صفحة الكاتب : محمد الحمّار

السياسيون لا يفقهون في خطاب التحرر
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إنّ القوى السياسية اليسارية والتقدمية عموما تشتكي فقرا مُدقعا بخصوص آليات الخطاب الإقناعي الذي من الضروري التوجه به إلى عامة الناس كي يقنعوهم بالبدائل التقدمية، وإن لم توجد هذه الأخيرة فعلى الأقل كي يدمجوهم في السعي إلى إيجاد البدائل.
لا المناضل الرمز حمة الهمامي ولا قادة المسار ولا الجمهوري ولا التحالف الديمقراطي ولا غيرهم من الزعامات التقدمية يمتلكون اليوم المقاربة المتناسبة مع الحاجيات الحقيقية للشعب ومع طموحاته وتطلعاته نحو المستقبل. ولمّا نضيف إليهم قادة الرأي في نداء تونس ومنحاهم البرغماتي التابع للفلسفات والرؤى المحافظة، بيمينها وحتى بيسارها المحافظ، وإذا أضفنا إلي  تلك الأطياف كلها الفكر الإخواني، اللازماني واللامكاني، للإسلام السياسي بكل ألوانه، يكون المشهد العام قاتما ومهتزا وفوضويا. وهو كما أراده مروجو نظرية "الفوضى الخلاقة".
 فالمشكلة التي يتخبط فيها الفكر التونسي والعربي عموما ليست غيابا للنضالية أو للأفكار المستنيرة. وإنما المشكلة تحديدا تنقسم إلى ثلاثة أجزاء مكملة لبعضها بعضا: مشكلة فهم للواقع أولا ثم مشكلة تصور للرؤى ثانيا فمشكلة بناء ثالثا. في الأثناء جُل هؤلاء السياسيين يريدون إفهام الشعب ما لا يريد أن يفهم وتعليمه ما لا يريد أن يعلم عوضا عن تدريبه على كيفية فهم ما يريد أن يفهم وتعليمه ما يريد أن يتعلم، والإصغاء إليه إن تعذر لديهم توفير المنهاج المطلوب وذلك لكي يشرّكوهم في صياغة الخطاب البديل. 
لو اضطلع السياسيون بهذه المهمات سوف لن يمنعهم ذلك من أن يبقوا زعماء وقادة للرأي. فما الذي يخشونه إذن؟ حسب اعتقادنا ما يخشونه هو إراقة ماء الوجه في حال لا ينصاع الشعب لطروحاتهم ونظرياتهم. وبالتالي تراهم بدورهم، على غرار السلطة، يتمسكون بالمنهج الاستبدادي لفرض آرائهم عليه. وإلا فلماذا لم يتفطنوا إلى كون خطابهم لم يتماشَ مع ثقافة الشعب ولماذا لم يراجعوا خطابهم؟
بينما في المقابل شعبنا شعب مسلم بطبيعته أي بثقافته وبتاريخه وبنضالاته فضلا عن عقيدة المؤمنين منه. والشعب المسلم يعني الشعب الذي لا يريد أن تُفرَض عليه الآراء والنظريات. وشتان ما بين الصورة الحقيقية لهذا الشعب المسلم وبين تلك التي يريد الإسلام السياسي غرسها في المخيال المجتمعي، بأن يوحى إليه أنّ الإسلام يترادف مع الانصياع ومع الولاء ومع الخنوع ومع الاستسلام. 
ولكن الشعب المسلم في الوقت نفسه شعب يقبل الآراء والنظريات التي تتميز بمنهجية تحررية. أمّا السياسيون في تونس وفي الوطن العربي فأثبتوا أنهم لا يفقهون شيئا في هذا المجال. وما عليهم إذن إلا العودة إلى ما يؤمن به هذا الشعب أصلا لا اصطلاحا، ممارسة لا إنشاءً، لكي يصبحوا فقهاء بخصوص مناهج التحرر ولكي يصوغوا خطابا متسقا مع الشعب.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/31



كتابة تعليق لموضوع : السياسيون لا يفقهون في خطاب التحرر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net