كنت مديراً لإثنين من رؤساء ِ وزراء ِ العراق ِ الخائفـَين ِ، و لكن ..
د . صاحب جواد الحكيم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صاحب جواد الحكيم

أولا ً
كنت معاون مدير مستشفى الفرات الأوسط في الكوفة ، و كان مديرها الصديق الدكتور صدقي ربيع ، الطبيب الإختصاص في العيون ، و لما كان يجري عمليات العيون الكبرى و الصغرى في قاعة العمليات في المستشفى مرتان في الإسبوع ، فلا يستطع أحد ان يدخل عليه ، بالطبع ، فأتولى أنا إدارة المستشفى .. و كذلك خلال تمتعه بإجازة ٍ مرضية أو إعتيادية ، حينها كان الدكتور إبراهيم عبد الكريم حمزة الأشيقر طبيبا ً مقيما ً فيها ، و كانت زوجته السيدة الفاضلة الدكتورإبتهال القزويني ( اخت الصديق السيد جودت القزويني) طبيببة ً مقيمة ، تعمل تحت إشراف الطبيبة المختصة زوجي الدكتورة بيان ، كانت الدكتورة إبتهال مثال َ الأخلاق العالية و السيرة الحسنة الجميلة ، ( وهي لم تتغير ْ حتى بعد أن أصبح زوجُها رئيسا ً لوزراء العراق) و أتذكر لمرات عديدة عندما كان الدكتور إبراهيم الإشيقر يروم الحصول على إجازة إعتيادية .. فأنه لا يستطيع أن يتمتع بها إلا بعد موافقتي الخطية على طلبه ، التي كانت تتطلب تقديم طلب يسمى ( عريضة ) على ورقة ٍ بيضاء، يبين حاجتَه لتلك الإجازة ، و لا أوافق عليها إلا بعد أن يوقع طبيب ٌ مقيم آخر زميل له ، بأن يقوم َ بأعماله في حالة غيابه ، و هذا إجراء ٌ واجب طبيعي ، حتى لا يختل العمل ُ ، و لا يكون غيابُه على حساب المرضى .. و لم يكن يلقب نفسه بـ ( ابو أحمد الجعفري) إلا بعد ذهابه إلى إيران ، و مارس العمل َ السياسي ، و كان يتخفى بهذا الإسم خوفا ً من نظام صدام شأنه شأن كل ِ أعضاء حزب ِالدعوة... و لم يجاهر أحد منهم بأسمه الحقيقي إلا أفراد عائلة الحكيم ، و الأكراد، وقتها ، و بعض المعارضين الجريئين مثل الصديقين المرحوم سعد صالح جبر ، و المرحوم السيد محمد بحر العلوم و الآخرين ، الذين يطول المقام ُ بذكر أسمائهِم الكريمة هنا.
و بالمناسبة فإن نوري المالكي رئيس َ الوزراء السابق كان يتخفى بإسم جواد المالكي لمدة ( 3 ) سنوات حتى بعد سقوط صدام ، بالرغم من أنه يعيش في المنطقة ِ الخضراء المحصّنة ، رعبا ً من صدام ، و يحدثني المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم عن طريفة .. نذكرها هنا بالمناسبة : أن الصديق جلال الطالباني المعروف َ بالظرف و النكتة المحببة ، كان ينادي نوري بالمالكي بـ : تعال هنا نوري جواد المالكي ... فيبتسم الحضور تلطفا ً.
ثانياً :
كنت ، و لا أزال الأمين العام لمنظمة حقوق الإنسان في العراق ORGANISATION OF HUMAN RIGHTS IN IRAQ OHRI ( لندن 1982) و هي منظمة إنسانية كانت تدافع عن جميع العراقيين و العراقيات بغض النظر عن اللون و الدين و العقيدة و الأصل ، و إعترفت بها الأمم المتحدة عام 1984 ، و شاركتَ ُ كأمين عام لها بحضور مؤتمرات و بدعوات رسمية في اجتماعاتها في جنيف و نيويورك ، و ساهمت و تحدثت في مؤتمرات ٍ دولية في عدة دول ( زرت أكثر من 54 دولة في العالم) منها الأرجنيتن و جنوب أفريقيا و الباكستان و أكثر الدول الأوربية و وصلت حتى بروناي ، و قابلت فيها كثيرا ً من رؤساء العالم و شخصياته ، منهم البابا يوحنا ، و كوفي عنان ، و بينازير بوتو ، و رئيسة جمهورية إيرلندا... و مدان ميتران في الإليزيه ...إلخ.
و كان من أعضاء مجلس الإدارة للمنظمة هو الشهيد السيد مهدي الحكيم ، و الأصدقاء محمد علاوي ( اصبح وزيرا ً للإتصالات) و المرحوم عبد اللطيف أغا جعفر ، و غانم محمد جواد الذي كان يتخفى بإسم ( سلام أحمد، غير المرحوم سلام أحمد القومي العربي ) من أجل إرباك من يريد معرفته .. كذا ، و من اعضاء المنظمة الصديق الدكتور حيدر العبادي الذي كان يخاف من النظام العراقي ( شأنه شأن كل أعضاء حزب الدعوة) و يكني نفسه بـ ( أبي يُسر ) ، و يكتب إسمه ( حيدر عباس) و أبوه ليس عباسًا ، و إنما هو الصديق الدكتور جواد الحاج كاظم الحاج عبود العبادي ، الذي أصبح مديرا ً للأمور الطبية في وزارة الصحة العراقية ، و كان قبلها مفتشا ً عاما ً ، و كان من خيرة رجال العراق أمانة و صدقا ً ،و الذي تنطبق عليه صفة ( تكنوقراط) حقيقة ً، و عندما كان يزور مستشفى الفرات الأوسط في الكوفة على ساحل الفرات ، لا أنسى سؤاله الجميل ... عندما يحين وقت الصلاة ( وين غرفة إبن الحكيم) ؟ ليأتي و يؤدي صلاة َ الظهرو العصر في غرفتي الواسعة جدا ً، بالرغم من الإرهاب البعثي الفاشي الذي كان يحارب المصلين و المتدينين خاصة ً ، و قد حزنت ُ لوفاته ، و في يوم الفاتحة التي أقامها الدكتور حيدر العبادي في لندن ، جلبت صورة ً مكبرة له و أطرتها في إطار جميل، اخذتها من مجلة ( الموسم ) التراثية الجميلة التي أصدرها الصديق الثبت الأستاذ محمد سعيد الطريحي ، و عند دخولي مجلس الفاتحة المكتظ بالحاضرين حاملا ً الصورة الكبيرة ، و هو أمر غير عادي في الفواتح و المجالس ، وضعتها في صدر المجلس ... و اتذكر أنها كانت صورة ً جماعية للمرحوم الدكتور جواد حاضراً في إحدى حفلات النجف الأشرف الكبرى في مسجد الهندي المشهور ، و على يمينه المرحوم الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ، فالسيد المرحوم الشاعر مصطفى جمال الدين ، توجد الصورة في الرابط التالي (1) .
و التقطت تلك الصورة بمناسبة ولادة الإمام الحسين عليه السلام ، و التي كانت تقام فيها مهرجانات ضخمة ( ذات طابع سياسي) تقابلها إحتفالات و مهرجانات مدينة كربلاء المقدسة إحتفاء ً بذكرى ميلاد الإمام علي عليه السلام و كانت تلقى فيها الخطب السياسية تحت إشراف المرجعية الدينية و التي كان يرأسها المرجع الراحل السيد محسن الحكيم ... ، و تلقى فيها كلمتها التي كانت تطالب بالإصلاح ، نعود إلى موضوع مجلس الفاتحة ... لقد تفاجأ الدكتور العبادي و أخوه ، و الحاضرون من أعضاء حزب الدعوة .. من ذلك الموقف ، و دهشوا كيف أن واحدا ً من عائلة الحكيم يكرّم الراحل َ العبادي بهذه الطريقة ، و يجلب صورة ًكبيرة َ تاريخية ، و معروف ما صنع الحداد ُ بين حزب الدعوة و المجلس الأعلى ، و هم ( يجهلون ) أن ليست لي أية علاقة بالمجلس الأعلى لا من قريب ٍ و لا من بعيد ... و الناس ُ أعداء ما جهلوا كما قال الإمام علي ع ، و ( اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون) كما قال الرسول الأعظم ص .
