بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{60}
تبين الاية الكريمة جانبا من جوانب قدرته عز وجل , يتلخص ويتفرع في عدة جوانب :
1) ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ ) : النوم , تشبيها للنائم بالميت .
2) ( وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ) : ما كسب الفرد فيه من اعمال واقوال حسنة او سيئة .
3) ( ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ) : يبعثكم هنا بمعنى يوقظكم , تشبيها لعودة الحياة للميت , فيستيقظ الانسان من نومه , وتستمر حياته على هذا المنوال , حتى حلول اللحظة الحاسمة , التي تنتهي فيها ذلك الفلم عند الموت .
4) ( ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ) : حقيقة واقعة لا محال , طالت المدة ام قصرت , شاء الانسان ام آبا , رغب ام لم يرغب , آمن بها ام لم يؤمن .
5) ( ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) : هناك ينبأ الفرد بكل ما فعل من فعل , وقال من قول , كل حركة وسكون , فيثاب على صالحها , ويعاقب على طالحها .
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ{61}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة محاور :
1) ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) : الفوقية ليست فوقية المكان , بل هي الفوقية المطلقة لله تعالى في كل شيء , وفي كل جانب , كالقهر والغلبة , القدرة والعلم , السمع والبصر ... الخ .
2) ( وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ) : الحفظة هم من الملائكة , يرسلهم الله تعالى ليصونوا ويحفظوا ويحصوا اعمال العباد .
3) ( حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ) : عند حلول ساعة موت الفرد , تأتيه ملائكة من نوع خاص , موكلون بقبض الارواح , يراهم المحتضر ويشاهدهم , يكونون في ابهى حلة واجمل صورة لدى المؤمن , فينتزعون روحه بيسر وسلاسة , وأفظع صورة واقبح شكلا , لدى الكافر , فينتزعون روحه بطريقة بشعة ومؤلمة , تعتمد بشاعتها وشدة ايلامها على جرم المجرم وذنوبه , كما ويذكر النص المبارك ان هؤلاء الرسل ( ملائكة قبض الارواح ) ( وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ) , ولذلك عدة معاني منها انهم لا يقصرون بما يؤمرون به ولا يضيعونه , بل وحتى لا يخطئون الهدف ! .
ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ{62}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة مواقف :
1- ( ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ ) : الله عز وجل المالك المطلق لكل الموجودات , وكل الموجودات تعود اليه في يوم معلوم , مهما اختلف وطال الزمان .
2- ( أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ ) : قضاءه عز وجل نافذ في خلقه .
3- ( وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) : رغم الكثرة العددية للمخلوقات , فأنه عز وجل سيوفيهم حسابهم جميعا في نصف نهار من ايام الدنيا , او ربما اقل من ذلك .
قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ{63}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة محاور :
1) ( قُلْ ) : امر منه عز وجل لرسوله الكريم محمد (ص واله) , للفت النظر والانتباه الى امر ما .
2) ( مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ) : عندما يداهم الانسان خطب ما , يتوجه بقلبه وبكافة جوارحه الى الله تعالى , يدعوه علانية وسرا , ويكون على صنفين :
أ) المؤمن : عند الشدائد يزداد تعلقا به عز وجل , وعند الفرج يكون تعلقه به عز وجل اخف وطئا ! .
ب) الكافر : يتعلق بالله جل وعلا بكافة جوارحه , وربما يكون في هذه الحالة اشد ايمانا من المؤمن نفسه , لكنه عند الفرج يعود الى كفره وطغيانه ! .
3) ( لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) : يوجب الكافر على لنفسه امرين :
أ) قسم : وما يتعلق به من احكام .
ب) الشكر : عند الفرج يتوجب على الكافر الشكر , ايفاءا بقسمه , وان لم يف يزداد اثما .
المتأمل في النص المبارك , يلتفت الى امرين :
1- الشكر مرتبة من مراتب الايمان .
2- الشاكرين : منزلة من منازل المؤمنين .
للاية الكريمة خصائص وفضائل نافعة لوجع القلب ( مكارم الاخلاق ) .
قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ{64}
تشير الاية الكريمة الى ان المنجي المطلق من الشدائد والاهوال هو الله تعالى , لا غيره , لكن رغم ذلك , ينسب الانسان الضعيف العلاقة مع ربه نجاته الى حكمته ومخططاته , ويتناسى تماما دوره عز وجل في النجاة .
قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ{65}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة محاور :
1- ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) : النص المبارك في بيان قدرته عز وجل على انزال العذاب , واوضح انه يكون من جانبين :
أ) ( مِّن فَوْقِكُمْ ) : عذاب ينزل من السماء , كأن يكون مطر السوء او حجارة وغيرها , لذلك عدة امثلة في القران الكريم , منها ما حدث لاصحاب الفيل وغيره .
ب) ( أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) : اشارة الى خطر كامن , يمكن ان يكون عذابا مصدره تحت الاقدام , كالنيران في باطن الارض , وايضا الهزات الارضية والخسف , ( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ) الملك{16}
2- ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ) : يخلطكم فرقا ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .
3- ( وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ) : الاقتتال بين الامم , بين اتباع الدين الواحد , بين اتباع المذهب الواحد , والتاريخ خير شاهد على ذلك , فتقاتل المسلمون فيما بينهم , ولا زال يقتل بعضهم بعضا , بفتاوى من علماء السوء والجهالة , وكذلك تقاتل اليهود فيما بينهم , ووقع القتل والاقتتال بين النصارى في معارك طاحنة ! .
4- ( انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ) : الخطاب موجه الى الرسول (ص واله) بالخصوص , لكنه يعمم الى كل ذي لب سليم ( عموما ) , ليتأمل بيناته عز وجل , فيفهم ويغنم سبل الرشاد .
وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ{66}
تخاطب الاية الكريمة النبي الاكرم محمد (ص واله) , وتبين ان قومه (ص واله) كذبوا بكل ما جائهم به (ص واله) ( القران الكريم – الحجج الباهرة لاثبات ربوبيته عز وجل - البراهين الساطعة لاثبات نبوته ورسالته (ص واله) ) , لكن يلاحظ فيها ثلاثة امور :
1- ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ ) : هل كلمة ( قومك ) لها خصوصية محددة , ام انها تشمل الجميع ؟ ! , نطرح عدة اطروحات في كلمة ( قَوْمُكَ ) :
أ) ان تكون اشارة الى كافة الناس الذين دعاهم (ص واله) الى الايمان في ذلك الحين ! .
ب) ان تكون كلمة ( قَوْمُكَ ) اشارة الى قومه (ص واله) من معارفه وسكان مدينته الاصليين من العرب , دون سواهم من الامم الاخرى , الذين كانوا يسكنون فيها كعبيد او تجار وغير ذلك , طالما وان اكثرية المشار اليهم كذبوا بالدعوة , عندها تكون الاية الكريمة قد عنتهم وعينتهم ! .
ت) تضمنت كلمة ( قَوْمُكَ ) اشارة مضمرة للمسلمين الاوائل من غير العرب كصهيب الرومي وسلمان المحمدي ( الفارسي ) , حيث انهم امنوا به (ص واله) ولم يكونوا من العرب , ولا تشملهم كلمة ( قَوْمُكَ ) ! .
2- ( وَهُوَ الْحَقُّ ) : مصادقة مطلقة منه عز وجل لكل ما جاء به الرسول الكريم محمد (ص واله) .
3- ( قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ) : وظيفة الرسول (ص واله) منذر وبشير , وليس وكيلا , من باب الحفظ والرقابة , او من باب مجازاة الاعمال .
لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{67}
تشير الاية الكريمة الى ان لكل خبر مكان وزمان , بداية يبدأ منها , ونهاية ينتهي عندها , وقد يكون هذا الخبر عذاب واقع , او ثواب جامع , عندها سيعلم المؤمن والكافر هول ذلك العذاب , ويدرك كل منهم من يصل الى منافع الثواب الجزيل من عنده عز وجل , وقد يندرج هذا الخبر في مضمونين اخريين :
1- خبر ( نبأ ) مقدس وعظيم , كبير و مهم , لامر مستقبلي الحدوث , كنبأ المهدي (عج) , او ظهور عيسى (ع) , وخروج الاعور الدجال ... الخ ! .
2- نبأ عظيم , اشارت اليه الايات الكريمة في مطلع سورة النبأ الشريفة (عَمَّ يَتَسَاءلُونَ{1} عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ{2} الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ{3} ) .
للاية الكريمة فضائل وخصائص نافعة لوجع الضرس . ( مكارم الاخلاق ) .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{60}
تبين الاية الكريمة جانبا من جوانب قدرته عز وجل , يتلخص ويتفرع في عدة جوانب :
1) ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ ) : النوم , تشبيها للنائم بالميت .
2) ( وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ) : ما كسب الفرد فيه من اعمال واقوال حسنة او سيئة .
3) ( ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ) : يبعثكم هنا بمعنى يوقظكم , تشبيها لعودة الحياة للميت , فيستيقظ الانسان من نومه , وتستمر حياته على هذا المنوال , حتى حلول اللحظة الحاسمة , التي تنتهي فيها ذلك الفلم عند الموت .
4) ( ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ) : حقيقة واقعة لا محال , طالت المدة ام قصرت , شاء الانسان ام آبا , رغب ام لم يرغب , آمن بها ام لم يؤمن .
5) ( ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) : هناك ينبأ الفرد بكل ما فعل من فعل , وقال من قول , كل حركة وسكون , فيثاب على صالحها , ويعاقب على طالحها .
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ{61}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة محاور :
1) ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) : الفوقية ليست فوقية المكان , بل هي الفوقية المطلقة لله تعالى في كل شيء , وفي كل جانب , كالقهر والغلبة , القدرة والعلم , السمع والبصر ... الخ .
2) ( وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ) : الحفظة هم من الملائكة , يرسلهم الله تعالى ليصونوا ويحفظوا ويحصوا اعمال العباد .
3) ( حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ) : عند حلول ساعة موت الفرد , تأتيه ملائكة من نوع خاص , موكلون بقبض الارواح , يراهم المحتضر ويشاهدهم , يكونون في ابهى حلة واجمل صورة لدى المؤمن , فينتزعون روحه بيسر وسلاسة , وأفظع صورة واقبح شكلا , لدى الكافر , فينتزعون روحه بطريقة بشعة ومؤلمة , تعتمد بشاعتها وشدة ايلامها على جرم المجرم وذنوبه , كما ويذكر النص المبارك ان هؤلاء الرسل ( ملائكة قبض الارواح ) ( وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ) , ولذلك عدة معاني منها انهم لا يقصرون بما يؤمرون به ولا يضيعونه , بل وحتى لا يخطئون الهدف ! .
ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ{62}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة مواقف :
1- ( ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ ) : الله عز وجل المالك المطلق لكل الموجودات , وكل الموجودات تعود اليه في يوم معلوم , مهما اختلف وطال الزمان .
2- ( أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ ) : قضاءه عز وجل نافذ في خلقه .
3- ( وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) : رغم الكثرة العددية للمخلوقات , فأنه عز وجل سيوفيهم حسابهم جميعا في نصف نهار من ايام الدنيا , او ربما اقل من ذلك .
قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ{63}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة محاور :
1) ( قُلْ ) : امر منه عز وجل لرسوله الكريم محمد (ص واله) , للفت النظر والانتباه الى امر ما .
2) ( مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ) : عندما يداهم الانسان خطب ما , يتوجه بقلبه وبكافة جوارحه الى الله تعالى , يدعوه علانية وسرا , ويكون على صنفين :
أ) المؤمن : عند الشدائد يزداد تعلقا به عز وجل , وعند الفرج يكون تعلقه به عز وجل اخف وطئا ! .
ب) الكافر : يتعلق بالله جل وعلا بكافة جوارحه , وربما يكون في هذه الحالة اشد ايمانا من المؤمن نفسه , لكنه عند الفرج يعود الى كفره وطغيانه ! .
3) ( لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) : يوجب الكافر على لنفسه امرين :
أ) قسم : وما يتعلق به من احكام .
ب) الشكر : عند الفرج يتوجب على الكافر الشكر , ايفاءا بقسمه , وان لم يف يزداد اثما .
المتأمل في النص المبارك , يلتفت الى امرين :
1- الشكر مرتبة من مراتب الايمان .
2- الشاكرين : منزلة من منازل المؤمنين .
للاية الكريمة خصائص وفضائل نافعة لوجع القلب ( مكارم الاخلاق ) .
قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ{64}
تشير الاية الكريمة الى ان المنجي المطلق من الشدائد والاهوال هو الله تعالى , لا غيره , لكن رغم ذلك , ينسب الانسان الضعيف العلاقة مع ربه نجاته الى حكمته ومخططاته , ويتناسى تماما دوره عز وجل في النجاة .
قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ{65}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة محاور :
1- ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) : النص المبارك في بيان قدرته عز وجل على انزال العذاب , واوضح انه يكون من جانبين :
أ) ( مِّن فَوْقِكُمْ ) : عذاب ينزل من السماء , كأن يكون مطر السوء او حجارة وغيرها , لذلك عدة امثلة في القران الكريم , منها ما حدث لاصحاب الفيل وغيره .
ب) ( أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) : اشارة الى خطر كامن , يمكن ان يكون عذابا مصدره تحت الاقدام , كالنيران في باطن الارض , وايضا الهزات الارضية والخسف , ( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ) الملك{16}
2- ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ) : يخلطكم فرقا ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .
3- ( وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ) : الاقتتال بين الامم , بين اتباع الدين الواحد , بين اتباع المذهب الواحد , والتاريخ خير شاهد على ذلك , فتقاتل المسلمون فيما بينهم , ولا زال يقتل بعضهم بعضا , بفتاوى من علماء السوء والجهالة , وكذلك تقاتل اليهود فيما بينهم , ووقع القتل والاقتتال بين النصارى في معارك طاحنة ! .
4- ( انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ) : الخطاب موجه الى الرسول (ص واله) بالخصوص , لكنه يعمم الى كل ذي لب سليم ( عموما ) , ليتأمل بيناته عز وجل , فيفهم ويغنم سبل الرشاد .
وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ{66}
تخاطب الاية الكريمة النبي الاكرم محمد (ص واله) , وتبين ان قومه (ص واله) كذبوا بكل ما جائهم به (ص واله) ( القران الكريم – الحجج الباهرة لاثبات ربوبيته عز وجل - البراهين الساطعة لاثبات نبوته ورسالته (ص واله) ) , لكن يلاحظ فيها ثلاثة امور :
1- ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ ) : هل كلمة ( قومك ) لها خصوصية محددة , ام انها تشمل الجميع ؟ ! , نطرح عدة اطروحات في كلمة ( قَوْمُكَ ) :
أ) ان تكون اشارة الى كافة الناس الذين دعاهم (ص واله) الى الايمان في ذلك الحين ! .
ب) ان تكون كلمة ( قَوْمُكَ ) اشارة الى قومه (ص واله) من معارفه وسكان مدينته الاصليين من العرب , دون سواهم من الامم الاخرى , الذين كانوا يسكنون فيها كعبيد او تجار وغير ذلك , طالما وان اكثرية المشار اليهم كذبوا بالدعوة , عندها تكون الاية الكريمة قد عنتهم وعينتهم ! .
ت) تضمنت كلمة ( قَوْمُكَ ) اشارة مضمرة للمسلمين الاوائل من غير العرب كصهيب الرومي وسلمان المحمدي ( الفارسي ) , حيث انهم امنوا به (ص واله) ولم يكونوا من العرب , ولا تشملهم كلمة ( قَوْمُكَ ) ! .
2- ( وَهُوَ الْحَقُّ ) : مصادقة مطلقة منه عز وجل لكل ما جاء به الرسول الكريم محمد (ص واله) .
3- ( قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ) : وظيفة الرسول (ص واله) منذر وبشير , وليس وكيلا , من باب الحفظ والرقابة , او من باب مجازاة الاعمال .
لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{67}
تشير الاية الكريمة الى ان لكل خبر مكان وزمان , بداية يبدأ منها , ونهاية ينتهي عندها , وقد يكون هذا الخبر عذاب واقع , او ثواب جامع , عندها سيعلم المؤمن والكافر هول ذلك العذاب , ويدرك كل منهم من يصل الى منافع الثواب الجزيل من عنده عز وجل , وقد يندرج هذا الخبر في مضمونين اخريين :
1- خبر ( نبأ ) مقدس وعظيم , كبير و مهم , لامر مستقبلي الحدوث , كنبأ المهدي (عج) , او ظهور عيسى (ع) , وخروج الاعور الدجال ... الخ ! .
2- نبأ عظيم , اشارت اليه الايات الكريمة في مطلع سورة النبأ الشريفة (عَمَّ يَتَسَاءلُونَ{1} عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ{2} الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ{3} ) .
للاية الكريمة فضائل وخصائص نافعة لوجع الضرس . ( مكارم الاخلاق ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat