صفحة الكاتب : احمد محمد نعمان مرشد

تُرْكِيَا فِي عُيُونِ زَائرِيهَا !!!
احمد محمد نعمان مرشد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شيءغريب وغريب للغاية لم أكن أتوقعه ذلك أننيمن بلد عربي وزياراتي السابقة كانت لبلدان عربية حقا لقد أثار فِيّ الدهشة حيث دق جرس الطائرة التركية إيذانا بأننا وصلنا فوق مطار عاصمة تركيا السياحية والاقتصادية (اسطنبول )فما هي إلا دقائق حتى هبطت الطائرة وظننت أني سأخرج إلى مطار ومدينة كمطار ومدينة أي دولة عربية لكني تفاجأت باني في عالم آخر وفي دولة كانت مقرا للخلافة الإسلامية العثمانية حكمت بلاد العربوأفريقيا وأوربا واسيا لمدة ستمائة سنة وكان أخر الخلفاء هو السلطان عبدالحميد الذي قال مقولته الشهيرة(لن ينتقص من الإسلام شيء وانا حي )وقد ضعفت الخلافة العثمانية حتى انقلب عليهامصطفى كمال اتاتورك في عام1927موأقام جمهورية تركية علمانية حظر فيها السياسة على الإسلاميين وأودعهم السجون وبنى جيشا علمانيا اظهر عدائهللإسلاميين حتى جاء حزب العدالة والتنمية ونجح في الانتخابات وتولى مقاليد الحكم الفعلي لتركيا برئاسة رجب طيب اردوغان الذي خرج من السجن وخاض انتخابات أوصلته إلى رئاسة الحكومة حيث أن حزبه حكم وما زال يحكم منذو عشر سنوات بنى خلالها دولة مدنية حديثة راقية نهضت في شتى المجالات سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتنمويا ونحن هنا لسنا بصدد شرح تفصيلي لتاريخ الدولة العثمانية وما بعدها بقدر ما نحن بصدد بيان موجز عن تركيا ( في نظر زائريها ) فقد وجدت نفسي في مطاراسطنبول بين كم هائل من سياح العالم بجنسياتهم المختلفة وبلغات شتى وهم بين وافد أو مغادر فقلت في نفسي الأمر يختلف هنا كثيرا وأثناء مغادرتي للمطار نحو المدينة وجدت نفسيفي عالم راقي في منتهى الحضارة والمدنيةوالهدوء فوسائل المواصلات راقية جدا وحديثة ومتنوعة بين الترام والميترو والقطار والباص والتأكسي ورغم ذلك الجو الهادئ فلا تجد سائقا يسرع أو يعرض حياة غيره إلى الخطرولا تسمع صوتا يزعج فالحدائق بأشجارها الخضراء والأزهار والورود منتشرة بشكل غير عادي بما في ذلك جانبي الشوارع وكذا أماكن متقطعة في وسط الشوارعوأمامالمباني وجوارها إنها حقامدينة نظيفة جميلة في شوارعها وفي سكانها أينما اتجهت داخل اسطنبول أو خارجها أو في غيرها من المدن الأخرى لا تجد ما يقلقك أو يكدر مزاجك أو يغير طبعكاو يؤثر عليك ولو تأثيراً بسيطا فالبلد يعيش امن وأمان هدوء واطمئنانفلا تجد مسلحاً قط ولا تسمع باختطاف سائحوأخذه رهينة كما يحدث في بعض البلدان العربية فالآثار الإسلامية والقلاع التاريخية والحضارة العثمانية تملأ اسطنبولوغيرها فمن جامع السلطان احمد الشهيرإلى أيا صوفيا إلى جامع السلطان سليم إلى جامع بايزيد إلى جامع السليمانية إلى جامع محمد الفاتح إلى مضيق البسفور الى الكُبري المعلق الذي يربط بين اسطنبول الأسيوية واسطنبول الأوربية إلى بانوراما التي يستمتع السائح بمشاهدتها وتجعله يعيش حدث ومعركة فتح اسطنبول بقيادة محمد الفاتح ويكاد أن يكون التاريخ كله في اسطنبولوهو الآن يعيد مجده من هناك ولو كان العالم كله دولة واحدة لكانت عاصمته اسطنبولكما يقول المؤرخون فخلال رحلتي إلى تركيا لم أجد حادثا مروريا واحدا رغمالتقدم والحداثة في وسائل المواصلات والكم الهائل من السياح فمن خلال زيارتي لبعضالمستشفيات لم أجد مصاباً أو معاقاً بحادث مروري كماأن السائح يمر في طول البلاد وعرضها ولا يجد شحاتاً فالكل يعمل إما في القطاع العام أو الخاص أو المختلط أو في الزراعة أو التجارة والشركات الاستثمارية وأثناء بقائي في اسطنبول قررت مغادرتها إلى محافظة أخرى هي اسكشهير حيث استغرقت رحلتي إليها ست ساعات تقريبا بواسطة احد باصات النقل الحديثةالمعدة لذلك وعند تحرك الباص مبتدءً سيره في الرحلة ظننت انه يقلني بمفردي لأني لم اسمع حركة أو صوتاً لراكب فجولت نظري داخل الباص فوجدته مليئا بالركاب والسائحين ولكن بعضهم مشغولون بمناظر الزراعة المختلفة والخضرة الجميلة التي على جنبتي الطريقكما انك تشاهد البحر تارة عن يمينك وتارة عن يسارك هذا فضلا عنالاستمتاع بمشاهدة المدن الحضارية والأرياف التي مررنا بها وهي تشبه المدن بفنها المعماري وتخطيطها الحضري وأحيانا لا تكاد تفرق بين ريف وحضر هذا بالإضافة إلى الجسور والانهار والنفقات المتعددة العملاقة التي مررنا بها كما أني رأيت بعض من في الباص يستمتعونبتصفح الانترنت أو مشاهدة التلفزيون للقناة التي يستمتع بها كل راكب وسماعته إلى إذنه حيث يوجد مع كل كرسي شاشة لذلكفالسائح وبحسب رغبته في استخدام الشاشة في التلفزيون أو تصفح الانترنت أو الألعاب المسلية وما هي إلا لحظات فوق الباص حتى جاء المضيفون بتقديم العصائر والشوكولاته والوجبات الخفيفة فظننت نفسي وكأني امشي في الخطوط الجوية (طيران)على الرغم من طول المسافة لم اشعر بتعب أو إرهاق أو اهتزاز وكأني متكئ وآخذ راحتي في استراحة على شاطئ مضيق البسفور أو بحر مرمرة او البحر المتوسط وذلك لحداثة وسيلة النقل وتعبيد ورصف وزفلتت الطرق بمواصفات عالمية تخدم لعقود طويلة من الزمن لا حفر فيها ولا مطبات ولا يسحبه المطر والسيل وخلال رحلتيبين المدينتين المذكورتين لم أجد مكانا مقفرا خاليا من السكان أو فيه قطاع طرق بل شاهدت مناظر سياحية وزراعية خلابه وانهار وبحارا وفنا معماريا رائعا انتهى بي السفر حتى وصلت مدينة اسكشهير التي بها جامعة الأناضول والتي على اسمها وكالة الأنباء التركية الإخبارية (وكالة الأناضول)فتجولت بالجامعة التي عمرها واحد وخمسين عاما وقيل لي بانطلابها وطالباتها يصل إلى اثنين مليون يدرسونفي التعليم المنتظم والتعليم المفتوح (عن بعد ) من جميع أنحاء العالم والتعليم فيها مجانيا للأتراك بقرار من رئيس الوزراء اردوغان ولها استثمارات كثيرة من التعليم المفتوح فتقوم ببناء منشاءت حيوية كالجسور وغيرها ووجدتها جامعة رائعة الجمال مباني وحدائق وأندية ونوافير وملاعب واستراحات خاصة بالطلابومكتبة رائعة ومستشفى ضخم جدا يشتمل على مختلف الأقسام خاص بمعالجة الطلاب والطالبات مجاناومن تطورتحالته المرضية أو كانالمستشفى غير قادر على علاجها يتم إحالته إلى مستشفى آخر على حساب الجامعة فالبلد امن وهادئ وسياحيفتصور لو انك ظليت الطريق أو أردت مكانا معينا لا تعرفه من قبل وأنت في مكان خال من سيارات الأجرة فكيف سيكون حالك ؟ لكنك وأنت فيتركيا لا تخاف شيئا فما عليك إلا أن تأخذ أصبعك وتضغط على زر جهاز مثبت في الشارع على حامل له وما هي إلا لحظات حتىتقف إلى جانبك سيارة أجرة يقول لك سائقها(لبيك) وماذا تريد؟ فالحديث شائق عن تركيا وطويل جداً لكنالذي يعنينا هو كيف استطاع حزب العدالة والتنمية أن يقفز بالبلدإلى ما هو عليه الآن خلال عشر سنواتفقد كان سعر الليرة التركية متدني جدا وأصبحت اليوم تنافس الدولارالامريكي واليورو الأوربي والوضع الاقتصادي مريح للأتراك ومع ذلك فلن تجد صورة واحدة معلقه بالشوارعلرئيس الوزراء اردوغان او لرئيس الجمهورية عبدالله جول فالثقافة السائدة لدى الأتراك هي عدم تمجيد الزعامات وإنما احترامهم بقدر ما يقدمونه للبلد وبمقارنه هذه المدة القصيرة التي حكم فيها حزب العدالة والتنمية في تركيا بالمدة التي حكمت فيها الأنظمة المخلوعة في بلاد العرب لوجدت أن الأخيرة سعت بكل جهدإلى اكتساب الألقاب المختلفة كالسيد والزعيم كما سعت إلى تأبيد الحكم وتوريثه وتجهيل الشعوب وتخريب الأوطانوما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن اكبر شاهد على ذلك وما يحدث اليوم في سوريا الشقيقة من قتل للشعب وتدمير للمدن والقرى من قبل الطاغية بشار الأسد يندى له الجبينويتألم له الضمير ويُذرف له الدمع.لكن النصر قادم بمشيئة الله والتاريخ لا يرحم الظلمة والمجرمين .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد محمد نعمان مرشد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/18



كتابة تعليق لموضوع : تُرْكِيَا فِي عُيُونِ زَائرِيهَا !!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net