الديمقراطية صورة إنسانية حية في إطار من القيم والمعايير والضوابط , والقوانين الأخلاقية الوطنية العادلة الضامنة لمصالح الوطن والمواطنين , وبغياب الإطار الأخلاقي والقيمي , فأن الحديث عن الديمقراطية يكون هذيانا وثريدا حول الصحون!!
وفي مجتمعات ما تعلمت التفاعل الديمقراطي وما تربّت عليه , فأن القول بالديمقراطية يُعد إنحرافا سلوكيا وإضطرابا إجتماعيا وأخلاقيا وسياسيا , وإنحدارا إلى مهاوي التفاعلات المدمرة للوجود الوطني بأكمله.
ذلك أن المجتمع سيتشظى , لأن الديمقراطية ستُفهم على أنها الإنفلات , والتخندق في كينونات متصاغرة متشاحنة تسعى للحفاظ على وجودها بالتبعية للآخرين , الذين يجدون فيها واسطة لتحقيق المصالح وتنفيذ المشاريع.
وهذا ما يحصل في المجتمعات الجاهلة بالديمقراطية , والتي قد تُفرَض عليها الديمقراطية أو تجد نفسها في مأزقها , فتتصرف وفقا لما تمليه عليها المطمورات الكامنة فيها , والمتفاعلة بصمت وإختناق فيما سبق من حياتها.
ويكون حالها تصارعيا إضطرابيا وتدميريا , وتبقى تدور في حلقة مفرغة من الخسران والبهتان حتى تدرك أنها كانت في متاهات الضياع والإتلاف , وعليها أن ترعوي وتسترد وعيها , وتتمسك بثوابتها الوطنية والأخلاقية والقيمية , وتعود إلى مشتركاتها التي حافظت على وجودها الإنساني على مرّ العصور .
ذلك أن ما تمر به المجتمعات سيوَلِّد جيلا جديدا مدركا لما تمخضت عنه تجربة التيهان الديمقراطي والإصطراع البهتاني , فيعود إلى ذات التفاعلات القادرة على تحقيق الجريان المنساب المتهادي في نهر الحياة وبأمواج ذات معنى وإقتدار جماعي فياض.
وعليه فأن ما تمر به المجتمعات الخالية من المعرفة الديمقراطية , ما هو إلا مرحلة تعليمية قاسية , ستصل من خلالها إلى معرفة جوهرها , وبأنها نظام إقتصادي يحث على البناء والإنتاج والإبداع والإقتدار الوطني والتقدم والرقاء , وأي سلوك يتعارض مع ذلك لا يُحسب عليها , ومتى ما أدركت المجتمعات الإرادة الإقتصادية للديمقراطية فأنها ستعرف طريق التقدم والحياة والرخاء.
فهل من تجاوز لمرحلة التخبط والتلاحي والبهتان وإدراك أن الإقتصاد هو العنوان؟!!

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!