سر الأسرار ومنبع الأنوار في قصة خلق ادم قبل عالم الذر
صادق الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صادق الموسوي

قال الامام جعفر الصادق عليه السلام
* لو علم الناس كيف خلق آدم لما اختلف رجلان*
ان معرفة قصة الخلق وتفاصيل حدوثها إنما هو معرفة نشؤ الحياة على الأرض ،
فيدل حديث الإمام على أمرين في آن واحد ،
الأول:-
هو خطورة هذه المعرفة وأهميتها في البداية والغاية من هذا المخلوق، وفيه سر الحياة مما يزيل التناقض والاختلاف والذي سببه الجهل بهذا السر.
الأمر الثاني:-
هو إن تفسير النص الإسلامي من بعض المفسرين يجعل من الناس عدم العلم والمعرفة من حقيقة خلق آدم وسر الخلق .
لان القصة المعهودة من النفخ في تمثال الطين هي مجرد رواية سخيفة لا أصل لها، تدل على الجهل به لا العلم ،
وحديث الإمام الصادق (ع) يدل على هذا
( لوعلم الناس كيف خلق آدم لما اختلف رجلان) وسأثبت ذلك من خلال الآيات .
إن الصورة الفنية التي رسمها لنا المفسرون لقصة الخلق الأول لا تلائم العقول المستنيرة بقدر ملائمتها لعابدي التماثيل المنحوتة في الجزيرة العربية ، وتلك التماثيل أصبحت بهذا التفسير تمتلك المبرر للسجود لها ، إذ لا فرق بينها وبين آدم إلا نفخ الروح الإلهي فيها ،والسجود قبل النفخ أمر الهي صدر من قبل وإنما يتم تنفيذه بنفخ الروح.......
آيات في خلق آدم ،
وإذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة .....
.فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين
واذ قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم..فسجدوا ... إلا إبليس أبى أن يكون من الساجدين
*مالك الا تسجد لما خلقت بيدي *
وجاء في قوله تعالى
*وخلقت الإنعام بالأيدي*خلقت آدم بيدي*
والفرق واضح كونه تعالى خلق الاشياء بيد قدرته وأخرى خلقها بأيدي غيره وهذا من سر الملكوت الاعلى
لو تمعنا في قوله تعالى:
* فإذا سويته *
نرى إن التسوية هي عملية غير عملية الخلق ، فهذه العملية وردت في سورة ( الانفطار) على إنها عملية متأخرة على الخلق
* يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ، في أي صورة ما شاء ركبك*
فهذا يعني بان التسوية هي نوع من التطورات المتلاحقة وصولا إلى الهيكل الاقوم الملائم ، وهي الصورة النهائية لهذا الكائن ، ولذلك عقب قائلا
* في أي صورة ما شاء ركبك*
فالقضية تخص التراكيب لأعضاء الجسم ووضعها في النظام ألأقوّم لا الصورة المختلفة لزيد أو عمر لان زيد وعمر لا اختلاف بينهما في التركيب ،
وهذا الأمر يذكرنا بمعنى *صلصال من حمأ مسنون *
إذ لو كان هيكلا" كامل الأعضاء من طين على صورة تمثال لما احتاج هذا التمثال إلى تصوير أي نقل من صورة إلى صورة ومن تركيب إلى تركيب ،
كما قال تعالى (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم )
حيث إن آدم هو الصورة النهائية المنتقاة ولا انتقاء ولا اختيار إذا كان هو الأول في الخلق والتصوير معا،
( إن الله أصطفى آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ......)
إذ إن الاصطفاء حدث من بين مجموعة متشابهة من بين الآلاف من الآدميين
حيث قال أمير الموحدين (ع) ( إن الله خلق ألف آدم قبل آدمكم ........)
وان الإنسان كان كائنا حيا يتكاثر ويتناسل قبل نفخ الروح فيه،
والروح المنفوخ فيه ليس مرتبطا بالحياة، بل هو روح خاص له علاقة بالفكر والإيمان والارتباط بالخالق، فاستحق بعدها السجود من قبل الملائكة...........
وفي حديث للإمام علي (ع) قال
*الأرواح خمسة ثلاثة مشتركة لكل الخلق وهي روح البدن وروح القوة وروح الشهوة وواحدة من هذه الأرواح خاصة بأهل الإيمان وهو روح الإيمان وروح أخرى خاصة بالرسل والأنبياء وهو روح القدس*
ولهذا أشار الإمام الصادق عليه السلام عن روح القدس
قال : *منذ ان نزل على جدنا رسول الله (ص) ما ارتفع الى السماء وانه لفينا .*
اي لم يصعد الى السماء وانه انتقل بعد وفاة الرسول ( ص) الى وصيه علي عليه السلام ثم من بعده الى اولاده .
أما في الاصطفاء قال تعالى:-
*وان الله اصطفى آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض*
وهذا الاصطفاء لا يحدث إلا من مجموعة ، وهذا يعني انه قد تم اختيار آدم من مجموعة الإنسان ، إذن هو كائن حي قبل الاصطفاء ،وبعد الاصطفاء تم نفخ الروح فيه ، ولذلك لم يأمر سبحانه وتعالى الملائكة بالسجود إلا بعد نفخ الروح
*فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين*
وقوله تعالى
* ذلك عالم الغيب والشهادة الذي أحسن كل شيء خلقه وبدا خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون *
لقد أوضح القران في هذه الآية حيث جعل نفخ الروح بعد التناسل وحصول الذرية واكتمال الصورة السوية لهذا الكائن.
وفي عملية الخلق التسلسلي، الطين ثم الماء المهين ثم السلالة ثم التسوية ثم نفخ الروح وجاءت نفخ الروح بعد إكمال وجود كائن حي متناسل ممن سبقه وقادر على التناسل
يجب ان نعلم بان القرآن الكريم روى قصتين لخلق آدميين
وبين آدم الأول الذي خلقه الله تعالى بيده (يد القدرة الإلهية ) الذي قال له كن فيكون في عالم الأمر . وهذا المخلوق الأول أعلى مرتبة في كل الوجود حيث لم تكن سماء مدحية ولا ارض مبنية ، وهو تام الوجود لا يعوزه شيء من كمال او صفة او إرادة او واع وغير محتاج الى غيره، وهو أول كل شيء فلا أول له بوجه من الوجوه ، لأن الاول صرف الوجود الذي لا اتم منه ،
)فلا بد من صدور عن الواحد واحد) وهذا الواحد هو المعني بصدور الأمر للملائكة بالسجود له ، لأنه خليفة الله في أرضه وحجته على عباده والقائم مقامه في الأرض ألا وهو الرسول الكريم سيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله )ص).
وأشار القرآن الكريم في قوله تعالى ( وإذ أخذنا العهد منك ومن نوح)،
فقال بعض الصحابة : يا رسول الله من اي شخص اخذ العهد قبل نوح ؟
قال(ص) مني .
قالوا : أيكون الابن قبل الأب ؟
قال (ص) : نبؤة وآدم بين الروح والجسد ، نبؤة وآدم بين الماء والطين.
أي انا نبي قبل ان يخلق آدم أبو البشر وصاحب النوع الإنساني .
قوله تعالى
(اني جاعل في الأرض خليفة ، فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).
فكان جواب الملائكة لماذا تجعل من يسفك الدماء ويفسد في الارض ونحن نسبح لك ونقدس
هناك سؤال نطرحه : من اين علمت الملائكة بان هذا المخلوق يفسد في الارض ويسفك الدماء ؟
نقدم لكم بعض الاطروحات التي نعتبرها صحيحة :
الأطروحة الأولى:
من خلال علمها بان هذا البشر فيه شهوة بالإضافة الى العقل الذي تمتاز به الملائكة دون وجود الشهوة لديها ، لأنه تعالى خلق أصناف الخلق متعددة
ملائكة * وبشر * وحيوانات * ونبات * وجماد
فجعل للملائكة العقل دون الشهوة
وجعل للحيوان الشهوة دون العقل
وجعل للإنسان الشهوة والعقل معا
أما باقي الأصناف ليس لديهم لا عقل ولا شهوة
فالإنسان الذي رجح عقله على شهوته اندمج مع صنف الملائكة بل هو أفضل منهم ، لأنهم مبرمجين على تنفيذ الأوامر وفعل الخير
(يفعلون ما يؤمرون ).