و من مظاهر خوفهما أنهما لم يُشاركا في ( الإعتصــــــام المستمر) في لندن ، و لا مرة واحدة ، و الذي كنت أنا مسؤوله و منظمه ، و حتى أني كنت أدفع أجور ( التأمين) عليه لدى شركات التأمين البريطانية ، باعتبار ان المكان هو أثري ، و هو ساحة ترافيلكر سكوير) التي يسميها العرب بساحة ( الطرف الأغــر ) ، و خوف الشرطة البريطانية من تعرض المصابيح الأثرية الغالية جدا في تلك الساحة للأذى ، والتي يؤمها حوالي ( 30) مليون زائر و سائح في العام ، كان (الإعتصام المستمر) هو أطول إعتصام في تاريخ العراق و العرب و المسلمين ، إذ استمر ( 7) سنوات متتالية ، بالبرد و الثلج و الأعاصير ، و أحيي في هذه المناسبة المرأة العراقية .. الصابرة ، التي كانت تشاركنا في تلك الوقفات الخالدة ، و خاصة في أشهر رمضان المبارك تحت الثلج ، مع عربات الأطفال الذين كانوا يعانون معنا تلك الظروف َ الطبيعية القاسية ، لنحمل شعار ( نطالب بمحاكمة صدام) ... بينما كان رئيسا وزراء العراق المذكوران أعلاه ( العبادي) و ( الإشيكر) ينعمان في الدفء ِ و الدعة في بيوت ٍمريحة واسعة ... و مع موائد َ كريمة سخية ... و لا زلت احتفظ بأطول عريضة من القماش الأصفر ، ... وقعها الآلاف ُ من الأجانب ( بأكثر لغات ) العالم تعاطفا ً مع قضيتنا ، و مطلبنا العادل بمحاكمة صدام ، ( و كان يرتدي جميع المشاركات و المشاركين ( الشارة َ) أو الربطة الصفراء من بداية الإعتصام و حتى نهايته يوم سقوط النظام الصدامي الغاشم ...
و بهذه المناسبة أوصي هذين الصديقين أن يتذكرا أنهما كانا يُطالبان النظام الصدامي الغاشم بتطبيق ِ العدالة و منع إنتهاكات حقوق الإنسان ، و أنصاف المظلومين .. و يضعا في حسابهما ما كانا يرددان في مجالسهما الخاصة و العامة الآيات ِ الكريمة الثلاثة التالية ..، و العجيب جدا ً فيها أنها تكررت بنفس المعاني التي أكد عليها الله 3 مرات في سورة واحدة ، و هي سورة المائدة بثلاث صيغ رهيبة مخيفة ... ( و من لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون) 44 ، ( و من لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الظالمون) الآية 45 ، ( و من لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الفاسقون) الآية 47 ...
فيا إبراهيم و يا حيدر ... هل نسيتما هذه الآيات التي كنتما تكرران الحديث عنها و تعيدان نشرها ، و تثقفون كوادر حزبِكما عليها في صحيفة ِ ( الجهاد) الإسبوعية التي كانت تصدر في طهران ، أيام المعارضة لنظام صدام ، الذي كان ينتهك حقوق الإنسان في العراق ، و صحيفة ِ ( العراق) التي كان يشرف عليها الصديق الذي أعتقل بعد سقوط النظام في بغداد ... عمار الصفار.. و فقدت أخبارُه.
فيا أيها الصديقان .. لم تُحسنا ما قمتما به لحد ِّ الآن..
فالمسحوقون و المعدومون و المنكوبات و الأرامل و الأيتام سوف يقفون غدا ً لكما بالمرصاد...
و قد انبثق إعلان قف أمام الفساد " قاف" ليكون صرخة بوجه الفاسدين في العراق... على العنوان التالي ( 2) .
"و ذّكر فإن الذكرى تنفع ُ المؤمنين َ". الذاريات 55.
د. صاحب الحكيم
مقرر حقوق الإنسان
نزيل لندن
www.alhakim.co.uk
17-2-2016
(1) : هنا
................................................................................................................................ز
(2) https://www.facebook.com/Qaaff/?fref=ts
..............................................
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat