بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ{155}
تقتطف الاية الكريمة مقطعا مما جرى في واقعة احد , تلقي اللوم فيه على الشيطان (لع) , حيث تمكن (لع) من قلوب المؤمنين , والقى فيها روح الخوف والجبن ومن ثم الفرار , فحرفهم وازلهم .
الملفت للنظر في الاية الكريمة , قوله عز من قائل ( بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ ) , أي ان الشيطان (لع) تسلل الى قلوب المؤمنين عن طريق الذنوب , ولولا الذنوب لما تمكن (لع) من الولوج الى تلك القلوب ! .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{156}
تنهي الاية الكريمة المؤمنين , من التشبه بأقوال وافعال المنافقين ( الكافرين ) , وذلك في هذا الخطاب المباشر , مما يدل على خطورة هذا الامر ! .
الملفت للنظر في الاية الكريمة , قوله عز من قائل ( لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ) , لا يخفى على احد دور العوامل النفسية في اسقام واعلال الجسد .
وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ{157}
تبين الاية الكريمة امرين , هما خير مما يظن المنافقون , بل هما خير من الدنيا وما فيها :
1- ( وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) : القتل هنا بمعنى خروج الدم من الجسد , بعد التعرض الى اصابة بآداة جارحة .
2- ( أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ ) : لا يشترط في هذا النوع من الموت خروج الدم من الجسد .
لا شك ولا ريب , ان هذه بغية كل مؤمن اريب ! .
وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ{158}
توضح الاية الكريمة , ان في كلتا الحالتين , القتل في سبـيل الله او الموت , يكون مصير الانسان الى الله عز وجل , لذا فيبحث المؤمن عن ميتة ترضي الله عز وجل عنه , .
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ{159}
تذكر الاية الكريمة جانبين مهمين من صفات الرسول الكريم محمد (ص واله ) :
1- ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ) .
2- ( وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) .
هنا يكمن سبب رسوخ محبته (ص واله) في القلوب .
كما وتوصي الاية الكريمة النبي محمدا (ص واله ) بأربعة وصايا , ثلاثة منها بينه (ص واله) وبين المؤمنين , والرابعة تخصه وحده :
1- ( فَاعْفُ عَنْهُمْ ) .
2- ( وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) .
3- ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) .
4- (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ) .
هذه الامور هي من جملة اسباب انتشار الاسلام , واثره في فتح العقول قبل الحصون ! .
الملاحظ ان الاية الكريمة اختتمت بــ ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) , فيدرج ( المتوكلين ) في جملة من يحبهم الله عز وجل ! .
إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ{160}
تبين الاية الكريمة حالتين :
1- حالة النصر : ( إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ ) .
2- حالة الهزيمة والخذلان : ( وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ) .
يلفت النظر , اختتام الاية الكريمة بــ ( وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) , بعد ان اختتمت الاية الكريمة السابقة بـ ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) , لتقريب المعنى :
المتوكل : حبيب الله.
المتوكل : مؤمن .
المؤمن : حبيب الله
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ{161}
تبين وتثبت الاية الكريمة , انه لا يمكن لنبي ان يأت بشيء من غير معقول او غير مقبول , كأن يأخذ شيئا من مستحقات غيره , او شيئا ليس له , هذا من المستحيلات .
ثم تعرج الاية الكريمة الى ذكر ما سيحدث في يوم القيامة , بخصوص نفس الموضوع الذي نفته عن النبي (ص واله) .
هناك موضوع يختص بما ذكرت الاية الكريمة , ان النبي (ص واله) له ولاية من نوع خاص على المؤمنين كافة , فهل يجوز له (ع) ان يأخذ شيئا بمقتضى تلك الولاية ؟ , الجواب لدى اصحاب الشأن ! .
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{162}
الاية الكريمة جاءت بمحل سؤال للمؤمنين خاصة , والناس عامة , فينبغي لقارئها ان يجيب عليه , حسب ما يؤمن به ويقتضيه ايمانه , في هذه الحالة يكون الجواب ( لا ) .
هناك الكثير من الايات الكريمة جاءت بمحل سؤال , لذا فينبغي لقارئ القرآن والمستمع اليه , ان يجيب عليها , طمعا في المزيد من الاجر والثواب , وامورا اخرى ! .
هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ{163}
تؤكد الاية الكريمة وجود درجات في الجنة والنار , للمؤمن والكافر :
1- المؤمن : في الجنة سينال درجته الخاصة , التي تعتمد على عمله وايمانه وصبره على طاعة الله عز وجل , وكل درجة هي اعلى مما دونها , واقل مما فوقها , أي كلما ارتقى درجة كان الخير فيها اعم واشمل مما دونها .
2- الكافر : سيدخل الكافر في النار , وفي الدرجة التي يستحقها جزاء اعماله , وكل درجة هي أسوء مما فوقها , واقل عذابها مما دونها , اعاذنا الله والمؤمنين منها ! .
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ{164}
تذكر الاية الكريمة مننه عز وجل على المؤمنين , في عدة نقاط :
1- ( إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ ) .
2- ( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ) .
3- ( وَيُزَكِّيهِمْ ) .
4- ( وَيُعَلِّمُهُمُ ) : أ) ( الْكِتَابَ )
ب) ( وَالْحِكْمَةَ ) .
كما وتبين الاية الكريمة , ( وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) , قبل بعثته (ص واله) .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat