب رأي أتباعه لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه .؟
فماذا يقدم لنا الإنجيل ومفسروه من تأويل بهذا الشأن ؟
من هو بيلاطس ؟
بنطيوس بيلاطس شخصية يعتقد أنها تاريخية لها وجود دارت حولها الكثير من التساؤلات . فبعض المفكرين المسيحيين اعتبروه قديسا وضعت تماثيله مع تماثيل القديسين في أروقة الكنائس وبالتالي يجب أن يشمله دعاء القداس كبقية القديسين ! وأن زمنه يعود إلى فترة متأخرة عن فترة السيد المسيح . حيث لازلنا نرى تمثاله في أورقة الفاتيكان تشمله عناية البابا بالدعاء في كل صلاة .
وبعض فلاسفة المسيحية يعتبرون بيلاطس غير موجود وإنما هو رمزا إلى الضعف البشري أو مثالا للسياسي الذي يكون على استعداد للتضحية برجل واحد من أجل المحافظة على امتيازاته السياسية . وبالتالي فإن شخصية بيلاطس خيالية حالها حال الأمثال الكثيرة التي توجد في الإنجيل .
وفي قاموس الكتاب المقدس يعتبر الكثير من مؤرخي المسيحية أن (بنطيوس بيلاطس) لربما تكون شخصية حقيقية أو وهمية ولكن المهم أن اليهود في زمنه الصقوا به تلك التهمة التي لم يرتكبها على الإطلاق وذلك لأن روايات الرسل الأربعة متى ومرقس ويوحنا عن السيد المسيح إنما جاءت بزمن متأخر بعد وفاة السيد المسيح ، ولكن اليهود نسوا حقيقة أن الذي الصقوا به تهمة قتل السيد المسيح الوارد ذكره في الإنجيل إنما هو وال أسباني حيث يشير اسمه إلى انتمائه إلى قبيلة بونتي وهم نبلاء سمنيون من تلك المنطقة ، أما الوالي الروماني الذي حكم فترة وجود السيد المسيح فهو من الأعيان الرومان عينه الإمبراطور الروماني طيباريوس سنة 26 بعد الميلاد. وكما يُعرف فإن حكّام الولايات الرومانية عادة رجالا من طبقة الفرسان . نبلاء أدنى مرتبة من الأرستقراطيين الذين يحق لهم العضوية في مجلس الشيوخ . وأما بيلاطس المتهم بقتل السيد المسيح ، فهو آمر كتيبة في الجيش متدني الرتبة كان مأمورا بجمع الضرائب غير المباشرة وضريبة الرأس التي كانت تؤخذ على اليهود في تلك المنطقة . وكما هو معروف فإن القضايا التي تستلزم عقوبة الإعدام كانت تحال إلى حاكم الولاية الذي يمثل سلطة الإمبراطور القضائية العليا .
الأمر الآخر ـ إذا سلمنا جدلا بأن بيلاطس هو حاكم المنطقة التي أعدم فيها السيد المسيح ـ فإن مسألة إعدامه تبقى لغزا محيرا وذلك لأن كل القضايا التي تستحق فيها عقوبة الإعدام فإنها تحال إلى المفوض الإمبراطوري في سورية، وخذ مثالا على ذلك مسألة إعدام باراباس الذي بقي في السجن أشهرا عديدة حتى جاء أمر إعدامه من والي الإمبراطور في سوريا ، بينما يسرد لنا الإنجيل وقائع محاكمة وإعدام السيد المسيح بأنها جرت في ساعات قليلة من إعدامه في ولاية تابعة لمنطقة المفوض الإمبراطوري ؟! وهذا ما لا يحدث إطلاقا تحت ظل القوانين الرومانية الصارمة التي يرعاها مجلس الشيوخ .
ومما يؤكد ذلك وأن السيد المسيح لم يتم اعدامه أو حتى لم يرد أمر بإعدامه ، ورود نص في الطبعة الأمريكانية من ا لإنجيل يقول بأن بيلاطس أرسل السيد المسيح إلى هيرودس ليحكم عليه لأن بيلاطس كان تابعا لهُ : (( وبعد أن تحقق أرسلهُ إلى هيرودس الذي كان هو أيضا في أورشليم في تلك الأيام فازدراه هيرودس مع جنوده الحرس وأرجعهُ إلى بيلاطس )) . هذا النص برمته اختفى من بقية الأناجيل ولم يرد له ذكر إلا في إنجيل لوقاوحده فتدبر !
أغلب الذين كتبوا في تلك الفترة وبعدها ومنهم على سبيل المثال (فيلون و فلافيوس و يوسيفوس) وهم من أهم مؤرخي تلك الفترة وممن عاصر أحداث المسيح وبعدها . لم يذكروا بأن حاكم منطقة اليهودية الروماني بيلاطس قد أعدم شخصا بإسم يسوع أو يسيا أو يسي ، بل ان المؤرخ اليوناني تاسيتوس ـ وهو مؤرخ يهودي ـ ذكر بعد مضي الكثير من الأعوام بأن بيلاطس أعدم رجلا اسمه ( كريستوس ) وهذا هو المرجع الوحيد الذي يعتمده النصارى مع الأناجيل الأربعة ، علما بأن تاسيتوس متأخر عن بقية المؤرخين المذكورين ! وفي طبعة الكتاب المقدس الأمريكانية قال : بأن بيلاطس طلب من اليهود أن يطلق لهم إما (يشوع باراباس) أو (يسوع الملك) ، وهنا اشتبه على النساخ بأن المعدوم هل هو يشوع باراباس أو يسوع حيث أن الكلمتين في العبرانية قريبتان بصورة كبيرة . ويبدو أن الذي أعدمه بيلاطس هو يشوع بارباس الذي قاد تمردا كبيرا على القيصر فتم قمع التمرد والقبض على (يشوع باراباس) وسجنه إلى حين إعدامه ، وأكثر المراجع التاريخية أو من أرخوا لتلك الفترة يؤكدون على أن المعدوم كان يشوع باراباس ، علما أن الإنجيل نفسه يطلق على السيد المسيح اسم يشوع الناصري فتأمل .
ولتبرير هذا الاختلاف ادعى النصارى : بأن المؤرخين الرومان خلال القرنين الأولين تجنبوا عموما ذكر يسوع لأن الحكام الرومان في ذلك العصر كانوا يحاولون قمع المسيحية ! . وهذا العذر لو صح فإنه بمثابة الكارثة التي تحل على رأس المسيحية ، حيث أنه يؤكد فترة سبات تمتد لأكثر من قرنين من الزمان لم يدون فيها المؤرخون الرومان شيئا عن السيد المسيح ! ولا حتى الإنجيل لربما وذلك للخوف من الدولة الرومانية التي كانت تقمع الدين الجديد وتحاول القضاء عليه بأي سبيل ، فهل يُعقل أن يترك الرومان الكتاب المقدس ولا يشمله المنع او الاعدام أو التغييب ؟
وفي مراجعة سريعة لما ورد من تصريحات وردت على لسان بيلاطس نفسه ـ هذا إذا سلمنا جدلا بأن بيلاطس هذا هو المعني ـ نجد أن السيد المسيح لم يرتكب جرما يستحق عليه الإعدام ، فكيف أعدمه الحاكم الروماني خلافا للقانون الذي يمنع من تنفيذ حكم الإعدام من دون الرجوع إلى الوالي الأكبر في سوريا أو توفر الدليل القاطع والجرم المشهود لإعدام أي شخص وفق القوانين المرعية ، فقد ذكر الإنجيل في يوحنا ولوقا بأن بيلاطس بعد التحقيق مع السيد المسيح حول التهم الموجهة ضده من قبل اليهود وجده بريئا ولم يشكل أي تهديدا لروما وهي التهمة الوحيدة التي يستحق فيها المجرم الإعدام كما جاء : (( لا أجد جُرما على هذا الإنسان )) . راجع إنجيل لوقا الإصحاح 23 : 4
ولابد هنا من وقفة تأمل في النصوص التي وردت في بقية الأناجيل وعلى مختلف الطبعات حول قول بيلاطس هذا والعجب أن تختلف كل هذا الاختلاف والنصوص هي :
في متى قال بيلاطس لليهود : (( وأي شر فعل ))
وفي يوحنا قال بيلاطس لليهود : (( لا أجد سببا للحكم عليه )) .
وفي لوقا قال بيلاطس : (( لا أجد جرما على هذا الرجل ))
وفي يوحنا من الطبعة الأمريكانية قال بيلاطس : (( أنى لا أجد فيه ذنبا))
وفي متى من الطبعة نفسها قال بيلاطس : (( وأي أمر رديء فعل )) .
وفي لوقا حسب كتاب الحياة قال بيلاطس : (( لا أجد ذنبا في هذا الإنسان)) .
يوحنا أضاف نصا غريبا لم يرد في بقية الأناجيل حول إعدام السيد المسيح حيث قال أن امرأة أرسلت إلى بيلاطس تنصحهُ وتقول له : (( إياك وهذا الرجل الصالح ، لأني تألمت الليلة في الحلم كثيرا من أجله)) . ولكن في كتاب الحياة (الإنجيل) الترجمة التفسيرية أن هذه المرأة كانت زوجة بيلاطس والنص كما جاء: (( وفيما هو جالس على منصة القضاء أرسلت إليه زوجته تقول : إياك وذلك البار فقد تضايقت اليوم كثيرا في حلم بسببه )) متى الإصحاح 27 : 19.
فيوحنا في هذا النص بدا مترددا وكأنه في شك من شخصية المرأة من هي ولذلك أوردها بصورة مطلقة !
من المؤكد أن اليهود القوا التهمة برقبة رجل روماني لا ينتمي إليهم وذلك للتخلص من تبعة محاولة قتل السيد المسيح كعادتهم في إلصاق التهم بالآخرين ، وعندما وضعوا ذلك في الإنجيل نسوا مفردات تعامل الرومان مع من يقتلونهم فسردوا الواقعة من وجهة نظرهم فوقعوا في خطأ قاتل فضح العوبتهم ، فقد ذكروا بأن الوالي الروماني بيلاطس عندما حكم على السيد المسيح بالإعدام أمر بجلده وسمح للجنود أن يهزئوا به ويضربوه ويبصقوا عليه ثم (( طلب ماءا وغسل يديه مدعيا أنه برئ من دم يسوع )) إنجيل متى الإصحاح 27لا: 24 .
ولكن لم يكن جلد المحكوم والسخرية منه أو البصاق عليه من عادات الرومان ولاغسل اليدين عادة رومانية ، بل طريقة اتبعها اليهود لإعلان عدم الاشتراك في سفك الدم كما نقرأ في التوراة : (( ويغسل جميع شيوخ تلك المدينة القريبين من القتيل أيديهم ويصرخون ويقولون أيدينا لم تسفك هذا الدم وأعيننا لم تبصر)) سفر التثنية 21 : 6 .
ولم يكن بيلاطس يهوديا أبدا كما يذكر الإنجيل نفسه بل كان (وثنيا ).
ومن هنا نرى البابا يوحنا بولص الثاني قام بظلم فادح تجاه بيلاطس ، وذلك برمي تهمة قتل السيد المسيح في عنقه وابراء اليهود من دم السيد المسيح وذلك اتكاءا على أن بيلاطس كان وثنيا يعبد الآلهة الرومانية ولم يكن يهوديا وهو الذي وقع على إعدام السيد المسيح ولذلك فإن بيلاطس هو المسؤول وليس اليهود وهذا مخالف حتى للأناجيل نفسها التي يتعبد بها البابا.
