صفحة الكاتب : مهند حبيب السماوي

العراقيون والفيسبوك...جدلية الرأي والخبر !
مهند حبيب السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 تمثل مسألة التمييز بين الرأي والخبر، ومعرفة الفوراق الكبيرة بينهما احدى اهم المواضيع التقليدية التي يدرسها طلاب كلية الاعلام في المراحل الاولية من دراساتهم الاكاديمية،وهو التمييز الذي يشكل القاعدة الذهبية للمشتغلين في الصحافة وعالمها الكبير الذي يصنع الاخبار حينا او يلفقها حينا اخر من خلال اساليب يعلمها كل من خَبَر مايجري في داخل دهاليزها.
وللوهلة الاولى يبدو ان موضوع ادراك الفارق بين الرأي والخبر يختص بطلاب الاعلام والمشتغلين بمهنة الصحافة، الا ان الحقيقة غير ذلك ، اذ ان هذا الموضوع من الاهمية بمكان بحيث ينبغي على جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ان يعرفوه ويدركوا تداعيات ونتائج الخلط بين الرأي والخبر، والتي سوف تقود الى السقوط في التضليل والاخطاء في عملية الحصول على المعلومات الصحيحة والوصول للحقيقة فيما يتعلق بما يجري حولنا في هذا العالم من احداث .
دعنا نلقي نظرة بسيطة على الفرق بين كلا المفهومين:
الاول : الخبر 
الثاني : الرأي
فالاول اي الخبر هو عبارة تصف واقعة او حدث ما وهو يحتمل الصدق او الكذب بحسب مصداقية المصدر والناقل عنه وما تواتر عن هذا المصدر الصحفي من اخبار كانت كاذبة او صائبة ودقيقة بعيدة عن الخطأ المتكرر او التضليل المتعمد من قبل من يقف وراء تمويل المصدر الاعلامي، ولكن الملاحظ ان الفيسبوكيين في العراق وعددهم وصل الى 11 مليون بحسب اخر احصائية رسمية، يعتمدون على مصادر ووكالات ثبت كذبها وتضليلها اكثر من مرة ما يعني وقوعهم في الفخ نفسه وبارادتهم غير مرة من غير ان يتأملوا  أو يعيدوا التفكير في قناعاتهم تجاه هذا المصدر الاعلامي الذي يعتمد الاثارة والتضليل وخداع الناس ونشر الشائعات لتحقيق غرض وهدف الذي يقف وراء تمويله.
اما الثاني اي الرأي ، فهو وجهة نظر شخص وانطباعه ورؤيته  حول واقعة ما او حدث معين وهو يجابه بالقبول او الرفض، وانت مخير بين ان تتقبل الرأي المطروح امامك او ان ترفضه ولا تقبل الفكرة والتحليل الذي تم تقديمه، ومهما كانت الشخصية معروفة او شهيرة فلا ينبغي ان نعتبر ما تقوله حقيقة مطلقة ونصدقها فورا ولاتقبل التشكيك او الخطأ.
والخطيئة الفادحة المزدوجة عند اهل الفيسبوك في العراق، وهم يقلبون مند الصباح صفحاتهم الشخصية واخر الاخبار للحصول على مستجدات الاوضاع، هو قيامهم بالخلط بين الخبر الصحيح والكاذب من جهة والخبر والرأي من جهة اخرى...فتجدهم يقومون بما يلي:
اولا: اعتبار الخبر الصحيح عبارة عن وجهة نظر فيتم رفضها او تجاهلها برغم اثباتها من قبل الواقع وتأكيدها من خلال الحقائق.
ثانيا: تقبل الخبر الكاذب وتصديقه برغم الشبهات التي تحوم حول مصدره.
ثالثا: اعتبار الرأي خبرا يتم تصديقه وتبنّيه كحقيقة ناصعة لاتقبل الشك والخداع.
ولكل اسف نجد ان انعكاس ونتائج عدم ادراك الخطايا التي ذكرتها اعلاه متجسدا في نشر الاشاعات وبث الاكاذيب واشاعة التضليل في فضاء العالم الافتراضي بين مستخدمي مواقع التواصل ممن ذابت شخصيتهم في الفيسبوك ولم يعرفوا الخبر الصحيح من الكاذب ولم يدركوا الفرق بين الخبر والرأي، ولا التمييز الحاد بينهما.
تعالوا لنقف على منشورين انتشرا في فترة سابقة في فضاء الفيسبوك العراقي وتم التعامل معها من قبل الجمهور الافتراضي على نحو خاطئ ولم يدركوا التمييز الوارد  اعلاه. 
ففي الاول انتشر خبر في الفيسبوك يتحدث عن قيام رئيس الوزراء بعدة خطوات"خيالية"منها حل مجالس المحافظات ومنع اعضائه من السفر واعتقال السراق منهم وغيرها من الخطوات التي لايحق لرئيس الوزراء اصلا القيام بها لانها من صلاحيات البرلمان. الفيسبوكيون في العراق تفاعلوا مع المنشور وقاموا بعمل مئات المشاركات له وكتبوا الاف التعليقات من غير ان يتمحصوا فيه او يبحثوا عن مصدر رسمي للخبر.
وهنا يأتي دور الثقافة التي ينبغي ان يتسلح بها المواطن، فرئيس الوزراء لايستطيع حل مجالس المحافظات ولا حل البرلمان ، وكلا الطريقتين الموجودتين في الدستور تقتضي تصويت البرلمان من اجل حل الاخير.
نعم للصفحة التي انتشر فيها الخبر أثر وعامل نسبي في تصديق مضمون الخبر، وقد انتشر الخبر في صفحة " مزيفة" باسم الامانة العامة لمجلس الوزراء تم حذفها والغائها بعد ذلك لعدم قانونيتها وكذب الاخبار الواردة فيها، ولكن ومع ذلك فان نظرة بسيطة في منشورات هذه الصفحة يجعلك تؤمن بانها غير رسمية ... ولانعرف كيف يصدقها الفيسبوكيون ويتابعون اخبارها في تلك الفترة.
والمنشور الثاني يتعلق بسد الموصل، اذ تم تداول منشور قبل عدة اسابيع يتحدث عن انهيار السد في الساعة الثامنة صباحا بالتحديد من اليوم الذي اعقب انتشاره، وقد سبب هذا المنشور هلعا ورعبا بين مستخدمي التواصل من غير ان يسأل احدهم عن مصدر هذه المعلومة ؟ ومن يقف وراءها؟ والغاية التي كانت سببا وراء انتشارها؟.
يحتاج من يستخدم الفيسبوك في العراق الى وعي بالجانب الاخر من الحقيقة التي تقدم امامه على انها حقيقة، عليه ان يفحصها ...يدققها ...يفكر في مضمونها ومحتواها ...ومقدار العقلانية الموجودة في ثناياها . انها عملية بسيطة لاتحتاج لقراءة كتب فلسفية او نقدية او حتى التمرن على الاساليب المنطقية في التحاور والجدال وكشف الحقيقة.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهند حبيب السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/27



كتابة تعليق لموضوع : العراقيون والفيسبوك...جدلية الرأي والخبر !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net