النهار يلملم ما تبقّى من شظايا الشمس استعدادا للرحيل....ويصبغ وجه الشفق بنحاسيّة فاتنة..
والليل الرخيّ يزيّن رواق السماء باسترخاءٍ يعالج فوضى النهار...
والنجوم الفيروزيّة العينين تغمز للبدر كي يشتدّ عوده...
فيستعرض رجولته في مروجٍ من وسن...
ويصطفّ السمر على حواف الليل مباركاً ومهللا.
ويغدو الليل في مدّه توق وشوق وناااار.....
و... كلثوم ..!
تشحذ همم القلق..
وتجدل ظفائر الوجدان..
تستحضر الليل كرنفالات ابتهاج وزخّات حب..تُحي السُهاد في جفون مسّها الكرى.. و توزع الشوق على الأرواح الهائمة في ملكوت السهر حِصصا من وله..
ويغيب كل شيء في خاطري ألاّيَ؛ وصوتها،و... هو ،
و..هي..!
ما انفكت تغمسني في طين ذاكرتي..تلقي بالمزيد من الحطب على قلبي المشتعل..بقصيدٍ يُلهب الحواس ويصيب الجسد بحمّى اشتياق..تناور النبض عن استقراره، وسكر الروح على الثبات.. بمرثاةٍ تفضح سرّي ،حيث "بعيد عنك حياتي عذاب" على حاليَ تشهد ..
و..كلّي برفقتها اتقاد...
فما بين الآه والآه ضياع وشتات ،وما بين الكلمة والكلمة كومة ذكريات..وما بين النغم والنغم أرض جرداء بلا حياة.
وملهمة الليل تُبكينا وتسخر..
وتمنحنا ذاكرة مضاعفة...
تستعرضنا على شاشات العقل جذوعاً مقشّرة الوجوه..
تبعثرنا أشتاتاً في تيه اللحن...تعزفنا على ناي الوجع موالا وعبرة..تسحرنا بنشوة مخادعة ، وتذرذرنا بنفثة من آه..
والليل احتضار...!
وما انفك صوتها يفيض حتى آخر السمر...يسريّ في الشرايين المكتظّة بزرقّة الفقد ،يطوّق جيد الاحتمال بحبالٍ تسدّ منافذ الزفرات.
فــ هبيني سيدة الوجع غفوة بين أحضان الخيال..
ودعيني ..!
دعيني أعيش معكَ رغبة الوصال خيالاً طاعن الأمنيات...
دعيني آنسُ له في لحنكِ وجودا..ويُسر لقاءٍ بعد عُسر انقطاع، وبعث حبّ بعد رمادٍ وضياع ..علميني الرقص مع الجراح..واحتمال أشواك الوجع..ودعيني التقية في صوتكِ خلسة كي أتنفس..وفي رقّتك كي أولد..واتركيني أعيش في ليلتكِ أحلامي المستباحة...وامسحي بحنانكِ عن خدي ما استبان من دمعٍ وتوضّح ،وداوِ ببهجتكِ قلبي وما منه تكسّر،وروحي وما منها تخدّش..
و...اجبري كسر الفراق إن استطعتِ بلحنٍ يُبلّغه الآمال..
واخبريه بأنني والدمع في غيابه رفقه.. وأن الزمان لن يغيّرني..ولا الأيام ستُنسيني حبّه مهما غاب..
فلربّما تحقق بقربه الوداد،وخرجتُ من قمقم الألف خيبة وخيبة بيضاء من غير سواد، وقويّة من غير ضعف.. وشامخة من غير انحناء... قبل أن يتقوّس ظهر السنين ،و يتساقط على عتبات الصِبا عمري...فيكتبني الزمان سيرة إخفاقٍ وقصّة خداع.
و..هبيني رجوتك..!
هِبيني غفوة بين أحضان اللحن والدلال..
لأعيش معه العمر ألف عمر من وصال..
فوجودي دونه سراب، وحياتي في بُعده عذاب... "..
ومُحال نسيانه محال...مهما طال البعد وطال
محال نسيانه محال..
محال نسيانه محال...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat