الإستقواء بالآخر من أخطر الممارسات وأحمقها وأشدها غباءً وأمية وسذاجة وإندحارا , بل أنه سلوك إنتحاري خطير , تسقط في مطباته الشعوب والمجتمعات المبتلاة بحكومات خاوية الألباب , لا تفهم إلا بالتربع على الكرسي والإستئثار بالسلطة وحسب.
فلا يعنيها سوى الغاية , ولهذا فأنها تتخذ جميع السبل والوسائل لتحقيقها , لكنها تغقل أنها صارت مستعبدة من قبل القوة التي إستقوت بها.
والواقع القائم في منطقة الشرق الأوسط , أن الحكومات والأحزاب والفئات تستقوي بالآخرين , ولا تمتلك مهارات وقدرات الإستقواء بذاتها وموضوعها , والإعتماد على أبنائها وشعوبها , وإنما لكي تحكم عليها أن تستقوي بالقوى الإقليمية والعالمية.
وهذا يعني أن المنطقة محكومة بقوى خارجية , مما يفسر الفشل الحاصل في جميع المجالات , ذلك أن القوى الأخرى لا يعنيها إلا مصالحها ومشاريعها وبرامجها , وليكن ما يكن , ما دام المستقوون بهم يحققون غاياتهم التسلطية الإمتهانية لشعوبهم المبتلاة بهم.
فالمستقوون بالآخرين يعتمدون عليهم بالكامل , إبتداءً من الطعام والحاجات الضرورية إلى الأسلحة , والمجتمعات التي لا تصنع أسلحتها مستعبدة وناقصة السيادة ومرهونة بالذي يبيعها السلاح.
والعرب ما أغربهم وأعجبهم , لا يصنعون شيئا ويقاتلون بأسلحة غيرهم , وما فكروا بصناعة سلاحهم , يل أنهم تآزروا مع المستقوين بهم لتدمير مصانع أسلحة العديد من مجتمعاتهم التي كانت قوية .
وما دام الإستقواء بالغير منهج عربي فاعل في الحياة السياسية , فأن الحكومات بأسرها لا يُرتجى منها خيرا , وأن من واجبها الإستقوائي أن تشتري بعائدات النفط , ما يدمر البلاد ويقهر العباد , ولا يمكنها أن تساهم في مشاريع إستثمارية عربية – عربية , لأن في ذلك تهديد لإرادة الإستقواء , ومن المحذورات والشروط التي يتم بموجبها توفير آليات الإستقواء والحماية.
ولهذا فأن الحكومات المستقوية بالآخرين , ستفقد قدراتها على البقاء في الحكم ما دامت قوى الإستقواء بدأت تلوح برفع الحصانة والحماية , وإن توفير الحماية لا بد أن يكون بثمن باهض جدا , رغم أنه مدفوع الثمن مقدما ودوما.
فالواقع الأليم الذي لا يُراد النظر إليه , أن الدول المستقوية بالآخرين مستعبدة , محتلة فاقدة الإرادة والقدرة على تقرير المصير , لأنها محكومة بآليات الإستقواء والإستحواذ والخنوع لولي قدرتها وحامي سلطتها وكرسيها العتيد.
فهل ستستيقظ الحكومات وتتعلم الإستقواء بالشعب وتؤمن بذاتها وموضوعها وحريتها وسيادتها؟!!

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!