صفحة الكاتب : بوقفة رؤوف

الأعربة
بوقفة رؤوف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قال تعالى :﴿ الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {97} وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {98} وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {99}﴾(سورة التوبة)
﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ {101} وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {102} ﴾ (سورة التوبة)
﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {14} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {15} (سورة الحجرات)
لغة :
يقال: رجل عربي. إذا كان نسبه في العرب وجمعه العرب. كما تقول مجوسي ويهودي، ثم يحذف ياء النسبة في الجمع، فيقال: المجوس واليهود، ورجل أعرابي، بالألف إذا كان بدوياً، يطلب مساقط الغيث والكلأ، سواء كان من العرب أو من مواليهم، ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب ( تفسير الرازي ) 
اصطلاحا:
سكان البادية  وهم أقسى قلباً وأجفى قولاً وأغلظ طبعاً وأبعد عن سماع التنزيل ( تفسير القرطبي)
 
وقد وردت روايات كثيرة عن جفوة الأعراب :
 " قال الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان، وهو يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم " نهاوند " ، فقال الأعرابي: والله إن حديثك ليعجبني، وإن يدك لتريبني! فقال زيد: وما يربيك من يدي؟ إنها الشمال! فقال الأعرابي: والله ما أدري اليمين يقطعون أم الشمال! فقال زيد ابن صوحان: صدق الله ورسوله: { الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله }
" وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، عن رسول الله - - قال: " من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن ". 
ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولاً، وإنما كانت البعثة من أهل القرى كما قال تعالى:﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى ﴾
" ولما أهدى ذلك الأعرابي تلك الهدية لرسول الله -  - فرد عليه أضعافها حتى رضي ,قال   :" لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قرشي أو ثقفي أو أنصاري أو دوسي " لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن: مكة والطائف والمدينة واليمن، فهم ألطف أخلاقاً من الأعراب لما في طباع الأعراب من الجفاء.
و عن عائشة، قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله - - فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم! قالوا: لكنا والله ما نقبل! فقال رسول الله - - وما أملك إن كان الله نزع منكم الرحمة؟ ". 
وكثير من الروايات يكشف عن طابع الجفوة والفظاظة في نفوس الأعراب. حتى بعد الإسلام. فلا جرم يكون الشأن فيهم أن يكونوا أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، لطول ما طبعتهم البداوة بالجفوة والغلظة عندما يقهرون غيرهم؛ أو بالنفاق والالتواء عندما يقهرهم غيرهم؛ وبالاعتداء وعدم الوقوف عند الحدود بسبب مقتضيات حياتهم في البادية.( تفسير سيد قطب)
التحليل :
الأعراب جزء من التركيبة الاجتماعية , وهم ضرورة لحفظ التوازن الاجتماعي , والذي يهمنا في هذا الموضوع هو دراسة طبيعة الشخصية الأعرابية من الناحية الفكرية ,هذه الطبيعة قد ساهمت الظروف الطبيعية القاسية من الجفاف و ندرة المياه وقلة مواطن  الكلأ في تشكيلها ,وان حاولنا تحديد مميزات الفكر الأعرابي نجده:فكر اندفاعي هجومي ,لا فكر دفاعي متأني وهو فكر سطحي مظهري تبسيطي , تجزيئي , شيئي 
 
 
أما فكر اندفاعي هجومي : 
فلأن الإستراتجية القتالية الأعرابية بسبب المكان المنبسط , المنكشف , الغير محمي أو المحصن بحواجز طبيعية كالجبال أو من صنع البشر كالقلاع أو الحصون , يعدم الدفاعات ولا تقوم لها قائمة وبالتالي الإستراتيجية الوحيدة القائمة هي الإغارة 
كما قال امرؤ القيس:
مكرٍ مفرٍ مُقبلٍ مُدبرٍ معًا . . . . . . كجلمودِ صخرٍ حَطَّهُ السَّيلُ من عَلِ
وقول زهير بن أبي سلمى
وَمَا الْحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ         وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ 
وقول عنتر بن شداد:
هَلاَّ سَأَلْتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ           إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي 
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ أَنَّنِي          أَغْشَى الْوَغَى، وَأَعِفُّ عِنْدَ الْمَغْنَمِ 
وَلَقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الْفَمِ 
فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ الَّتِي لاَ تَشْتَكِي          غَمَرَاتِهَا الْأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ 
يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّهَا                أَشْطَانُ بِئْرٍ فِي لَبَانِ الْأَدْهَمِ 
فالحرب عند الأعراب ( سكان البادية ) لا تعتمد على إستراتيجية الحصار ولا غيرها من الاستراتيجيات التي تعتمد على التخطيط والذكاء والدهاء والخداع والمراوغة وذلك بسبب التركيبة الجيوسياسية للبيئة البدوية وهذا ما أثر على الفكر الأعرابي وجعله فكر مباشر هجومي اندفاعي غير تريثي ولا ترددي ,لأن التريث والصبر والتردد والدفاع أخطاء قاتلة تكلف القبيلة حياتها في البيئة الأعرابية.
أما فكر وصفي :
فهو يكتفي بالتوصيف دون التدرج للتحليل والتركيب حتى في السياقات الشعرية من غزل وهجاء ومدح وفخر ورثاء وعتاب لا تخلوا من التوصيف البسيط الذي مادته الطبيعة فعلي بن الجهم الأعرابي لما قدم على المتوكل العباسي مادحا  ،أنشده قصيدة ، منها :
أنت كالكلب في حفاظك للود                 وكالتيس في قِراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عدمناك دلواً                 من كبار الدلا كثير الذنوب
وسيمات الفكر الأعرابي حين تخرج عن سياقها الطبيعي ( البادية ) لتخترق الفكر الديني في إطار أعربة الفكر الإسلامي تعمل على تقليص دائرة الإنسانية من الفكر الديني ودائرة الرحمة ولأن العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يبعثوا في البادية بل في المدن , و لأن النص الديني جاء بلسان  القوم الذي فيهم نزل وما تحمل اللغة من دلالات مكانية وثقافية مدنية تختلف عن الثقافة الأعرابية , فان فهم النص الديني يجب أن يكون حضري (مدني) لا أعرابي  , لكن المتتبع لتاريخية الفكرة الدينية الإسلامية يجد تسلل الفكر الأعرابي لها وسيطرته عليه فيما يعرف بأعربة الفكر الاسلامي.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بوقفة رؤوف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/29



كتابة تعليق لموضوع : الأعربة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net