وإذا سلمنا جدلا بأن بيلاطس هذا هو المعني ، فإن أغلب الروايات تقول بأنه أصبح نصرانيا وأنتحر ، ومن هنا رسمه النصارى قديسا وقد ذكر ذلك أفضل المؤرخين منهم أوسابيوس في كتابه الذي وضعهُ في أواخر القرن الثالث واوائل القرن الرابع . فكيف نجمع بين بيلاطس الوثني ، وبين بيلاطس القديس الذي لازالت تماثيله تملأ أروقة الفاتيكان. على ماذا تشمل بيلاطس صلاة الغفران طيلة قرون وإلى يوم الناس هذا حيث أنه جرت العادة على الاستغفار للقديسين في الصلاة .
ولكن لماذا اختار اليهود شخصية بيلاطس لرمي تهمة قتل السيد المسيح في رقبته ؟
كان اليهود يكرهون بيلاطس كرها شديدا لأن هذا الحاكم الروماني أوقع بهم في عدة مناسبات وقتل منهم الكثير وكان يسخرهم للعمل في شق القنوات المائية ويصادر أموال الهيكل ـ المعبد ـ فكان من الطبيعي أن يستهدفوه في سهامهم ويجعلوه غرضا لذلك . يضاف إلى ذلك أن بيلاطس هذا كان على راس جامعي الضرائب من اليهود، وكان يتفنن في استخراج الضرائب منهم فكان اليهود يستهدفونه حتى انهم خططوا لاغتياله عن طريق فرقة الخنجريون السيئة الصيت. وهذا من عادات اليهود الذين يزورون تاريخ أي شخصية تسبب لهم الأذى حتى لو كانت تلك الشخصية على حق كما فعلوا مع هتلر حيث نسبوا إليه كل الجرائم وصوروه على صورته القبيحة لكي يخفوا تعاونهم معه في إبادة يهود الشتات العاديين وإرسال يهود النخبة إلى فلسطين وعددهم أكثر من مليون يهودي ولغرض تبرير سبب اختفائهم من أوربا هم وأموالهم اخترعوا قصة المحارق والصقوها بهتلر بعد موته ، حيث انه من المعروف أن في جيش هتلر كان يعمل أكثر من أربعين جنرالا يهوديا ومن المقربين لهتلر ولما كان الإعلام بأيدي اليهود وكان ستالين وبريطانيا وأمريكا تقف معهم استطاعوا أن يشوهوا سمعة الرجل ويضيفوا له الكثير من الموبقات والجرائم التي هو برئ منها ولو شئت اقرأ مذكرات هتلر .
كما أنهم فعلوا ببيلاطس ذلك حيث أن أكثر المؤرخين في ذلك الزمان كانوا من اليهود أمثال يوسيفوس الذي نسب إلى بيلاطس مسألة إعدام السيد المسيح في حين نرى أن الأناجيل تبرئ بيلاطس من ذلك حيث ثبت بالنص أن بيلاطس كان يرى يسوع بريئا من التهمة ولذلك اعدم يشوع باراباس الذي كان حكم إعدامه قد وصل من سوريا. وقد وجه يوسيفوس تهما أخرى إلى الوالي الروماني بيلاطس حيث يروي لنا هذا المؤرخ اليهودي بأن بيلاطس قمع اليهود بشدة عندما اعترضوا على إدخاله الصور والرايات المصورة إلى اليهودية ـ أورساليم ـ : أن الحكام الرومان تجنبوا إدخال الرايات العسكرية التي حملت صور الإمبراطور إلى أورساليم مراعاة لمشاعر اليهود الذين عارضوا صنع الصور والتماثيل . ولأن بيلاطس لم يحذُ حذو هؤلاء الحكام ، ثار غضب اليهود وسارعوا إلى الشكوى عند الوالي الأكبر في سوريا فأمر بيلاطس بتطويق المعارضين وتهديدهم بالإعدام ما لم يتفرقوا . لكن اليهود قالوا أنهم يفضلون الموت على أن تنتهك الشريعة ، فكان هذا أول عداء بين اليهود والحاكم الروماني بيلاطس فتمعن .
وذكر يوسيفوس أن بيلاطس بدأ بالعمل على إنشاء قناة لجر الماء إلى أورساليم وقد استخدم أموالا من خزانة الهيكل لتمويل المشروع ، فاحتشد آلاف اليهود للتعبير عن استيائهم فجعل بيلاطس جنوده يندسون في الجميع ويضربون اليهود بالهراوات ويفرقونهم ، فمات جمع كثير من اليهود .
ويذكر هذا المؤرخ بأن آخر ما سجله التاريخ عن حياة بيلاطس المهنية ، هو قمعه لجموع اليهود الذين تجمعوا على جبل جرزيم للعثور على كنوز زعموا أن موسى دفنها هناك فتدخل بيلاطس وقتل جنوده عددا كبيرا منهم .
هذا التاريخ الأسود الذي تمتع به بيلاطس مع اليهود كان حفيا بهم أن يلصقوا به أشنع التهم على الإطلاق وهي مسألة قتل السيد المسيح .
المريب أنه بعد هذه المرحلة لا يأتي التاريخ على ذكر بيلاطس الذي ورد ذكره فيما بعد على أنه شخصية أسطورية ، وآخر من ذكره هو أوسابيوس الذي وضع كتاباته أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع حيث قال بأن بيلاطس انتحر بعد أن عزله حاكم سوريا لوقيوس فيتليوس الذي كان أرفع مقاما من بيلاطس ، وفي رواية أخرى أن هذا الأخير أمر بيلاطس بالذهاب إلى روما لتبرير أفعاله مع اليهود أمام الإمبراطور طيباروس إلا أن الإمبراطور مات قبل وصول بيلاطس إلى هناك ، وهذه الروايات كُتبت بعد أربعمائة سنة من ذهاب السيد المسيح فكيف يُركن إلى دقتها.
من بين كل هذه التراكمات والتشويهات والتباينات التي حفلت بها لأناجيل حول صلب السيد المسيح وقتله والتي تقف ورائها الأصابع اليهودية، جاء القرآن مصححا مفندا لما يزعمه النصارى في أناجيلهم من قتلهم لعيسى بن مريم ومن صلبه بتلك الصورة المشينة التي لا تليق بني جاء يحمل رسالة السلام والمحبة إلى العالم في ذلك الوقت فقال القرآن . (( وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا . بل رفعهُ الله إليه وكان الله عزيزا حكيما)) . سورة النساء آية 158 .
فالقرآن يمارس هيمنته على الكتب السماوية ويصحح التحريف في المسائل المهمة التي علقت في الكتب الموجودة عن قصد أو بدون قصد حيث أن اعتقاد المسلمون هو أن في الكتب السماوية الموجودة هذه الأيام شيء من الصحة ومن ذلك آيات التوحيد وبعض الآيات التي تذكر تواضع السيد المسيح .
فالقرآن هنا يقول : وما قتلوه وما صلبوه فالصلب هنا ينفيه أيضا الكثير من النصارى وقد تعرضنا إلى ذلك في كتابنا ( لمحات من فترة الاضطهاد الديني في أوربا ) حيث أن بعض الحركات الإصلاحية الدينية كانت تنكر على الكنيسة الكاثوليكية الكثير من عقائدها، وقد برزت في القرن العشرين الكثير من المذاهب في أوربا وأمريكا منهم شهود يهوه ، والمورمون وجيش الرب وغيرهم ، ولكنهم لا ينكرون الصلب إنما ينكرون أن يكون السيد المسيح قد صلب بالطريقة التي يذكرها بولص في إنجيله وإنما علق على خشبة تشبه الوتد ، حيث أن الدولة الرومانية في ذلك الزمان كانت تصلب الخارجين على القانون على وتد كما في الصورة المرفقة. وسوف نأتي على ذلك في بحث مفصل بعد هذا البحث إنشاء الله وهو بعنوان : على ماذا صُلب السيد المسيح ؟
الإنجيل نفسه ينفي فكرة الصلب من الأساس وعلى لسان السيد المسيح حيث يقول المسيح مخاطبا جموع اليهود الذين كانوا يتآمرون على قتله : ((أنا معكم زمانا يسيرا بعد ثم أمضي للذي أرسلني . ستطلبونني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا. فقال اليهود فيما بينهم إلى أين مزمع هذا أن يذهب حتى لا نجده.. ما هذا القول الذي قال ستطلبونني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا)) . أنظر إنجيل يوحنا الإصحاح 7 : 35 .
فالمسيح هنا يؤكد في هذا النص بأنه سوف يذهب ولا يستطيع أحد أن يعثر عليه ولا يستطيع أي أحد كذلك الوصول إليه لأنه سوف يكون في مكان صعب المنال. والسيد المسيح عندما وجه خطابه لليهود فهو بذلك ينبئهم بما في نفوسهم مما سوف يدعونه بأنه قُتل أو صلب وهذا الإنجيل يتكلم بوضوح في النص الآنف الذكر بأن اليهود أنفسهم تساءلوا إلى أين يذهب هذا . فيقول لهم أن الله سيرفعني إلى مكان لا تستطيعون الوصول إليّ فيه لتنفيذ مؤامراتكم وقد أيد هذه الحقيقة المفكر بتراند رسل فقال : كانت طائفة الدوسبين المشبهين قد ذهبوا إلى أن المسيح لم يكن هو الذي صلب ، بل بديل أشبه به ، وقد ظهر رأي مماثل لذلك في الإسلام .. .
وفي قوله تعالى : (بل رفعهُ الله إليه) هناك ما يؤيد ذلك حيث أن النصارى سكتوا على أمر هام جدا وهو مسألة اختفاء يهوذا الاسخريوطي الذي دل على السيد المسيح . فبعد إلقاء القبض على السيد المسيح كما يزعمون أحتار اليهود في من هو الذي اختفى؟ الاسخريوطي ، أو السيد المسيح ! فإذا كان المصلوب أمامهم هو المسيح فأين يهوذا. وإذا كان يهوذا هو المصلوب . فأين السيد المسيح ؟ وقد أشار تعالى إلى ذلك فقال ( بل شبه لهم) ولكنهم في النهاية حسموا الأمر واستسلموا للأمر الواقع وقالوا بأن المصلوب هو المسيح وسرقوا جثة المصلوب من القبر لكي لا تتضح الحقيقة عند انجلاء النهار لأن المعدوم حوكم وأعدم على ضوء المشاعل وسكتوا عن اختفاء يهوذا لأن البحث في هذه المسألة ليس في صالحهم خصوصا إذا علمنا أن يهوذا يشبه السيد الميسح من حيث الشكل . ولكن قول السيد المسيح وهو يشرح عملية صعوده إلى السماء ينفي قول كل من يدعي بأنه صلب ، حتى الرسامون ممن يحملون ثقافة دينية صحيحة رسموا صور السيد المسيح وهو يرتفع إلى السماء من بين أصحابه بعد ليلة العشاء الأخير تحف به الملائكة في مشهد عام . وعنوان اللوحة هو (صعود المسيح للسماء ) . وقد اختار الرسام هذا النص الإنجيلي من بين جميع نصوص الصلب والقتل والقبر وغيرها لأنه وجد أن النص صحيحا ويقبله العقل والمنطق لأنه يعطي قيمة لنبيهم بدلا من تلك الطريقة المزرية التي يصورونها للمسيح ولأن عملية ارتفاع السيد المسيح إلى السماء هو الوحيد الذي جاء على شكل خاتمة للأناجيل : (( ثم أخذ تلاميذه وصعد إلى الجبل وبينما كان يكلمهم رُفع إلى السماء)) إنجيل مرقص الإصحاح 16 : 19
وهنا يتدخل القرآن فيثبت القول الصحيح وينفي ما دونه من أقوال فيقول: وما قتلوه وما صلبوه بل رفعهُ الله إليه.. وما قتلوه يقينا. ويؤيد هذا النص القرآني قول الإنجيل نفسه الذي ينفي قتل أو صلب السيد المسيح حيث يذكر الإنجيل هذه الآيات الغريبة التي غفل عنها النصارى ولو شعروا بها من البداية لرفعوها وهي ما ذكره متى في إنجيله: ((وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلى الجليل ، إلى الجبل حيث أمرهم يسوع ، ولما رأوه ، سجدوا له ، ولكن بعضهم شكوا)) . إنجيل متى الإصحاح 28 : 17هذا ما رواه متى فأين التلميذ الثاني عشر ؟؟ أليس اختفاءه يدل على أنه المعدوم الذي شُبه لليهود فقتلوه بدلا من السيد المسيح ؟ .
