صفحة الكاتب : مهند حبيب السماوي

مطلوب محلل سياسي للايجار !
مهند حبيب السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احدى الأوجه المهمة للحرب الشرسة التي تخوضها، ومنذ عقد من الزمان، الجهات الاقليمية ضد العراق هو الاستعانة بالادوات الاعلامية المتضمنة لطرائق ووسائل مختلفة تتجسد احدى مظاهرها في الاستعانة واللجوء لمحللين وسياسيين عراقيين او من بلاد اخرى" عربية او غربية " لشرح وتوضيح المواقف السياسية التي تضج بها المنطقة في المرحلة الحالية وفي هذا الوقت العصيب من حياة شعوبها ومسار بناء دولها . 
وللتحليل السياسي، من حيث هو فن أو علم ، مهارات متنوعة تعتمد على كاريزما المحلل نفسه الذي تتطلب منه هذه الوظيفة، ان صح هذا التعبير، أن تتوفر فيه جملة من الشروط الموضوعية لعل أهمها أن تكون لديه معرفة كافية بالنظرية والفكر والنظم السياسية فضلاً عن مفهوم القانون والعلاقات الدولية، كما يجب ان لايغيب عن بال المحلل السياسي التاريخ الخاص بالبلد والمنطقة التي يتحدث عنها والظروف المحيطة بها، فضلاً عن معرفة لا بأس بها بقواعد اللغة التي تمكن صاحبها من صياغة عبارات صحيحة بدون أخطاء لغوية فادحة مع الاخذ بنظر الاعتبار أمتلاك المحلل قدرة بارعة في تشريح الاخبار وتحليلها وأقناع الأخر باسلوب سهل وممتع يوفر للمشاهد والمتلقي معلومات توضح له المشهد وتكشف عن بعض مخبآته وتجلي بعض مواقفه. 
وبعد عام 2003 أزدهرت مهنة المحلل السياسي في الفضاء الاعلامي العراقي ، حيث لم يكن هذا المصطلح، بالمعنى الحرفي المستقل ، متداولا او موجوداً اصلا قبل عام 2003 ،والتي تلتها ظهور قنوات فضائية عراقية متعددة ساهمت في ظهور مصطلح المحلل السياسي وسوّقته الى مسامع المشاهدين العراقيين بشروط معينة يقتضيها التحليل نفسه.
هذه الشروط المنطقية والموضوعية لاتتوفر، لكل أسف ، عند العديد ممن نرى وجوههم في القنوات الفضائية ، حيث على الرغم من وجود بعض المحللين السياسيين المستقلين البارعين الا انه هؤلاء أقلية ويتعرضون لضغوطات مالية حادة من قبل القنوات الفضائية التي تلوح لهم بالمال والوظيفة نظير الخدمات" الرمزية" الفكرية التي يقدمونها .
فالأعم الاغلب من المحللين السياسيين الذي مللنا وجودهم في القنوات الفضائية لا نجدهم يمتلكون مقومات المحلل السياسي الموضوعي المحترف، حتى وان امتلك قدرا لابأس به من الثقافة السياسية، بل يظهر هذا المحلل في القناة الفضائية نتيجة عدة اسباب لاتتعلق بأمكانيته ومعلوماته وقدرته على التحليل والاستشراف وماتم ذكره اعلاه من سمات يجب ان يتحلى ببعضها المحلل السياسي ...بل ان هؤلاء المحللين يظهرون في القناة نتيجة وجود عوامل أخرى يمكن اختصارها في ان هذا المحلل يطرح افكارا ويستنتج اراء هي عين ماتسوّق لها القناة في رسالتها الاعلامية مقابل ماتغدقه القناة عليه من اموال نتيجة الفترة الي يقضيها " live" في برامجها ونشراتها الاخبارية.
ولذا يُمسي المحلل السياسي اداة ، لن ابالغ اذا وصفتها بانها " رخيصة "، تستثمرها القناة وتستخدمها باسلوب انتهازي لخدمة اغراضها السياسية مستفيدة من حاجة هذا المحلل السياسي للمال التي تمنحه له نظير رايه السياسي المعبر في حقيقته عن راي القناة لدرجة يعلم معها المشاهد في بدء حديثه في النشرة بكل ماسوف يقوله ومايمكن ان يطرحه هذا المحلل المتسق مع التوجه العام للقناة على حساب وطنه وشعبه وسمعة بلده.
ونتيجة لعامل المال الذي يتحكم بالمحلل ويجعله اسير لدى القناة ترى بكل سهولة كيف يتحكم المقدم في تلك القناة بتوجهات المحلل وكيف يقوم بتسييره نحو الوجهة التي يريدها بل ان المحلل السياسي الذي يتحدث في القناة لا يقول فقط ما تؤمن به القناة وتحاول تسويقه بل فوق ذلك يسكت على بعض تجاوزات مقدم او مقدمة النشرة ولايعترض على اي فكرة او رأي او حتى سؤال يمكن ان تطرحه عليه خوفا من عدم استضافته له في المرة القادمة وبذلك يخسر الأجر المادي الذي يتقاضاه من القناة.
مثال بسيط اختم بهم هذه المقالة ....ففي أحد لقاءات قناة العربية الحدث مع احد هؤلاء المحللين السياسيين حول الاوضاع الراهنة في العراق، يشير مقدم النشرة الاخبارية للمحلل العراقي بعبارة " ماتسمى بالمقدسات" في سياق حديثه عن المزارات والمراقد الشيعية التي يكن لها الشيعة بل والكثير من السنة اسمى ايات الاحترام والتقدير .... ولم نجد للمحلل اي اعتراض او ردة فعل حول هذه العبارة حيث كان من الممكن للمحلل ان يقول لمقدم البرنامج ان هذه الاضرحة لها فعلا قدسية عند الكثير من سكان العراق مهما اختلفنا معهم حول هذه الاعتقادات، ولكن فضّل هذه المحلل السكوت عنها والتغاضي من اجل مبتغاه المادي المعروف سلفا !!!.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهند حبيب السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/04



كتابة تعليق لموضوع : مطلوب محلل سياسي للايجار !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net