كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

الشعائر الحسينية في التاريخ الإسلامي

  اتفقت المصادر التاريخية المختصة بالحدث الحسيني إن أولى بوادر إحياء الشعائر الحسينية كانت مع وصول الصحابي جابر الأنصاري إلى أرض كربلاء وإقامته مراسيم العزاء على استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ويسمى يوم ( رد الرأس )، واقتدى التاريخ بهذه المناسبة  لزيارة الحسين عليه السلام .

    وفي المدينة عند عودة  السبايا استقبلهم الناس بالنواح والبكاء وضجت المدينة ، وأقيمت مجالس العزاء في حي بني هاشم. وبحسب المصادر التاريخية، إن المختار الثقفي الذي قاد ثورته ضد الحكم الأموي في ذروة الصراع الشيعي الأموي في السنوات الأولى بعد واقعة كربلاء أقام مجلس تأبيني  في داره بالكوفة.
وكانت تقام مجالس عشوائية في بيوت الأئمة عليهم السلام ويحضرها شعراء الشيعة وعلى الرغم من حملات الاضطهاد كانوا يفتحون أبوابهم للمعزين ، وكانت  سياسة الحكومات المتعاقبة تعمل حسب ميول السلطة ، فعندما قامت الدولة الحمدانية وهي من دول الشيعة أعطيت للشعائر الحسينية الدعم الكبير وللشيعة حرية إقامة مواكب التعازي، وعند الحكم البويهي في بغداد أقام الأمراء البويهيون الشعائر ، وفي عهد عضد الدولة البويهي كانت المدن تخرج عن بكرة أبيها يوم العاشر من محرم في مواكب العزاء الكبيرة ومن ضمن المعزين رجال الدولة ولم يستطع المؤمنون قبل وصول البويهين الحكم أن يعبروا عن حزنهم بمأساة كربلاء .
أول مرة يقيمون العزاء بشكل علني وتغلق الأسواق وتنصب المآتم واعتبر يوم عاشوراء عطلة رسمية وكان جلال الدولة البويهي يزور النجف كربلاء حافيًا ، إلى حين وصول السلاجقة ساءت أوضاع الشيعة وأعلن الحرب ضد الشعائر الحسينية ومنعوا إقامتها وضيقوا على الشيعة ممارساتها وعند وصول الصفويون إلى السلطة حصل تغيير جوهري في وضع الشيعة
ومنح حرية الزيارة وإقامة مراسيم عاشوراء وانتشرت طقوس العاشورائية في العراق وإيران والهند وباكستان وتركيا وأذربيجان وبنغلاديش وغيرها.
أصدر الولاة العثمانيين بتحريم الشعائر الحسينية واقاموا الشيعة قسم سرًا في البيوت ، وكان أشد الولاة العثمانيين قسوة على الطقوس العاشورائية هو الوالي داوود باشا حكم بغداد عام 1817 الى 1831 وكان يعتقد أن هذه الشعائر هي أداة للدعوة الدينية والسلاح سياسي لنشر التشيع فجاء الوالي بعده علي رضا باشا شجع بإقامة الشعائر وتطورت مراسيم العزاء الحسيني وكان يحضر المجالس في البيوت وأصدر مدحت باشا منعًا بإقامة الشعائر الحسينية ثم أضطر إلى الغاء ذلك بنفس العام لأنه أضطر لإعادة الشعائر ومنح حريات إقامة مراسيم عاشوراء .
هناك حكاية طريفة أن أحد أثرياء شيعة الهند هدد بسحب المبالغ المالية الكبيرة التي كان يقوم بتقديمها كمساعدات للدولة العثمانية من أجل انشاء بعض المشاريع ومنها بناء مدرسة الصناع في بغداد واستشار مدحت باشا الباب العالي مجلس الوزراء في اسطنبول فكان الجواب (دعهم يفعلون ما يشاؤون ما داموا لا يؤذون إلا أنفسهم) و أشاروا إليه بالسماح  بإقامة التعازي، ومن أوائل تلك المواكب حسب معلومة علي الوردي في كتابه الجزء الثاني موكب الشيخ محمد باقر أسد الله في الكاظمية، أما في كربلاء كان موكب آيه الله محمد جواد البلاغي في النجف وبذات التنظيم للهيئات والتكايا.
ومحلة العباسية كانت في مقدمة المحلات التي كانت تترك دورها للمواكب وفي بداية القرن التاسع عشر بدأت ظاهرة المشي إلى كربلاء وكان علماء المذهب أمثال السيد محسن الحكيم السيد القائد محمد جواد التبريزي يسيرون على الأقدام مشيًا إلى كربلاء. وسعت الحكومة البريطانية إلى سياسة الترغيب ورعاية المناسبة وفي العهد الملكي منعت الشعائر ثم أعيدت في سنة 1932م بلغ عدد الزائرين 100 ألف زائر ، ومنعت المواكب من قبل ياسين الهاشمي وحاربها بشدة وبعد هذه المرحلة بدأ العالم يعاملها على أنها تعازي لأهل البيت عليهم السلام  ولا شأن لها بالسياسة، والزعيم عبد الكريم قاسم أصدر مرسومًا يمنع فيه بعض فعاليات وطقوس الشعائر، وعبد السلام محمد عارف كان أشد الغاضبين على الشعائر الحسينية، إلا أن الرئيس عبد الرحمن عارف ساهم بتطوير المواكب وصل حينها عدد الزائرين نصف مليون زائر وكانت علاقته بزعيم الطائفة الشيعية علاقة طيبة وأما قضية حزب العفالقة فمعروف بالمنع والسجن والقتل والإبادة.
 تابعت سير الشعائر والطقوس الشعائرية  لأسلط الضوء على المآسي التي عانى منها الشيعة في مواساتهم لأهل البيت عليهم السلام، وعلى شيعة اليوم أن يدركوا النعمة التي أنعم الله بها عليهم من حرية وهذه النعمة تتطلب الشكر والحرص على إدامتها وله الحمد.

الشعائر.jpg

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!