صفحة الكاتب : حسن الهاشمي

كلا للمناصب الإرضائية والشرفية
حسن الهاشمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كلما تواجه حكومة الشراكة الوطنية مشاكل من قبيل عدم الانسجام والتشرذم في اتخاذ القرار نظرا لتعدد الكيانات السياسية المتنوعة المشارب والأفكار، كلما يصار إلى التفكير بحكومة أغلبية سياسية مهنية منسجمة وأقلية سياسية معارضة في مجلس النواب تراقب وتحاسب وتعاقب، وإن هذا الخيار هو المتعارف والمتداول بين الدول المتحضرة والكل في العراق يعرف ذلك، ولكن المغانم والمكاسب والأجندة الحزبية والشخصية تحول دون الاعتراف به.
والإصرار على المضي في حكومة الشراكة الوطنية، والإصرار على توزيع الوزارات والمناصب السيادية على أساس الإرضاء والتوافق، والإصرار على تصويب القوانين في البرلمان بسلة واحدة، أي أقبل على وزيرك بشرط أن تقبل على وزيري، وأغظ النظر عن القانون الفلاني بشرط أن تغظ النظر على القانون العلاني، وأبرأ ساحة المتهم من الحزب المتنفذ ألف شريطة تبرئة المتهم من الحزب المتنفذ باء وهكذا دواليك، هذه السياسة ستؤدي لا محالة إلى انهيار العملية السياسية برمتها أو لا أقل البدء والشروع من المربع الأول وهو تشكيل حكومة أغلبية سياسية قوية مع معارضة قوية توفر الأمن والخدمات التي طالما بقيت منسية في خضم الخلافات حول المناصب والمغانم في حكومة الشراكة الوطنية التي ولدت ميتة!!.
ناهيك عن تبديد الأموال والوقت والجهد على مناصب الإرضاء التي تضع العصي في عجلة الإعمار والبناء شئنا أم أبينا، إذ كيف لحكومة تعمل من دون انسجام بين وزرائها؟! وكيف لحكومة تطمح بأن تقدم الخدمات ومراكز القرار فيها متعددة؟! وكيف نتوقع من نظام يثبّت لدولة المؤسسات وكل وزير يعتبر نفسه رئيسا للوزراء ويأخذ أوامره من كتلته وليس من رئيسها الفعلي؟! وهذا يذكرنا بالمثل القائل: قومي رؤوس كلهم أرأيت مزرعة البصل، ومن الطبيعي السفينة إذا كثرت ملاحيها فإنها لا محالة تتعرض للتحطيم والغرق، والمتضرر الوحيد هو الشعب العراقي الذي بات يتلوى من سياسة الإرهاب وانعدام الخدمات والتي مع بالغ الأسف استخدمت هذه السياسة الخبيثة من قبل بعض المنضوين في العملية السياسية للحصول على المزيد من المكاسب والصلاحيات!! وفي الإطار نفسه إن بعض الكتل السياسية تصّر على استحداث مناصب شرفية لإرضاء هذا الطرف أو ذاك، والحقيقة التي لا غبار عليها لا ضرورة أبدا لمثل هذه المناصب وإنها ترهق كاهل الميزانية العراقية بأموال وجهود وأوقات ثمينة يمكن صرفها لمصالح ضرورية للشعب العراقي.
والإصرار على استحداث مناصب ارضائية أو شرفية على هذه النمطية التي ليس لها مثيلا في العالم يشكل وبمرور الزمن وضعا كارثيا على الحالة العراقية الجديدة التي من المفترض أن تكون أنموذجا رائدا في التغيير في عالمنا العربي ولكن البعض يعمل بالتضاد من ذلك الطموح لأجندة باتت واضحة للقاصي والداني، إذ هل يعقل إن الصين الشعبية التي يعيش فيها أكثر من مليار نسمة تتمثل بحكومة تكنوقراط من 17 وزيرا فقط وهي دولة مركزية؟! بينما العراق ذو الثلاثين مليونا يتمثل بحكومة إرضاء تتعدى الخمسين وزارة وهو دولة ديمقراطية؟!
بماذا تفسر حكومة عمل الصين وحكومة إرضاء العراق، غير تكريس الانسجام والتوافق والتطور في الأول وعرقلة المسيرة أو إجهاضها - بغض النظر عن الدوافع والأجندات التي لا نشك في وطنية بعضها - في الثاني؟! بل إن الأمر الثاني يكرس المحاصصة السياسية البغيضة ويعمل على عدم اكتراث ولا مبالاة بل استهانة لمطالب الشعب العراقي الإصلاحية، وما زالت الكتل السياسية تلهث وراء مصالحها وأهوائها ومنافعها الشخصية والحزبية، وينبغي على التي تدعي الوطنية منها مراجعة وتصحيح مثل هكذا مواقف والعمل الجاد على ترشيق الحكومة وانسجامها بدلا من ترهلها وتشرذمها قبل فوات الأوان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الهاشمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/16



كتابة تعليق لموضوع : كلا للمناصب الإرضائية والشرفية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net