بسم الله الرحمن الرحيم
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى{9}
تنعطف الآية الكريمة لتذكر بقصة موسى "ع" , ما يروى بخصوص ذلك انها من اوائل ما نزل من القرآن الكريم , جاءت لتشد من عزم الرسول الكريم محمد "ص واله" .
إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى{10}
تروي الآية الكريمة عنه "ع" ( إِذْ رَأَى نَاراً ) , شاهد "ع" نارا على جانب الطور , مما يقال في هذه النار انها ظاهرة طبيعية , ( فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا ) , قال "ع" لامرأته ابقوا هنا , وكان ذلك عند مسيره "ع" من مدين قاصدا مصر , ( إِنِّي آنَسْتُ نَاراً ) , ابصرت نارا , ( لَّعَلِّي ) , ترجي احد امرين :
1- ( آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ ) : شعلة , كان الجو باردا .
2- ( أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ) : لعلي اجد دليلا يرشدني الى الطريق , كان هذا عندما ضل موسى "ع" طريقه .
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى{11}
تستمر الآية الكريمة بسرد تفاصيل القصة ( فَلَمَّا أَتَاهَا ) , النار , وكانت على شجرة خضراء , قيل انها من شجر العوسج , ( نُودِي يَا مُوسَى ) , جاءه النداء الالهي .
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى{12}
تضمنت الآية الكريمة النداء الالهي لموسى "ع" ( إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ) , للتأكيد , ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) , هناك الكثير من الآراء حول النص المبارك منها :
1- عن الصادق عليه السلام يعني ارفع خوفيك يعني خوفه من ضياع أهله وقد خلفها تمخض وخوفه من فرعون . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني نقلا عن كتاب العلل" .
2- عن الحجة القائم عليه السلام في حديث قيل له أخبرني يا بن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى عليه السلام فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس فإن فقهاء الفريقين يزعمون إنها كانت من إهاب الميتة قال صلوات الله عليه من قال ذلك فقد إفترى على موسى عليه السلام واستجهله في نبوته لأنه ما خلا الأمر فيها من خصلتين إما أن يكون صلاة موسى عليه السلام فيها جائزة أو غير جائزة فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسها في تلك البقعة إذا لم تكن مقدسة وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة وإن كانت صلاته غير جايزة فيها فقد أوجب على موسى أنه لم يعرف الحلال من الحرام وعلم ما جاز فيه الصلاة وما لم تجز وهذا كفر قيل وأخبرني يا مولاي عن التأويل فيها قال صلوات الله عليه إن موسى عليه السلام ناجى ربه بالواد المقدس فقال يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني وغسلت قلبي عن سواك وكان شديد الحب لأهله فقال الله تعالى اخلع نعليك أي أنزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة وقلبك من الميل إلى من سواي مغسول . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني نقلا عن كتاب الاكمال" .
3- ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) بمعنى اترك كل عوالق الدنيا عند مناجاتك " كلامك – دعائك – صلاتك – توجهك " الله تعالى ذكره ومجده .
4- قيل امر بخلع نعليه لأن الحفوة تواضع وأدب . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
( إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) , يبين النص المبارك قدسية المكان , ( عن النبي صلى الله عليه وآله إنه سئل عن الواد المقدس فقال لأنه قدست فيه الأرواح واصطفيت فيه الملائكة وكلم الله عز وجل موسى تكليما ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني نقلا عن كتاب العلل" .
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى{13}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة ( وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ) , اصطفيتك لأداء رسالتي من بين قومك , ( فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) , استمع للوحي .
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي{14}
تستمر الآية الكريمة ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ) , لا يستحق ان يعبد سواه , ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) , امر بإقامة الصلاة لله تعالى , وعليها مدار الرسالات السماوية .
إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى{15}
تبين الآية الكريمة ( إِنَّ السَّاعَةَ ) , يوم القيامة , ( ءاَتِيَةٌ ) , حادثة لا محالة , ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) , يختلف فيها المفسرون , فمنهم من يقول :
1- وقيل معناه أكاد أظهرها من أخفاه إذا سلب خفاه . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
2- عن الناس ويظهر لهم قربها بعلاماتها . "تفسير الجلالين للسيوطي ".
عند قيام الساعة "القيامة" تجزى كل نفس بما كان من عملها في الدنيا , الخير بالخير , والشر بالشر ( لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) .
فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى{16}
تستمر الآية الكريمة , وهذه المرة ناهية ( فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) , لا يمنعك او يصرفك عنها , قيل الصلاة و قيل الساعة , ( مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ) , من لا يؤمن بها , ويتبع هواه في كل معتقداته , ( فَتَرْدَى ) , فتهلك بتركها "الصلاة" او عدم الايمان بها "الساعة" .
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى{17}
تضمنت الآية الكريمة سؤالا مباشرا موجها الى موسى "ع" ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ) , الله جل وعلا يعلم بما في يمين موسى "ع" , فما الداعي للسؤال اذا ؟ , يذكر المفسرون عدة اراء في ذلك , منها :
1- لاستفهام للتقرير ليرتب عليه المعجزة فيها . "تفسير الجلالين للسيوطي ".
2- استفهام يتضمن استيقاظا لما يريه فيها من العجائب . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
اما تكرار ( يَا مُوسَى ) ففيها رأيين كما في تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني :
1- زيادة في الاستئناس .
2- للتنبيه .
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى{18}
الآية الكريمة تنقل جواب موسى "ع" ( قَالَ هِيَ عَصَايَ ) , ثم بيّن "ع" :
1- ( أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ) : استند عليها عند الوقوف او المشي .
2- ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) : اضرب بها على ورق الشجر , ليسقط , فتأكله غنمي .
3- ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) : مجموعة من الامور الاخرى , كطرد الهوام والدفاع بها عن السباع المفترسة , وكان "ع" يلقيها على عاتقه , معلقا عليها ادواته او طعامه اثناء المسير , ( وإذا كان في البرية ركزها وعرض الزندين على شعبتيها وألقى عليها الكساء واستظل به ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
جواب موسى "ع" كان يمكن ان يكون مختصرا , فما الداعي للإطالة ؟ , هناك عدة اراء حول ذلك , لعل ابرزها كونه "ع" اراد اطالة الحديث مع الباري جل وعلا .
قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى{19}
تنقل الآية الكريمة قوله عز وجل لموسى "ع" ( قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى ) , الق العصا .
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى{20}
تبين الآية الكريمة ( فَأَلْقَاهَا ) , امتثل موسى "ع" للأمر , والقى عصاه , ( فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ) , فتحولت الى ثعبان , ( تَسْعَى ) , يمشي على بطنه .
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى{21}
تروي الآية الكريمة ( قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ) , مما يروى في قصص الانبياء "ع" ان موسى فزع منها وعدا , فجاءه النداء ان خذها ولا تخف منها , ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) , تعود عصا كما كانت .
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى{22}
تستمر الآية الكريمة بنقل خطابه جل وعلا لموسى "ع" ( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ) , اليمنى بمعنى الكف ( إلى جناحك ) أي جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإبط وأخرجها "تفسير الجلالين للسيوطي " , ( تَخْرُجْ بَيْضَاء ) , حيث كان موسى "ع" شديد السمرة , ( مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) , من غير علة , كالبرص , ( آيَةً أُخْرَى ) , معجزة ثانية .
لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى{23}
تبين الآية الكريمة ( لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ) , كي ترى يا موسى من ادلتنا وعلامتنا الكبرى , ما يعجز اهل ذلك الزمان الذين عرفوا واشتهروا بفنون السحر والشعوذة .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى{9}
تنعطف الآية الكريمة لتذكر بقصة موسى "ع" , ما يروى بخصوص ذلك انها من اوائل ما نزل من القرآن الكريم , جاءت لتشد من عزم الرسول الكريم محمد "ص واله" .
إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى{10}
تروي الآية الكريمة عنه "ع" ( إِذْ رَأَى نَاراً ) , شاهد "ع" نارا على جانب الطور , مما يقال في هذه النار انها ظاهرة طبيعية , ( فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا ) , قال "ع" لامرأته ابقوا هنا , وكان ذلك عند مسيره "ع" من مدين قاصدا مصر , ( إِنِّي آنَسْتُ نَاراً ) , ابصرت نارا , ( لَّعَلِّي ) , ترجي احد امرين :
1- ( آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ ) : شعلة , كان الجو باردا .
2- ( أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ) : لعلي اجد دليلا يرشدني الى الطريق , كان هذا عندما ضل موسى "ع" طريقه .
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى{11}
تستمر الآية الكريمة بسرد تفاصيل القصة ( فَلَمَّا أَتَاهَا ) , النار , وكانت على شجرة خضراء , قيل انها من شجر العوسج , ( نُودِي يَا مُوسَى ) , جاءه النداء الالهي .
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى{12}
تضمنت الآية الكريمة النداء الالهي لموسى "ع" ( إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ) , للتأكيد , ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) , هناك الكثير من الآراء حول النص المبارك منها :
1- عن الصادق عليه السلام يعني ارفع خوفيك يعني خوفه من ضياع أهله وقد خلفها تمخض وخوفه من فرعون . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني نقلا عن كتاب العلل" .
2- عن الحجة القائم عليه السلام في حديث قيل له أخبرني يا بن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى عليه السلام فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس فإن فقهاء الفريقين يزعمون إنها كانت من إهاب الميتة قال صلوات الله عليه من قال ذلك فقد إفترى على موسى عليه السلام واستجهله في نبوته لأنه ما خلا الأمر فيها من خصلتين إما أن يكون صلاة موسى عليه السلام فيها جائزة أو غير جائزة فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسها في تلك البقعة إذا لم تكن مقدسة وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة وإن كانت صلاته غير جايزة فيها فقد أوجب على موسى أنه لم يعرف الحلال من الحرام وعلم ما جاز فيه الصلاة وما لم تجز وهذا كفر قيل وأخبرني يا مولاي عن التأويل فيها قال صلوات الله عليه إن موسى عليه السلام ناجى ربه بالواد المقدس فقال يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني وغسلت قلبي عن سواك وكان شديد الحب لأهله فقال الله تعالى اخلع نعليك أي أنزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة وقلبك من الميل إلى من سواي مغسول . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني نقلا عن كتاب الاكمال" .
3- ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) بمعنى اترك كل عوالق الدنيا عند مناجاتك " كلامك – دعائك – صلاتك – توجهك " الله تعالى ذكره ومجده .
4- قيل امر بخلع نعليه لأن الحفوة تواضع وأدب . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
( إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) , يبين النص المبارك قدسية المكان , ( عن النبي صلى الله عليه وآله إنه سئل عن الواد المقدس فقال لأنه قدست فيه الأرواح واصطفيت فيه الملائكة وكلم الله عز وجل موسى تكليما ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني نقلا عن كتاب العلل" .
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى{13}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة ( وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ) , اصطفيتك لأداء رسالتي من بين قومك , ( فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) , استمع للوحي .
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي{14}
تستمر الآية الكريمة ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ) , لا يستحق ان يعبد سواه , ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) , امر بإقامة الصلاة لله تعالى , وعليها مدار الرسالات السماوية .
إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى{15}
تبين الآية الكريمة ( إِنَّ السَّاعَةَ ) , يوم القيامة , ( ءاَتِيَةٌ ) , حادثة لا محالة , ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) , يختلف فيها المفسرون , فمنهم من يقول :
1- وقيل معناه أكاد أظهرها من أخفاه إذا سلب خفاه . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
2- عن الناس ويظهر لهم قربها بعلاماتها . "تفسير الجلالين للسيوطي ".
عند قيام الساعة "القيامة" تجزى كل نفس بما كان من عملها في الدنيا , الخير بالخير , والشر بالشر ( لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) .
فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى{16}
تستمر الآية الكريمة , وهذه المرة ناهية ( فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) , لا يمنعك او يصرفك عنها , قيل الصلاة و قيل الساعة , ( مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ) , من لا يؤمن بها , ويتبع هواه في كل معتقداته , ( فَتَرْدَى ) , فتهلك بتركها "الصلاة" او عدم الايمان بها "الساعة" .
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى{17}
تضمنت الآية الكريمة سؤالا مباشرا موجها الى موسى "ع" ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ) , الله جل وعلا يعلم بما في يمين موسى "ع" , فما الداعي للسؤال اذا ؟ , يذكر المفسرون عدة اراء في ذلك , منها :
1- لاستفهام للتقرير ليرتب عليه المعجزة فيها . "تفسير الجلالين للسيوطي ".
2- استفهام يتضمن استيقاظا لما يريه فيها من العجائب . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
اما تكرار ( يَا مُوسَى ) ففيها رأيين كما في تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني :
1- زيادة في الاستئناس .
2- للتنبيه .
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى{18}
الآية الكريمة تنقل جواب موسى "ع" ( قَالَ هِيَ عَصَايَ ) , ثم بيّن "ع" :
1- ( أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ) : استند عليها عند الوقوف او المشي .
2- ( وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) : اضرب بها على ورق الشجر , ليسقط , فتأكله غنمي .
3- ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) : مجموعة من الامور الاخرى , كطرد الهوام والدفاع بها عن السباع المفترسة , وكان "ع" يلقيها على عاتقه , معلقا عليها ادواته او طعامه اثناء المسير , ( وإذا كان في البرية ركزها وعرض الزندين على شعبتيها وألقى عليها الكساء واستظل به ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
جواب موسى "ع" كان يمكن ان يكون مختصرا , فما الداعي للإطالة ؟ , هناك عدة اراء حول ذلك , لعل ابرزها كونه "ع" اراد اطالة الحديث مع الباري جل وعلا .
قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى{19}
تنقل الآية الكريمة قوله عز وجل لموسى "ع" ( قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى ) , الق العصا .
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى{20}
تبين الآية الكريمة ( فَأَلْقَاهَا ) , امتثل موسى "ع" للأمر , والقى عصاه , ( فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ) , فتحولت الى ثعبان , ( تَسْعَى ) , يمشي على بطنه .
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى{21}
تروي الآية الكريمة ( قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ) , مما يروى في قصص الانبياء "ع" ان موسى فزع منها وعدا , فجاءه النداء ان خذها ولا تخف منها , ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) , تعود عصا كما كانت .
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى{22}
تستمر الآية الكريمة بنقل خطابه جل وعلا لموسى "ع" ( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ) , اليمنى بمعنى الكف ( إلى جناحك ) أي جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإبط وأخرجها "تفسير الجلالين للسيوطي " , ( تَخْرُجْ بَيْضَاء ) , حيث كان موسى "ع" شديد السمرة , ( مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) , من غير علة , كالبرص , ( آيَةً أُخْرَى ) , معجزة ثانية .
لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى{23}
تبين الآية الكريمة ( لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ) , كي ترى يا موسى من ادلتنا وعلامتنا الكبرى , ما يعجز اهل ذلك الزمان الذين عرفوا واشتهروا بفنون السحر والشعوذة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat