صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

"سعيدٌ" المُعتقل فينا!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



نقول "عيد سعيد" , ولا نقول "العيد السعيد", فنجعل كلمة عيد نكرة , وفي ذلك إشارة إلى أننا نريد العيد أن يكون سعيدا وما هو كذلك , فالعيد قد تغير كثيرا في مجتمعاتنا , وفقد قيمته الأخلاقية والروحية والعقائدية والإحتفالية , وتجرد من سلوكه الإنساني الرحيم , وغادرته البهجة , وطغى عليه الويل والحرمان والفقر والخوف والتهجير , وما عاد للعيد نكهة وقيمة كما كان في ضمير وعقول وقلوب الأجيال.

وعندما نبحث عن "سعيد" نجده معتقلا في دنيانا , وكهوف نفوسنا المنهكة الظلماء , التي تعشعش فيها خفافيش الشرور , وتزأر بأروقتها النفس الأمارة بالسوء والبغضاء والكراهية والأحقاد , بل أن المقابر تنادينا في العيد وتهتف في مسامعنا وتزعزع صيرورتنا المعاصرة , وتشدنا إليها وتريدنا أن نعيش في الأجداث البالية , التي جعلتنا نتوهم بأن البشر لا يتحول إلى تراب , وأن القبور عليها أن تقاتل وتنهض في الحياة , فأصبحنا أبواق قبور وصدى لما فيها من الأفكار والتصورات والخصومات.

ووفقا لسلوكنا المتأزم ما أوجدنا مكانا عزيزا ,  لسعيد في حياتنا , فإعلامنا لا ينقل إلا عن أعداء "سعيد" ويعبّد الطرقات لما هو تعيس وشديد , وعيوننا ومسامعنا لا تتفاعل إلا مع هو قاتل ومدمّر لسعيد.

فكيف بربك يزورنا "سعيد" , وكل ما نقوم به من الأعمال , وننطقه ونكتبه وندعو إليه , يناهض البهجة والفرح , ويعزز الأحزان والدموع والقهر , وحكم الناس بالحاجات والمخاوف والويلات المدلهمة , التي تلد أشد منها وأقسى وأوجع.

إن من واجبنا أن نعمل بجد وإجتهاد لتحرير "سعيد" من قبضة سوئنا وضلالنا وبهتناننا , وأن نعيده إلى فضاءات الإنسانية والمحبة والألفة , والأخوة النقية الصادقة النبيلة السامية.

وأول خطوات تحرير سعيد من أسره الحزين , أن نهذّب ألفاظنا وننقيها من كلمات السوء والشرور , ونعيد النظر بأفكارنا وآليات رؤيتنا وإدراكنا لما حولنا من الأحداث والتطورات , ونتفاعل بإيجابية وقدرات بنّاءة ذات طاقة نافعة لنا جميعا , فالألوان تتفاعل لتحقق الرؤية الأوضح , ولا يمكن للون الأسود أن يتسيّد لأنه وحش الألوان الذي يفترسها جميعا , فعلينا أن نتعلم من قوانين الطبيعة ونداءاتها الفياضة بالعدل والسماحة , والقابلية على التواصل السعيد.

فهيا لنحرر "سعيد" من قبضة نفسنا الأمّارة بالسوء , ونتفاعل معه بنكران ذات ونزاهة وشعور بالمودة والرأفة والتعاون والصدق مع النفس , وبضمير يتقي ربه.

وعندها سيكون عيدنا سعيدا!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/05



كتابة تعليق لموضوع : "سعيدٌ" المُعتقل فينا!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net