صفحة الكاتب : كريم حسن كريم السماوي

أستبيان ظاهرة الجنون
كريم حسن كريم السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المقدمة
 
أبتداءً من حيث الرؤية الواقعية لماهية الجنون والصفة التي تنسب إلى شخص ما قد أفتعل شيئاً لا يتناسب مع الفطرة أوماصرح به العقل على أساس استقامة سلوك سليم يرتضيه العقلاء بماهو كائن ومعروف بين الملل
إن الجنون ما هو إلا صفة أما أن تكون قوليه أو فعليه تظهر بين الأفراد وتخالف المفهوم العقلاني للأشياء والسلوك السليم وتصبح آنذاك صفة شاذة أمام العقلاء
وهذا الأدلاء لمفهوم الجنون من حيث الدلالة العقلية للقول التي لا تدرك إلا بأنشاء العقل الواقعي لها وقد تكون من خلال الدلالة الوضعية والتي تختص بالفعل المقترن بالاستمرار له ويتم ذلك عليه كي تكون ملازمة مع الموصوف 
بناءً على ذلك (القول - الفعل) ولكل منهما له ماهية تطابق الحالة التي ارتأى اليها الفاعل رغم تزاحم العوارض لكنه جعلها سبباً واقعياً له لغاية تكمن في ذهنه وأحياناً تكون معروف لكن تجاهل عن تلك الحقيقة أبتداءً وهو يؤديها ويعتبرها اقتضاء له من جانب القول تارة والفعل تارة أخرى دون مراعاة الأجناس والفصول 
يتبين لنا أن من المقدمات الصغرى للجنون فيما إذا كان ذلك القول يخالف الممكن البسيط الذي يحتاج إلى الإيجاد في توضيح مفاهيم ذلك الوجود لكن يصبح القول مقدمة كبرى للجنون لو كان ذلك يوصف به المسدد من السماء والذي أخذ منه الميثاق قبل خلقه كالأنبياء والرسل 
 
إما الفعل لا ضير يتناسب مع هذه المقدمات لكنه يتحقق بصور الكلية الموجبة لكن القول أبلغ من الفعل في أطلاق ذلك الأفك كما هو المعروف   سُئل رسول الله (صل الله عليه واله): هل المسلم يسرق؟ فأجاب: نعم المسلم يسرق، ثم سألوه: هل المسلم يزني؟ فأجاب: نعم المسلم يزني، ثم سألوه: هل المسلم يكذب؟ فأجاب: لا، المسلم لا يكذب، المسلم لا يكذب
نستدل من هذا الحديث بأن الكذب مقدمة كبرى لأن يخرج العبد من صفة الأيمان إلى براثن الشيطان كما في مجمل الحديث عن رسول الله (صل الله عليه وآله): من أخرج المرء من مروءته أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان
فهنا خروج العبد من ولاية الرحمن إلى ولاية الشيطان هو مقدمة كبرى للانحراف بلحاظ الأثر الابتدائي الذي سبقه الأنشاء الفعلي وهذه قضية واضحة من حيث مبدأ القوة والفعل أي الاعتقاد بالقول قوة وأطلاقه فعلاً
 
المبحث  الأول
ظاهرة الجنون
 
تعريف الجنون
لغة : مصدر جَنَّ ، جُنَّ أو زوال العقل أو فساد فيه 
وقد اشتقت من الفعل الثلاثي جنن أي جن الشيء ، يجنه ، جناً أي ستره عنك كما يقال جنَّ الليل أي أحتواء وأصبح مستوراً عن الأنظار وجنَّ الليل شدة  ظلمته ودجاه 
ودليل ذلك في قوله تعالى : ( فلما جنّ الليل رأى كوكباً ) آية ٧٦ من سورة الأنعام 
وكذلك سمي الجن بهذا اللفظ لانه مخفياً عن الرؤية البصريه ولكنه موجود كباقي المخلوقات  
أصطلاحاً : هو أنعدام الرؤية البصرية لشيء ما وستر ذلك الممكن عنها بيد أنه محسوس لوأطلعت عليه ضمن قوانين معينة
:والتعريف الأصطلاحي ينقسم إلى قسمين 
الأول : المفهوم العلمي : وهو نمط معين يتعارض مع سلوك العقل السليم المعتاد ويبرز فيه أختلال في التفكير السائد لدى العقلاء
الثاني : المفهوم الباطني : هو أضطراب في الأنسجة الدماغية وتعطيل وظائف الدماغ ممايجعله قاصراً عن أداء مهامه الطبيعية وهو على نوعين من حيث المحمول
أختلال كلي :  وهو نقص كامل في القدرات العقلية لدى المجنون
أختلال جزئي : فقدان الأدراك من حيث التمييز والتخيل والتذكر أي سلب فسيولوجية معينة تبعاً لعوامل وراثية وهو على نوعين
 