وإذا رجحت شهوته على عقله أصبح من البهائم بل إن البهائم أفضل منه كما قال تعالى
( أولئك كلانعام بل أضل سبيلا(.
فمن خلال العقل والشهوة المودعة لدى الإنسان علمت الملائكة بان هذا الكائن البشري يفسد في الأرض ويسفك الدماء .
الأطروحة الثانية:
من خلال تجربتها من العوالم السابقة قبل خلق هذه الدنيا ،
لقول الإمام علي (ع) : ان الله خلق ألف آدم قبل آدمكم وألف عالم قبل عالمكم وانتم أدنى وآخر هذه العوالم .
فقد كان عالم قبل عالمنا هذا ودام بقائه كما بقاء الدنيا التي نسكن فيها ،
فكان سكانها من الجن والمردة والشياطين وغيرهم من أصناف مختلفة لا يعلمها إلا الله تعالى ،
ومن ضمن من كان يسكن هذا العالم (إبليس) كان اسمه الحارث ويلقب بابا الحارث
فكان الحارث العابد الوحيد في ذلك العالم ، حيث عبد الله تعالى ستة آلاف سنة ، لان في ذلك العالم أطول أعمارا واكبر أجساما ، كما جاء في بداية هذا العالم نبي يدعوا قومه 950 سنةهو نوح عليه السلام.
فكان الحارث هو العابد الوحيد في ذلك العالم والباقي فسدوا في الأرض واسفكوا الدماء ،
كما قال تعالى عن عالمنا (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسب أيدي الناس ...
كما سيحدث لهذا العالم لقوله تعالى
(يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) أي ننهي هذا العالم كما انهينا العوالم التي سبقته ،
فرفع الحارث إلى السماء ووضع مع الملائكة .
فمن هذا الأمر علمت الملائكة بان هذا المخلوق البشري سيفسد في الأرض ويشفك الدماء.
الأطروحة الثالثة :
من خلال مشاهدة أعمال الآدميين قبل ان يجتبي الله ادم ونفخ فيه روح الإيمان، كما أوضحناه في القسم الأول .
من هذه الاطروحات الثلاثة علمت الملائكة بان هذا البشر يفسد في الأرض ويسفك الدماء .
سؤال – ما هو السر وراء سجود الملائكة لآدم بطلب من الله عز وجل ؟
جواب :نضع لكم اطروحات وكلها صحيحة بنظر فكرنا المحدود
أولا :
لأنه أصبح معلما للملائكة - كما جاء في في كتاب الله الكريم ،
وعلم آدم الأسماء كلها ، ثم عرضهم على الملائكة ، قال انبؤني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين ،
قالوا لا علم لنا الا ما علمتنا ................
الأسماء هي الأنوار الإلهية الخمسة وهم أصحاب الكساء ، محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).
ليس كما قال بعض المفسرين بان الله علمهم أسماء الأشياء لأنهم يعلمونها من قبل بتعليم الله
وكلمة هؤلاء في نسق الآية (انبؤني بأسماء هؤلاء) تدل على أنها أسماء مشخصات وليس أشياء من قلم وشجرة وحيوان ونبات وسماء وارض الخ..
وهذه الأنوار الخمسة كانت حول العرش تراها الملائكة عندما كانت تطوف حوله ولا تعلمها ،
عندها قال الباري عز وجل (يا آدم أنبأهم بأسمائهم) فلما أنبأهم طلب الباري ان يسجدوا له لان ادم أصبح معلم لهم ،
وكما جاء عن فضل العالم على المتعلم كفضل سجود الملائكة لآدم عليه السلام .
ثانيا:
لان الله عز وجل وضع النور المحمدي في صلبه ، حتى انتقل هذا النور من صلبه إلى أصلاب الأنبياء والصالحين
ولذلك اشار تعالى (ونرى تقلبك في الساجدين).
وهذا دليل على ان أجداد الرسول محمد (ص) كلهم أنبياء وعباد صالحين وليس فيهم شخص واحد مشرك او كافر.
ثالثا":
لأنه صنع الله بيدي قدرته ، لقوله تعالى لإبليس *مالك ألا تسجد لما خلقت بيدي *
وهناك فرق خلقت آدم بيدي * وبين * خلقت الأنعام بالأيدي *
رابعا : وهذا الجواب هو الشيء الأهم ،
هو ليبين للمسلمين والعالم اجمع فضل هذا البشر الآدمي لدى الباري عز وجل ،
والمعني بآدم الأول هو رسول الله (ص) ونفسه أخيه علي بن أبي طالب (ع)
لأنهم نور واحد انقسم نصفين نبي مصطفى ووصي مرتضى .
ولهذا أشار رسول الله (ص) (علي كنفسي بل هو نفسي).
وقد أشار القرآن الكريم لهذه الحقيقة في آية المباهلة عندما خرج الرسول لمباهلة اليهود
اخرج معه نفسه هو علي ونساءه فاطمة وأولاده الحسن والحسين عليهم السلام ،
(فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنه الله على الكاذبين).
وكان رسول الله (ص) (يقول أنا آدم الأول ) وكذلك أمير الموحدين يقول (أنا ادم الأول).
وهناك امر لابد كشفه ليتسنى لكم الغاية والمعرفة من سبب هذا الأمر الإلهي وهو سجود الملائكة لآدم الأول وهو الرسول الكريم وعلي عليهم الصلاة والسلام ،
* ان نقطة الارتكاز من موقع السجود في السماء هي نفس النقطة في الأرض إلى الكعبة المشرفة بخط مستقيم عمودي ،
فأراد الباري تحقق السجود لآدم في الأرض فتحقق فعلا بعلم او بجهل من الآخرين ،
وهو ولادة آدم الأول أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، فان جميع المسلمين يتوجهون في صلاتهم الى الكعبة المشرفة
المكان الذي ولد فيه امام المتقين وسيد الوصين وقائد الغر المحجلين علي بن ابي طالب عليه السلام ، وهي حقيقة طرحها القرآن الكريم بقوله
(ويوم يكشف عن ساق فيدعون الى السجود فلا يستطيعون).
وهذا الساق هو حجاب من نور وهو ظهور أمير الموحدين في آخر الزمان مع رسول الله (ص(
كما قال تعالى في حق عودة الرسول (ص) في آخر الزمان
)والذي اوحى اليك القرآن انه لرادك إلى معاد) لتوحيد العالم تحت راية لا اله الا الله ويصبح العالم كله عالم إسلامي
فالذين عادوا امير الموحدين ومحبيه عن كشف هذه الحقيقة في أمر السجود ، تصبح ظهورهم صلبة لا تستطيع الانحناء لتبيان كذبهم وزيفهم وخداعهم كما جاء بقوله تعالى
(يوم تدمع أصلاب الذين كفروا فيدعون الى السجود فلا يستطيعون(
)وهنا الكفر هو كفر الولاية ) ومعنى الكفر هو ستر الحقيقة مثل ما نقول الزارع يكفر البذرة اي يسترها بالتراب ،
وعن رجوع أمير الموحدين الى الدنيا عندما ناداه رسول الله بدابة الله فقال قم يا دابة الله ، فسمع الصحابة هذا الكلام ، فقالوا يا رسول الله انو نادي بعضنا بعضا بهذا اللقب ؟
قال ( ص ) لا والله انها خاصة بعلي لقوله تعالى
(ويوم نخرج لكم دابة" من الأرض تكلمهم ) فقال يا علي يخرجك الله في آخر الزمان وفي يدك ميسم تصنف الناس الى مؤمن وكافر .
وهو وشم على الجبين لا يمحيه اي شيء ،
وعن هذا تحدث الله تعالى في سورة الأعراف
وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم / يوم تبيض وجوه وتسود وجوه
هو من خلال العلامة والوشم وهي السمة يعرف المحب والمبغض.
يتبع:::::::::::::::::::::
فالسلام عليكما يا رسول الله ويا أمير المؤمنين يوم خلقكم الله من نوره ويوم ولدتم ويوم نقلتم لجنب الله ويوم تبعثان أحياء .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat