انقلاب المفاهيم المحور الثاني: المصاديق
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الأسباب التي مرّت في المحور الأول، هي أهم الأسباب في تکوين منظومة فکرية و معرفية منکوسة و مفاهيم مقلوبة، و نتيجة لهذه المظاهر تتولّد مصاديق و تظهر علی أرض الواقع. و فيما يلي نشير الی أهم هذه النتائج و تلک المصاديق المتولّدة من انقلاب المفاهيم و استحالتها.
1ـ الانسان المنکوس:
قال(عليه السلام) في وصف علماء السوء: «فالصورة صورة انسان و القلب قلب حيوان» {الخطبة 78}
و قال(عليه السلام): « فمن لم يعرف بقلبه معروفاً، و لم ينکر منکراً، قلب فجعل أعلاه أسفله و أسفله أعلاه» {قصار الحکم: 365}
و قال(عليه السلام): « و ازدحموا علی الحطام، و تشاحّوا علی الحرام، و رفع لهم علم الجنة و النار، فصرفوا عن الجنة وجوههم، و أقبلوا الی النار بأعمالهم، دعاهم ربهم فنفروا و ولّوا، و دعاهم الشيطان فاستجابوا و أقبلوا» {الخطبة: 144}
و قال(عليه السلام): « فاجتمع القوم علی الفرقة، و افترقوا عن الجماعة، کأنّهم أئمة الکتاب و ليس الکتاب امامهم، فلم يبق عندهم منه الاّ اسمه، و لا يعرفون الاّ خطه و زبره» {الخطبة: 147}
و قال(عليه السلام): « قد خاضوا بحار الفتن، و أخذوا بالبدع دون السنن» {الخطبة: 104}
و قال(عليه السلام): « مالي أراکم عن الله ذاهبين و الی غيره راغبين» {الخطبة: 175} و قال(عليه السلام): « انّ الناس قد تغير کثير منهم عن کثير من حظّهم فمالوا مع الدنيا و نطقوا بالهوی» {الکتاب: 78}
2ـ الاسلام الممسوخ:
قال(عليه السلام): « أيها الناس سيأتي عليکم زمان يکفأ فيه الاسلام کما يکفأ الاناء بما فيه» {الخطبة: 102} و قال(عليه السلام): « قد تصافيتم علی رفض الآجل و حب العاجل، و صار دين أحدکم لعقة علی لسانه» {الخطبة 112}
و قال(عليه السلام): « و اعلموا انکم صرتم بعد الهجرة أعراباً، و بعد الموالاة أحزاباً، ما تتعلّقون من الاسلام الاّ باسمه، و لاتعرفون من الايمان الاّ رسمه، تقولون النار و لا العار، کأنّکم تريدون أن تکفئوا الاسلام علی وجهه، انتهاکاً لحريمه و نقضاً لميثاقه...» {الخطبة: 192}
و قال(عليه السلام): « و تواخی الناس علی الفجور، و تهاجروا علی الدين.... و لبس الاسلام لبس الفرو مقلوباً» {الخطبة: 108}
3ـ الضلال الاجتماعي:
قال(عليه السلام): « أيها الناس، انّا قد أصبحنا في دهر عنود و زمن شديد، يعدّ فيه المحسن مسيئاً و يزداد الظالم فيه عتوا، لا ننتفع بما علمنا و لانسأل عمّا جهلنا، و لانتخوّف قارعة حتی تحلّ بنا» {الخطبة: 32}
و قال(عليه السلام): « و لقد أصبحنا في زمان اتخذ أکثر أهله الغدر کيساً، و نسبهم أهل الجهل فيه الی حسن الحيلة» {الخطبة: 41}
و قال(عليه السلام): « و تواخی الناس علی الفجور، و تهاجروا علی الدين، و تحابوا علی الکذب، و تباغضوا علی الصدق، فاذا کان ذلک... کان أهل ذلک الزمان ذئاباً، و سلاطينه سباعاً، و أوساطه أکّالاً، و فقراؤه امواتاً، و غار الصدق، و فاض الکذب، و استعملت المودة باللسان، و تشاجر الناس بالقلوب، و صار الفسوق نسباً، و العفاف عجبا» {الخطبة: 107}