وهذا ما أكده مرقص في إنجيله أيضا فيقول: (( أخيراً ظهر للأحد عشر وهم متكئون ، ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه)) إنجيل مرقص الإصحاح 16 : 14.إجماع الأناجيل على اختفاء التلميذ ـ الحواري ـ الثاني عشر يدل دلالة واضحة على أنه قد حدث لهذا التلميذ حدث مهم وخطير وإلا بماذا يعللون سبب اختفائه وعدم حضوره؟ صحيح أنهم يقولون بان يهوذا سقط على الأرض وانشق بطنه ومات ، ولكن وقعوا في مصيبة أكبر حيث أن طريقة موته اختلفت فيها الأناجيل اختلافا مريعا فاضحا، فلو أنهم سكتوا لهان الأمر عليهم ولكنهم تخبطوا بشكل مثير للشفقة فبعض الأناجيل يقول بأنه انتحر ندما ، والبعض الآخر يقول بأنه عثر وسقط على الأرض وانشق بطنه ومات . بينما سكتت الأناجيل الأخرى عن ذكر حتى اسمه فلم تورد له موتا ولا حياة ولا نشورا.
نعم لقد كان التلميذ الثاني عشر يهوذا خائنا فعندما حاول خيانة سيده وجاء مع الجنود الرومان لكي يدلهم عليه لأنهم لم يكونوا يعرفونه ، ألقى الله تعالى الشبه على يهوذا فاختلط الأمر على اليهود والجنود فاعتقلوا يهوذا وأعدموه ، ومن هنا نرى عدم حضوره على الجبل وفي أماكن أخرى بل حضر فقط احد عشر تلميذا وهنا يأت القرآن الكريم مصححا فيبين أن الذي قتل ليس السيد المسيح بل شخص آخر ألقى الله تعالى عليه الشبه فقال بصريح العبارة (بل شُبه لهم).

التعليقات
يوجد 19 تعليق على هذا المقال.
نقول :
لم يكن القرآن بعيدا عن الفهم الحقيقي لقضية السيد المسيح عليه وعلى أمه افضل التحية والسلام .
والقرآن لم يذهب بعيدا عن الكتب الأربعة للنصارى المتداولة الآن ولو كان الإنجيل الصحيح موجودا لما رأينا القرآن يختلف في قضية السيد المسيح .
الشبهة او الشك الحاصل في شخصية السيد المسيح لم ينفرد بها القرآن ، بل أن كتب مذكرات التلاميذ الأربعة اكدت بأن هذه الشبهة موجودة وان الذين ارادوا قتل المسيح لم يعرفوه وإنما استعانوا بدليل من أقرب الناس للمسيح ذلك هو تلميذه يهوذا الاسخريوطي . فماذا يقول النص تعال معي وانظر :
(( وفيما هو يتكلم اذا يهوذا واحد من الاثني عشر قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. 48والذي اسلمه اعطاهم علامة قائلا الذي اقبله هو هو.امسكوه. 49فللوقت تقدم الى يسوع وقال السلام يا سيدي.وقبله. 50فقال له يسوع يا صاحب لماذا جئت.حينئذ تقدموا والقوا الايادي على يسوع وامسكوه)) أنظر متى الإصحاح 26 : 47
فإذا كان اليهود وهذا الجمع الكثير وشيوخ الشعب والكنهة كلهم لا يعرفون يسوع حتى استعانوا بدليل يعرفه جيدا ومن تلاميذه فلماذا نلوم القرآن عندما يقول :
وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن (آية:157):
هل رأيت عزيزي القارئ المحترم كيف أن القرآن يقول ان هؤلاء لم يكونوا يعرفون المسيح وليس لهم به علم إلا اتباع الظن . وهذا القول لا يخرج عن قول متى في أن كل هذه الحشود مع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب والجنود الرومان لم يعرفوه حتى استعانوا بدليل .
ثم أن النص يوحي لنا بأنه لربما أن يهوذا كذب عليهم عندما اعطاهم علامة قائلا لهم الذي اقبّله القوا الأيادي عليه . فما يدرينا أن يكون يهوذا قد ضحى من أجل انقاذ سيده فوضع يده على شخص فيه شبه من السيد الميسح خصوصا وأن النص يخبرنا بأنهم لا يعرفوه ، فألقوا القبض عليه بدلا من المسيح واعدم . هذا الاحتمال وارد تحت ظل قول متى في أن كل تلك الحشود لم تكن تعرف السيد المسيح . وأنا أميل إلى هذا الرأي من أن يهوذا وبتدبير من السيد المسيح اتفقا على ذلك وصور يهوذا نفسه خائنا من أجل انقاذ سيده ، وأن الذي أعدم مكان السيد المسيح نال الشهادة والجنة كما تنقل لنا رواية سنذكرها فيما يأتي . وما الفرق فقد نال قبله الشهادة التلميذ استفانوس الذي قتله بولص رجما بالحجارة ولم يتنازل عن مبادئ السيد المسيح .
نحن المسلمون عندنا رواية جدا جميلة تؤيد هذا النص ننقلها هنا تعميما للفائدة ليس إلا .
جاء في تفسير الطبري طبعا الراوي وهب ابن منبه وكان من علماء النصارى .
8571ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب القميّ, عن هارون بن عنترة, عن وهب بن منبه, قال: أتـى عيسى ومعه سبعة عشر من الـحواريـين فـي بـيت, وأحاطوا بهم, فلـما دخـلوا علـيهم قال عيسى لأصحابه: من يشتري نفسه منكم الـيوم بـالـجنة؟ فقال رجل منهم: أنا. فخرج إلـيهم فقال: أنا عيسى , فأخذوه فقتلوه وصلبوه. فمن ثمّ شُبّه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى, وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى, ورفع الله عيسى من يومه ذلك.
طبعا الرواية طويلة ولكننا اختصرناها وكما قلنا فإن الراوي هو من علماء النصارى الذين اسلموا وهو وهب ابن منبه .
إذن فإن هذه الرواية ، ورواية متى المذكورة تؤكد بأن من جاؤوا لقتل السيد المسيح لم يكونوا يعرفونه على الرغم من عددهم الكبير وشخصياتهم الدينية والعشائرية والعسكرية إلا أنهم شبه لهم في أمره ولذلك استعانوا بدليل ليدلهم عليه .
فماذا بعد الحق إلا الضلال .
السلام على من اتبع الهدى .
طبعا ابتدأ الأخ جورج رده بهذا القول :
بإستحالة تحريف الكتاب المقدس حتى هذه الساعة، ما قبل الإسلام وفي عهد الإسلام ولغاية الآن،
كيف تريدني أن أناقشك وانت منذ بداية مداخلتك ، تطلق على هذه الترجمات لمذكرات الرسل وأقوالهم وآرائهم الشخصية ورسائلهم فيما بينهم ـ كما سترى ـ تطلق عليها كتاب مقدسا ، ولا أدري هل تعني أن الكتاب المقدس المعني هنا هو كتاب الإنجيل الذي تركه مثلا السيد المسيح مكتوبا ومطبوعا أو غيره . لا تقل لي قال القرآن لأن القرآن عندما يذكر شيء إنما يقصد الصحيح وليس هذه المذكرات فكل ما ذكره القرآن حول التوراة والإنجيل إنما يقصد بهما الأصليتين . إين هما أين اصولهما التي كتبت باللغة الأصلية . لا يوجد إنما الذي يوجد هو الإنجيل بحسب متى ، أو بحسب لوقا ،أو بحسب يوحنا . فأين الإنجيل بحسب يسوع المسيح ؟
ثم تقول :
آمن المسيحيون منذ البدء بصلب المسيح!
لم يؤمن المسيحيون كلهم بصلب المسيح ، وبما أنكم لم تحسبوا النصارى من المسيح فهؤلاء لم يؤمنوا بالصلب . وبعض الحركات الإصلاحية في هذا ا لوقت أيضا بدأت تنكر صلب المسيح . وقد أوردت أنت بعضا من هؤلاء المنكرين لعملية الصلب .
وتقول : ((وماقتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم))
الآية المذكورة اعلاه : آية وحيدة ونصّ غير واضح:
وماذا في ذلك وأن أمة عظيمة من الناس تعتقد بأنه سوف يظهر ميسحان في آخر الزمان . المسيح الدجال والمسيح بن مريم ، فيُقتل الأول ويبقى الثاني .
بالنسبة لكم وحيدة وغير واضحة لأنكم تعودتم على ما جاء في كتب المذكرات الأربعة أو سمها الترجمات حيث الاختلاف والتضارب للجملة الواحدة او أن متى يأتي على ذكر الجملة ثم ينقضها لوقا أو ينفيها يوحنا وهكذا ، والقرآن هنا يذكر نصا واحدا يخاطب به العقول التي تفهم على قدر مستوياتها فيعطيها المجال للتحرك ولا يقيدها بتكرار النص ، وكلمة شبه لهم واضحة لا غبار عليها .
وأما قولك :وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ. أن اليهود لو اعترفوا بأنه رسول الله لآمنوا به ،
فهذا من تفسيراتك أنت لأن المعنى في هذه الآية أن اليهود كانوا يسخرون من عيسى بأنهم قتلوا رسول الله الذي لم يقدر ربه على حمايته . وكثيرا ما كانوا يستهزأون بالرسل مثل قولهم : أهذا الذي بعث الله رسولا . وهكذا
وتقول :
- " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَ فَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُون
لا تكن انقائيا تختار ما يناسب هواك ، فقوله ((وقفينا من بعده بالرسل)) ، ولم يقل بالرسول حتى تجر المعنى إلى عيسى فتقول بأن اليهود كذبوا موسى وقتلوا عيسى . وقوله ((وفريقا تقتلون)) يشير إلى عملية ابداة جماعية للرسل وليس عيسى وحده . وكما جاء في الروايات فإن اليهود قتلوا اكثر من سبعين نبيا . ولا زالوا إلى هذا اليوم يقتلون كل من لم يسير في هواهم من العلماء والمفكرين وهم مثل الأنبياء في هذا الزمان نظرا لأفكارهم الخلاقة . ولو ظهر عيسى في آخر الزمان حسب ما نعتقده نحن فإن اليهود والمسيحيين سوف يُقاتلونه أشد قتال واشرسه ، ولا يؤيده غير ((النصارى والمسلمين)) الذين ذكروه بكل خير وحفظوا له كرامته هو وأمه . فأنتم المسيحيين اول ما يقاتل عيسى حال نزوله من ا لسماء وانتم جنود ياجوج وماجوج الذين اشار إليكم بوش قبل احتلال العراق في حديثه مع الرئيس الفرنسي . فتمعن
أنظر يا سيدي أنا جئت على نقد ما دونه اصحاب الكتب الأربعة في مذكراتهم وبينت اختلافهم في عملية الصلب ومن هو الذي صلبه . وكيف أن المسيح سوف اذهب إلى مكان لن تقدروا أن تصلوا إليه حتى أن اليهود تساءلوا عن هذا المكان المزمع أن يذهب إليه بحيث أنهم لا يقدروا ان يصلوا إليه وفعلا ذهب ارتفع إلى مكان بعيد في السماء . ولذلك تخبط كتبت الكتب الأربعة في عملية الصلب فزعموا بأن الجثة سرقت ، أو اختفت ووضعوا ملاكا على باب المغارة ثم ظهر بعد ثلاث أيام ثم رفعوه من بين تلاميذه ، يا اخوان قولوا ارتفع واتركوا عملية الصلب والفداء التي لا يقبلها العقل وتسيء للمسيحية ـ وليس النصرانية ـ ولا تنفعهاالله لا يُعالج الخطأ بالخطأ فلا يرفع خطايا الناس بارتكاب جريمة قتل انسان برئ . وإذا كانت عملية قتل المسيح جزئ من التخطيط الإلهي فلماذا يُعاقب قتلة السيد المسيح ويصفهم بالقتلة . المفروض أن اليهود والرومان هم ادوات لتنفيذ مشيئة ا لله في قتل المسيح الذي خطط الله لقتله ، فعلى ربكم أن يكرمهم لا يعاقبهم لأنهم فعلوا ذلك بمشيئته وتخطيطه لتتم عملية الضحية الفدائية الخروف الفادي من اجل رفع خطية ا لموت بالموت الذي هو بقتل المسيح وازهاق روحه وتعذيبه بتلك ا لصورة المخزية البشعة التي لا داعي لها ، والله انها شوفينية لا مثيل لها أن يُمثل بإنسان وهو حي ويُتفل في وجهه ويُهان ويُسقى خلا ووووووو من أجل ماذا رفع خطية واحدة .
واقول :
انصحك أن تترك ما تنتقيه من تفسيرات للقرآن لأن ما تأت به ، هناك ما يغايره من رأي لدى المفسرين فلماذا اخترت الذي يناسبك ، ولم تذهب للذي يخالفك .
تقول :
كما فعل بعد ذلك بحوالي ألف سنة الذين زوروا كتاب إنجيل برنابا الخرافي المزيّف!!!!
واقول :
وهل برنابا خرافي ومزيف أيضا أم موجود في الكتب الأربعة ؟؟ ثم لماذا لا يكون له إنجيلا اسوة بمن سبقه ممن كتب واطلق عليه الانجيل فهناك انجيل متى ولوقا ومرقص ويوحنا فلماذا لا يكون هناك انجيل برنابا على الأقل اسوة ببولص الموحى له بالروح القدس !! ؟؟
دعنا أيها القارئ العزيز نناقش هذا الأمر من عدة جوانب بحكمة وروية دون انفعال أو تسرع، حتى نستكشف بواطن الأمور.
سبحان الله بواطن الأمور مرة واحدة !!! ولماذا تترك ظواهرها .
تقول :
أولاً لقد تضاربت أقوال علماء المسلمين بخصوص تفسير هذه الآية
لا عليك من ا ختلاف المفسرين المسلمين فهذا من اعجاز القرآن الذي له وجوه عديدة ، كما قال زميلك صباح بأنه حمال وجوه , ولكن عليك بالكتبة الأربعة وما لحقها من كتب ورسائل ، هل اتفقت هي على شكل واحد لعملية الصلب أم اختلفت ؟ اذهب هناك وناقش الاختلاف . وزميلك صباح كان يُناقشني على أني لم أفهم جوهر الإنجيل . وأنت الآن تريد أن تناقشني ببواطن الأمور !!!
يقول الشاعر : سبحت ابحر إنجيلك وباطن ـــ تناقشني على الجوهر وباطن ـــ إذا الظهر ما تعرفه وباطن ـــ تريد اتفسر إنجيلك عليه ..
وأما قولك : لماذا ينكر الإسلام أن اليهود قد قتلوا المسيح؟ ألم ينسب القرآن لليهود أنهم قتلة الأنبياء؟
وأنا قلت لك فيما سبق أن اليهود لا زالوا مستمرين في قتل المصلحين والعلماء وهم بمثابة الأنبياء في هذا الزمان ، لأن هؤلاء العلماء والمصلحين واصحاب الافكار المبدعة لم يسيروا في ركاب اليهود . وقد قتلوا في العراق وحده ما يقارب من خمسة آلاف عالم ومفكر . لأنهم يُريدون أن يفرغوا الساحة من حصانتها ، ويبقى العالم مثل البهائم فيتسيد اليهود عليهم . وجريمة قتل المسيح ثابتة عليهم وإن لم يرتكبوها في شخصه . مثل شخص خطط لقتل رجل ، ولكنه اشتبه في رجل آخر فقتله . فهل تسقط عنه جريمة القتل ؟؟
ثم تقول وتقع في الخطأ القاتل الذي يقع فيه النصارى فتتضح من خلاله نواياهم :
1ـ سورة البقرة (87): "ولقد آتينا موسى الكتاب .… وآتينا عيسى ابن مريم البينات، وأيدناه بروح القدس، أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم، ففريقا كذبتم، وفريقا تقتلون"
لاحظ المقابلة بين موسى وعيسى في هذه الآية، فاليهود قد كذبوا موسى ولكنهم قتلوا عيسى.
وأقول :
أنظر هنا كيف حذفت بقية الآية ووضعت بدلا منها نقاط لتخدم غرضا معينا في نفسك ، هل رأيت الأمانة العلمية التي دعوتني لها منذ البداية . فتأتي بالآية شوهاء عرجاء فتنقل منها ما يحلو لك وتترك الباقي . اليست هذه هي نفسها طريقتكم في كتابة الكتب الأربعة حيث يذكر متى نصا ، فيحذف منه لوقا ما لم يعجبه ، ويقوم مرقص بحذفه كله ، وينكره يوحنا .
انظروا يا اخوان لقد حذف الأخ (جورج مراد ) الآيات التي تذكر بأن كثير من الرسل أرسلهم الله ما بين موسى وعيسى وقتلهم اليهود . والنص الذي حذفه هو : (( وقفينا من بعده بالرسل )) فقد حذف الأخ جورج هذا النص لكي تخلو الآية من كلمة الرسل وتكون حصرا على موسى وعيسى ثم يقول : (((لاحظ المقابلة بين موسى وعيسى في هذه الآية، فاليهود قد كذبوا موسى ولكنهم قتلوا عيسى))).
طبعا وهذا ما يريده الأخ جورج . وليس ما يريده الأخوة القراء .
واتمنى أن يلتفت القارئ العزيز إلى أن هذه هي طريقة المسيحيين في تدوين ما يُسمى إنجيلهم ، فهم يحذفون ما لا يناسبهم .
اتوقف معك عند هذا الحد لأنك غير أمين ومزوّر اذهب واقنع الافارقة الجوعى المساكين بدينك اعطهم قطعة خبز فوقها إنجيلا .
لا تكابروا في أشياء لا أصل لها أنا قلت منذ البداية لا اناقشك في هذه الترجمات الأربعة لمذكرات الرسل وخواطرهم . اليس لوقا يقول في مقدمة كتابه : اذ كان كثيرون قد اخذوا بتاليف قصة رأيت انا ايضا اذ قد تتبعت كل شيء من الاول بتدقيق ان اكتب على التوالي اليك ايها العزيز ثاوفيلس .
فهنا يعترف لوقا بأن كثيرين قد اخذوا بتأليف قصص وهو أيضا سيفعل مثلهم ويكتب لصديقه ثاوفيلس رسالة فيها مذكراته فقط . فهي رسائل يا أخي كتبها بعضهم لبعض كما فعل بولص فذكر بأنها رسائل منه إلى رومية وتسالونيكي وروما وغيرها وإلا بماذا نفسر قول بولص لصديقه : وإذا مررت بصديقي العزيز فأجلب معك القميص والازار والملابس التي نسيتها عنده ... ههههه
فهل هذا كلام وحي أدرجتموه في الكتاب ثم اطلقتم عليه الانجيل ؟؟؟
ثم هل سمعت بكفن تورينو الكفن الذي تزعم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والموجود في الفاتيكان حيث يزوره الملايين من الناس المخدوعين الذين لم يقرأوا الإنجيل ليروا بأن ا لسيد المسيح قد كُفن في لفائف وليس كفن قطعة قماش فلا زالت الكنيسة ورجالاتها يخدعون الناس إلى يوم الناس هذا ويجنون الملايين من عملية الحج إلى رداء ترير المقدس أو الحد إلى كفن تورينو . وقد كتبت بحثا أنا عن ذلك سوف أنشره على هذا الموقع إنشاء الله .
سبحان الله ثم تأت لي بهذا الموضوع الطويل العريض الذي يحتاج شهورا للرد عليه . طبعا هذه طريقتكم في مناقشة الآخرين ، تُكثرون عليهم الأسئلة وتنوعون المواضيع لكي يضيع الهدف بين هذا الركام .
على الأقل افعل مثلي فقد ناقشت وناقضت أنا فقرة واحدة من كتب المذكرات وهي : من الذي أعدم المسيح .
فهل يدل تطويلك للرد إلا على التردد . فأكثرت واكثرت وطولت وطولت ، لكي يحتار المجيب على ماذا يُجيب .
يا أخي أنا من البداية قلت لك إذا تريد أن تناقشني وتقنعني اذهب وآتني بالإنجيل الذي تركه عيسى مكتوبا ، فتأت وتناقشني بكتب المذكرات الأربعة ، ثم تطلق عليها إنجيل ربنا يسوع المسيح . هذا خداع يمشي على البسطاء من الناس .
كما وأقول لأخي العزيز صباح : أن النجدة التي طلبتها لم تستطع أن تسعفك لأنها وقعت في الحيرة ولجأت إلى بتر الآيات القرآنية لتخدم اغراضا معينة والنسخ من الأنتر نت واللصق ولذلك جاء الرد غير مفهوم ومضطرب وهو على قول المثل من كل قطر أغنية .
تحياتي .
انتهى الحوار والسجالات بعد أن قام الأخ ببتر الآيات .
ملاحظة : اللي يريد يناقش عليه أن يبذل الجهد العقلي والوجداني ويعتمد على خبرته في ذلك ، فلا يلجأ للقص واللصق من المنتديات ثم يعتبر نفسه مناقشا عن دينه . وإذا تحب الصق لك روابط ردك من أين جئت بها . أنا مو فاضي للرد على القص واللصق .
جزاكم الله خير الجزاء
الظاهر الاخ المسيحي لا يفقه قولا :)