أ - الجنون الدائمي الذي يصيب الأنسجة الدماغية ممايجلها غير قادرة على أداء مهامها العملية التي تتناسب مع السلوك المتعارف
ب - الجنون المؤقت الذي يحدث عند أختلال وحدوث أضطرابات عقلية معينة مثل ( الصرع - الهذيان - الوسواس الجنوني - الهستريا - أزدواجية الشخصية ) 
وهذه العوارض توصف تبعاً للحالة المرضية التي يضطرب عنها سلوك العقل وعدم السيطرة على القدرة العقلية
كما عرفنا الجنون الكلي هو السلب الكامل للقدرات العقلية وفقدان الأدراك وهذا جلي ينتاب سلوك الفرد لانه غالب عليه في تصرفاته السلوكية وإنعدام القيام بالوظائف العقلية بصورة صحيحة
 
المبحث  الثاني
الجنون الجزئي وأقسامه
إما الجنون الجزئي فهو على عدة أقسام منها مايلي
أولاً : الجنون اللفظي وهو أن ترى عاقلاً كما هو في الظاهر يلقي ألفاظاً تخالف المنطق ويعتبرها سليقة أبتدائية له في أندلاق بعض المعاني التي تأتي بعدها وهو يصورها على لمحات أدبية معينة
 
وهنالك أنواع أخرى من الجنون اللفظية منها
أ : الجنون الأحادي وهو أن يتهم الأنسان  نفسه بالجنون لغاية معينة تكمن معناها لدى ذلك الموصوف سوى أكانت حسنة أوسيئة
 
ب : الجنون الثنائي وهو سلب قدرة الأدراك من الواصف أبتداءً وجعلها في شخص ما لهتك مروءته وجعله قاصراً في أحقية القول أو وهناً في أعطاء حقاً لآخر هو أولى من غيره كما حدث ذلك يوم رزية الخميس
 
ثانياً : الجنون اللفظي الأباحي هو أستعراض المرء لبعض الألفاظ الخالية من المعاني الأخلاقية ويجعلها في مرآى الآخرين حيث لها وجود مقيد يقتنع به السامع ولكن الغريب من ذلك يرضاه للآخرين دون نفسه وهو المنشأ الأول لذلك الهراء الذي أسمعه وهو مجرد أطراء ينقصه الأدراك من قبل القائل الذي أتسم بتلك الصفات وهو لايعلم بذلك
لوتتبعنا موارد الجنون الحقيقية ومقاصده اللفظية لوجدنا أن الجنون هو عبارة عن سلب الأدراك وأنعدم وظائف العقل وهو على عدة أنواع منها
أ - سلب الأرادة الأختيارية للعقل وجعله قاصراً في أداء سلوكه السليم
ب - سلب الأرادة الأجبارية للعقل وأتهامه بصفة القدرة على التفكير
ج - سلب الأرادة الحقيقية للعقل كما هو معروف بالجنون الواقعي 
 
 ومن ناحية أخرى نجد هنالك  قسم آخر من الجنون اللفظي وهو الجنون المجازي الذي يصبح فيما بعد جنون حقيقي بعد تكرار ذلك اللفظ على شخص ما ويجعلونه مجنوناً قوة وعرفاً واقعاً ولكن في الأساس أنه عاقل فعلاً لذلك لايحبذ للبعض أطلاق لفظ مخالف للعقل على شخص ما ووصف بصفة معينة لأنها سوف تصبح حقيقة واقعية لذلك المرء ومع مرو الزمن تكون الصفة أسماً له  
 
ثالثاً : الجنون الجزئي المقيد وهو معاملة الألفاظ المتواترة السيئة على أساس أنها مزاح قد قيل سابقاً وهو أفتراء للفظ موضوع من قبل ذاته ويجعل نفسه سعيدة بذلك الأهذاء السقيم ويرغم السامع علية بدليل مقيد وهو التواتر المرفوع وهو سلوكه الخاص والذي يخالف منطق العقلاء
 
رابعاً : الجنون الجزئي المركب وهو أتخاذ معنى معين يخالف معية المنطق ويضع له أدلة مختلقة لاوجود لها ويصدر على أنها حقيقة وتجده يحمل صفات العقلاء وهو ذو معرفة علمية لوعرفته من دراسته الأكاديمية كما المعروف ظاهراً لكن تخبطه في أستعارته للألفاظ تجعله واهناً ويغوص في أزدواجية المعرفة من خلال المنطوق 
 
ولكن حينما تناقشه في أي موضوع وأن كان سهلاً فأنه يضعف أمامك بسهوله ويلتزم بثنائية القول ويتصور أنه واقعاً لوتمحصت به وماهو سوى ضلال من الألفاظ وهو بدوره يعتني بأقصاء الآراء المناوئة له بدون أستدراج وراء عقلية واضحة يعيها العقلاء كمصدر للأنطلاق نحو النقاش البناء
 
خامساً : الجنون الجزئي للهائم وهو العيش في حالة الهيام بالشيء ويجعل له وجوداً لنفسه ويحيا معه على أساس الأقتران به وإن كان مغرماً حقاً فهو يبقى هكذا حتى وأن هجره المحب ويدوم في ذلك الحال الذي أصبح وهماً له بعد فقدان المقترن به
 
وغيره ذلك الشاعر أمرؤ القيس الذي وصفوه مجنون ليلى لشدة غرامه لها وعشقه المفرط
 
سادساً : الجنون الجزئي الأبداعي : وهذا مجرد تصور ناقص لمفهوم له وجود ولكن الأدراك العقلي أضافة أبداع بياني معين على اللفظ من حيث الصور البلاغية المختلفة من البيان والبديع وغيرها وهو تخيل متميز في تطوير السليقة الفكرية وأظهارها على شكل نصوص بلاغية جميلة
 
سابعاً : جنون  الأحمق وهو أطلاق الألفاظ بدون معرفة المعنى الصحيح لها وأعتقاده به دون مراعاة الأخرين وتجاهل القواعد الأساسية للمعرفة كما يصف الشاعر ذلك قائلاً 
فعاقل فطن أعيت مذاهبه                       وجاهل حمق تراه مرزوقاً
 
ثامنا : جنون الغضب : فقدان السيطرة على الأدراك العقلي ويعتبر كل مايقوله له واقع لوتفحصه وماهو سوى حالة عصبية مؤقته تنتاب المرء في بعض المواقف التي يكون فيها المرء مهزوماً عقلياً
 
تاسعاً : جنون الأخرق وهو الذي لايحسن التصرف في التقدير للآخر والتعبير عمايجول في فلك عقله بصور سليمة
 
عاشراً : جنون المخبل وهو الموصوف من قبل الناس لسذاجته في سلوكه بين الناس ويعتبر ناقصاً لعقله عرفاً كما قال الأعشى 
فكلنا مغرم يهذي بصاحبه        ناء ودان ومخبول ومختبل
 
الحادي عشر : جنون المس وهو مايتخبطه كل من الجان أو الشيطان ويصبح معرضاً لمس معين كما وصف الله تعالى  قوله عزوجل 
( كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) آية ٢٧٥ من سورة البقرة 
 
الثاني عشر : جنون الرقيع الذي يتشتت عليه الرأي ويتمزق عقله كما هي صفة مشتركة بينه وبين الأحق كما وصف الشاعر ذلك
وما الناس إلا وعاة العلوم    وسائرهم غنم في قطيع
وإنا بلينا ببله حميــــر                  ومحنة دهر رقيع رقيع
 
الثالث عشر : جنون الأبلة الذي لايحسن التصرف فيمايقول 
 
الرابع عشر : جنون العظمة وهو تصور سالب لكائن معين في سلوكه وأعتقاده بأدراكه وهو مجرد ضرب من الخيال ممايجعل له وجوداً وهو فاني ويضع لنفسه أسماء لاتوصف إلا لخالقه ولكن تهوره نحو حب العظمة جعلته هكذا
 
الخامس عشر جنون العاقل وهو وصف الأنسان نفسه بذلك وهو يعي حقيقة أمره وذلك لأتقاء نفسه من ظلم العباد والهروب من براثن الظلم والطغيان كما حدث ذلك لأبو وهيب بهلول ابن عمرو ابن المغيرة في عهد هارون العباسي وقد نجى نفسه من تسلط ظلم ذلك السلطان المتجبر في حكمه
 
والواضح جلياً من هذا السلوك دلالة على رجاحة عقل بهلول ابن عمرو ابن المغيرة  وحصافته وتبريراته العقلية وأستبداله بذلك الوصف الذي أرتآه لنفسه  
 
السادس عشر : جنون الهذيان وهي حالة أضطراب مؤقتة تمر على المرء عند التعب الشديد أوغيرها حيث فقدان وظيفة العقل وتصبح الأنسجة الدماغية غير قادرة على الأستجابة لذلك السلوك
 
السابع عشر : جنون الأفتراء وهو عدم تحمل عقل المرء لأعطاء حقاً مشروطاً شرعاً لصاحبة فيقوم بأداء عدم الأهليه له ووصف صاحب بالجنون وماهو سوى أفتراء واضح كما حدث ذلك في رزية الخميس يوم السقيفة عندما قال الرسول : ( صل الله عليه وآله ) هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده  
فعند ذلك لم يقبل البعض بذلك القول فقام عمر وقال إن رسول صل الله عليه وآله هجر أي مجنون معاذ الله من ذلك والله تعالى ينزهه من ذلك الجنون إشار إلى اتهام أعداء الرسل لهم بالجنون كقوله تعالى(كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ)، (ويقولون إنه لمجنون ) وهكذا إن جنون الأفتراء من أقبح وأبشع الجنون عند البشرية كما هو واضح لدى العقلاء
 
والغريب من ذلك إن البعض لايقبلون على أي أنسان أن يسوء أو يتكلم بسوء على الرسول محمد صل الله عليه وآله كالكاتب الدانماركي أو الأمريكي وغيره وهم يدافعون عن أول من وصفه بالجنون وهو عمر وهنالك صفات أخرى سيئة تخالف للأديان السماوية جميعاً 
 
ولكن أنا أعتقد بأن هذه الأزواجية المفرطة هي عدم فهم حقيقة الرسول محمد صل الله عليه وآله وفضله على البشرية جمعاء وهم يعتقدون بأنه غير معصوم لأنهم لايدركون مقامه عند الله ويتمسكون بأعدائه وهم يتسمون بالجهل المركب كما هو المعروف في التأريخ
 
ومن أراد المزيد فليراجع رزية يوم الخميس كما سماها ابن عباس والقضية فيها تفصيل كما ذكرها السيد عبدالحسين شرف الدين الموسوي عند مناظرته مع الشيخ سليم البشري المالكي في كتابه المراجعات
 
السابع عشر : جنون أعمار الزائل وخراب الدائم : وهو أعتصام البعض في الدنيا وأستحباذ موبقاتها وهذهِ مخالفة فطرة العقل السليم فقال رسول الله صل الله عليه وآله : ( هذا رجل مصاب، إنما المجنون المقيم على معصية الله عز وجل ) وترك الصلاح والتقوى إذ هما مبدأ لدوام ذلك الممكن بعد فناء الحياة 
لقد صفة الجنون تطلق مجازاً على من أنغمس في حب الدنيا وشهواتها وترك وراء ظهره نعيم الآخرة وخلودها ومن ثم يتحول الوصف المجازي إلى حقيقة لأن الرغبة سيطرت على العقل وأصبح أسيراً لتك الملذات الدنيئة ولم تكن هنالك تناسب بين حب الدنيا وزاد الآخرة  
المبحث  الثالث
ماهي الأسباب التي أدت إلى هذا الجنون
 
أولاً : الحالة النفسية التي يعيشها المرء في عدم مراعاة من أحترام وغيره
ثانياً : الحالة المرضية عندما يكون الأنسان مريضاً ولم يتحمل ذلك الألم وعدم قدرته على ممايعاني منه ولن يصونه الصبر فأنه  حينئذ يهذي بألفاظ خارجة عن نطاق الفكر مما تعتبر مقدمة صغرى للجنون
 
ثالثاً : البيئة الأحتوائية قد يعيش المرء في بيئة مجرد بؤر الموبقات اللفظية وأنجرافه عن السلوك المعقول فهنا الكائن يتبع حالة من أحدى الحالتين وهما
 
أ - حالة الضعف والخنوع ففي هذه الحالة ينجرف المرء نحو الهاوية الأخلاقية ويصبح مثلاً لكل السلبيات المتراكمة في ذلك المكان
 
ب - حالة القوة عندها يستبصر العبد تلك البيئة بتعقله أياها دون الميول إلى أرادة البعض الآخر فيكون أحياناً أنعزالياً كما يراه الجهلاء ولكنه واقعاً مع السلوك السليم ومطابقة لصفة العقلاء وقد يسميه البلهاء معقداً لعدم أنصهاره في بودقة الذنوب
 
رابعاً : الأعتبار الناقص بعض الناس يعتبر مبدأ القوة والأقدام أطلاق السوء اللفظي والمادي وعدم أعارة أي أهتمام للآخر لأنه يتصور خوف الآخرين منه أحتراماً له فيتمادى في تصرفاته الهوجاء ويعتبر هذا التقدير السالب حسناً له وهو خلاف
 
خامساً : الحرية الخاطئة حيناً نجد الآثار السلبية للحرية المفرطة وهي فسح المجال أمام التجاوز على حرية الفرد وذلك لأنه مجرد من الواعز النفسي والأعترض على سلوكه من البعض إذ أنه أمن محاسبته على ذلك التصرف المشين وبمعنى آخر المذنب إذا أمن العقاب أساء وأزداد أنحرافاً
 
سادساً : التملق اللفظي يتصور البعض المعرفة القاصرة بالآخرين فهماً فينشأ ألفاظاً تليق به وتهجن المقابل وماهي إلا ترهات تنتاب ذلك الشخص 
 
وبعد ميول المقابل له والأصغاء لمايجول في عقله أنشاءً وبعدما جعله محباً له كما يفهم فعندها يطلق الكالمات المناهضة للصواب ويتمادى بها مما يجعل لنفسه مفاكهة عقلية وهذا مجرد أطراء لايرقى للصواب
 
سابعاً : التمرد على العقل أي أن الكلام لايقيد البعض في الأفصاح عن مكنون لايرتأيه البعض فيكون سليقاً في ألفاظه كالمرض النفسي ولكنه يتعامل معه باللفظ المتماثل له فيوقع في أزدواجية المعرفة النفسية 
وهذه حالة مرضية منتشرة هذه الأيام في عدم أطاعة القانون أوالفطرة
 
ثامناً : الأيهام الغالب على العقل عندما يعشق المرء شخصاً ما فأنه يذوب في وجوده وأسمه يك لفظاً للغرام بكلمات فعالة للعقل وهذا على نوعين
الأول : الغرام المحبذ لعشق الأنبياء والأولياء والأئمة وخصوصاً عشق الأمام الحسين بن علي صلوات الله وسلامه عليهم 
 
هنا يبذل المحب كل مايملك حباً للحسين عليه السلام وينصهر شموخاً في غرامه له لأنه نعمة من الله  ومودته كرامة والأطلاق لها عدالة من الحقيقة المطلقة ولكن بشرطها وشروطها ولها قسمين
 
أ - الأعتراف بهذه النعم كحب الحسين عليه السلام والولايه له إيمان 
 
ب - ترك هذه النعم الواضحة كالمودة والمولاة والولاية كفر 
 
 الثاني : الغرام المكروه وهو حب العبد لذاته والأختلال بالشارع والتمسك بالهوى ومودة أعداء الأسلام والمنافقين
 
تاسعاً : الميول والهوى عندما يحدث الأنسجام بين الأشخاص تبرز ظاهر التحمل لبقاء تلك العلاقة قائمة بشتى الطرق لذلك يقوم الطرف الآخر بأجلاء حالته العقلية وأنسياب نفسه معه ومدى أثر الكلام الذي يبثه ولكن لايقبل الرد ويعتبره أعداء على شخصيته 
 
فيقوم آنذاك بوضع عوائق لتلك العلاقة المشتركة بينهما وهي الغرام عندها يحدث الميول والهوى في هذه الحالة فيستوجب على المحب من شده غراه بأستخدام أسلوب التجاهل اللفظي المقترن بالمعنى العقلي 
 
هنا يتصور المقابل أنه على حق لأن المحب قد سكت على أخطائه ولكن هذا ليس سكوتاً بل أستدراج لحالته وتوضيح لما يتفوه به ومراعاة مشاعره المتبادلة ليس إلا أملاً تعود الأمور إلى ماكانت عليه من أنسجام مليء بالتقدير والأحترام  
 
تاسعاً : المعرفة الخاطئة لبعض الجهلاء تجعل كلامهم عقلي لهم دون سواهم وأستقباله علمي فيتقوم البعض بأحترام تلك المعرفة ويتجاوز في ألفاظه المخالفة للعقل وبهذه الأفكار بأمكانه معالجة أخطاء الآخر وتصحيح زلاته التي هي في مهد الخطيئة ولها آثار سلبية كثيرة لايدركها لأعتقاده بصحتها
 
المبحث  الرابع
الآثار
أولاً : الأفشاء في أزدواجية المعرف
ثانياً : الرغبة لشخص ما مخالف هو أتباع لسيرته والموالاة له
ثالثاً : أنتشار الجهل المركب وأطغائه على الجهل البسيط 
رابعاً : تعدد الفرق وشتاتها في المجتمع الواحد تبعاً لمولاة المخالف للشرع
خامساً : سهولة أطلاق التهم والبهتان لوجود من يناصر ذلك الأنحراف
سادساً : أختلاف السنن وأختلاق تأويل لكل منها وغيرها  
 
الفرق بين الكذب والجنون
أولاً : الجنون لاتترتب عليه آثار أخوية كالعقاب والثواب وهذا يتعلق بالجنون الدائم التام الحقيقي إما الجنون الجزئي الواقعي تترتب عليه آثار معينة عند زواله وإلا فهو كالجنون الكامل الحقيقي
 
ثانياً : إما الكذب فأنه تترتب عليه آثار عظيمة الدنوية منها كالعقاب وأستعجال الأجل أما الآثار الأخوية فعلمها عند الله إما الأحاديث الشريفة لم تذكر جميع الآثار حقيقة لأن الحكم لها من التنزيل وتوضيحها من التأويل كماهو مذكور في السنة القولية للرسول صل الله عليه وآله
 
ثالثاً : الكذب يدوم لفترة زمنية معنية وينتهي عن معرفة نقيضه وهو الصدق  
 
ولكن الكذب يستمر عند بعض الأشخاص الذي يرونه مناسباً لهم ومطابقاً لغاياتهم الدنيوية ولكن ينتقض في تصور العقلاء ويصبح مجرد دعاية قولية يرددها ثلة من الناس لأنه لفظ بسيط ينتهي بأنتفاء عوارضه 
 
رابعاً : الجنون مقدمة كبرى لسلب وظائف الدماغ وأختلال سلوكه وله ماهية يختزلها في مبدأ العقل ضمن دلالات واضحة والتجاهل لها تناقضاً لعقله الذي يحكم به على العبد سلامته أوخلل في عقلته لكي تترتب عليه الحكم الشرعي من حيث الأداء أوالترك حسب مقتضى الفعل العبادي
 
وهنا يحدث الخلل في العقل أبتداءً لما يقوم به المرء في أنشاء قولي أوعمل فعل يخالف السلوك الصحيح وأبسط أنسان يصف ذلك الخلل بالجنون لعدم مطابقة لأي سلوك متعارف بين العقلاء
 
خامساً : الجنون حالة مرضية واقعية تطابق الموصوف من حيث القول والفعل والكل ينسجم معها على أساس أنها نقص في البنية العقلية وهي بحاجة ماسة  إلى الأعتناء والمسايرة معها ومراعاة آثارها التي تطرأ على المبتلى بها 
 
إما الكذب حالة مرضية مذمومة وتخالف الموصوف كلياً والأطلاق فيها على شطرين الأرتضاء والأفتضاء ولكل منها له أسبابه الخاصة تبعاً لعوارض ذلك المقصود  
 
النتائج
 
أولاً : أستخدام أسلوب التجاهل مع تطبيق الحالة الواقعية أمامه لذلك الفعل دون أن يدرك أنك تسايره على خطأئه
ثانياً : تركه الجزئي لأنجذابه نحو المخالف لفعله وهو مطابقة لواقعه 
ثالثاً : التمثيل الواقعي دون اللفظي في منعه من الأنحراف نحو الخطأ
رابعاً : التغاير مع الفعل من التصرف معه لتجعله يسير على الحق ولوكان ذلك جزئياً
خامساً : عدم التعامل معه بالمثل بتاتاً لأنك تصبح مجنون مثله بالتبعية ولكن بطابع أخر وهو المعصية المفرطة
 
سادساً : لايمكن جعل تصرفه مناسباً ولكن قم بمخالفته بما تراه مناسباً إن أقتضت الضرورة ذلك
 
سابعاً : تجنب ستر العقل والأستعاضة عنه بأسلوب آخر والذي يراه القائل العارض مناسباً له ضمن سلوكه ولو أجمالاً وغير ذلك
 
ثامناً : الجنون حقيقة واقعية تنتاب الشخص عند الولادة ويسمى مجنون مطبق أوأثناء حياته  ويطلق عليه مجنون غير مطبق وكل شخص ممكن أن يتعرض لها إذا نالت منه العوارض وأصبح سبباً لها فعلينا أن تعمل معها على أساس الوجود المحتمل في حياتنا
 
تاسعاً : نلاحظ أن جنون الأفتراء هو جحود العابد بنعمة المعبود وهذا الجحود تترتب على قسمين
 
أ - إذا كان الجحود بالحقيقة المطلقة مباشرة فهو الكفر التام وهذا لاينتمي للأسلام بصلة ما بل هو خارج الملة بصفة الأطلاق
ب - إما إذا ذلك الجحود بنعم الخالق مثل ( الولاية ، الموالاة ) وغيرها فذلك كفر ناقص الذي هو من أقسام الجنون الجزئي وله حالتين
 
أ - إذا تاب العبد وترك الذنب وأعترف بأفترائه ورجع الحق إلى أهله وأستغفر لخالقه ورجع إلى جادة الصواب فأن ذلك له مسميات أخرى
 
ب - إما إذا لم يترك ذلك الأفتراء ولكنه لم يكفر عن جحوده السابق فأن هذا يعني البقاء على ماكان عليه  
 
ونحن لم نتطرق إلى حكم المجنون في القانون الوضعي أو الحكم الشرعي بالنسبة بالفقه بل كان الموضوع أستبيان للجنون وصفاته المحكوم به عقلاً  لاشرعاً بين العقلاء  
 
وفي ختام النص فلكل حقيقة لها وجود عيني تتسم بالموضوعية أومغايرتها لمفهوم الواقعية مع ملاحظة التشابه والأختلاف في الزمن والمكان

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم حسن كريم السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/14



كتابة تعليق لموضوع : أستبيان ظاهرة الجنون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net