و قال(عليه السلام): « فيا عجباً و ما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق علی اختلاف حججها في دينها، لايقتصون أثر نبي، و لا يقتدون بعمل وصي، و لا يؤمنون بغيب، و لا يعفّون عن عيب، يعملون في الشبهات، و يسيرون في الشهوات، المعروف فيهم ما عرفوا، و المنکر عندهم ما أنکروا، مفزعهم في المعضلات الی أنفسهم، و تعويلهم في المبهات علی آرائهم...» {الخطبة: 87}
و قال(عليه السلام): « ما لي أراکم أشباحاً بلا أرواح، و أرواحاً بلا أشباح، و نساکاً بلاصلاح، و تجاراً بلا أرباح، ايقاظاً نوّماً، و شهودا غيباً، و ناظرة عمياً، و سامعة صمّاً، و ناطقة بکماً» {الخطبة: 107}
و قال(عليه السلام): « و اعلموا رحمکم الله انکم في زمان القائل فيه بالحق قليل، و اللسان عن الصدق کليل، و اللازم للحق ذليل، أهله معتکفون علی العصيان، مصطلحون علی الادهان، فتاهم عارم، و شائبهم آثم، و عالمهم منافق، و قارئهم مماذق» {الخطبة: 232}
و قال(عليه السلام): « يأتي علی الناس زمان لايقرّب فيه الاّ الماحل، و لا يظّرف فيه الاّ الفاجر و لا يضعّف فيه الاّ المنصف، يعدّون الصدقة فيه غرماً، و صلة الرحم منّاً، و العبادة استطالة علی الناس» {قصار الحکم: 96}
4ـ نبذ القرآن و تعاليمه:
قال(عليه السلام): « انّه سيأتي عليکم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفی من الحق و لا أظهر من الباطل، و لا أکثر من الکذب علی الله و رسوله، و ليس عند اهل ذلک الزمان سلعة أبور من الکتاب إذا تلي حق تلاوته، و لا أنفق منه اذا حرّف عن مواضعه... فقد نبذ الکتاب حملته، و تناساه حفظته، فالکتاب يومئذ و أهله منفيان طريدان، و صاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو، فالکتاب و أهله في ذلک الزمان في الناس و ليسا فيهم، و معهم و ليسا معهم...» {الخطبة: 147}
و قال(عليه السلام): « يأتي علی الناس زمان لايبقی فيهم من القرآن الا رسمه، و من الاسلام الاّ اسمه، مساجدهم يومئذ عامرة من البنی، خراب من الهدی، سکانها و عمّارها شرّ أهل الأرض، منهم تخرج الفتنة و اليهم تأوي الخطيئة...» {قصار الحکم: 361}
5 ـ الخوارج:
تعدّ ظاهرة الخوارج من أبرز مصاديق انقلاب المفاهيم و اعوجاجها، و تدلّ علی مدی الانحراف الحاصل في المنظومة الفکرية و المعرفية لدی طبقة من الناس اشتهروا بالتمسک بالدين و قراءة القرآن و لم يتجاوز تراقيهم.
و من نماذج استحالة المفاهيم عندهم ما فهموه من قوله تعالی: «لا حکم الاّ لله» حيث فسّروه بنفي الامرة و الحکومة السياسية، و قد ردّ عليهم أميرالمؤمنين(عليه السلام) بقوله: «کلمة حق يراد بها باطل، نعم انّه لاحکم الاّ لله، و لکن هؤلاء يقولون لا امرة، فانّه لابد للناس من أمير برّ أو فاجر...» {الخطبة: 40}
و منها أيضا تکفير أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، و قد ردّ عليهم بقوله: «أصابکم حاصب و لابقي منکم آبر، أبعد ايماني بالله و جهادي مع رسول اللهF أشهد علی نفسي بالکفر، لقد ضللت اذاً و ما أنا من المهتدين...» {الخطبة: 57}.
و منها تکفير اصحاب الذنوب، و قد ردّ عليهم أيضاً بقوله: «و قد علمتم انّ رسول الله رجم الزاني ثم صلی عليه ثم ورّثه أهله، و قتل القاتل و ورّث ميراثه أهله، و قطع السارق و جلد الزاني غير المحصن ثم قسم عليهما من الفيء و نکحا المسلمات، فأخذهم رسول الله ~ بذنوبهم و أقام حق الله فيهم، و لم يمنعهم سهمهم من الاسلام، و لم يخرج أسماءهم من بين أهله» {الخطبة: 127}
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat