كل خطيب له أسلوبه التعبيري المؤثر ، والمنهج العاشورائي يضيف إلى الأسلوب العام، أسلوب مضموني جمالي، يوسع وعي المتلقي ومداركه، نحو مسؤولية تبني واقعة الطف، كمقوم أخلاقي سلوكي، يبرز هوية المسلم المؤمن الملتزم بالخط الرسالي المحمدي . ويرى سماحة السيد أحمد الصافي إن الحديث عن الإمام الحسين عليه السلام يمكن أن يبدأ، لكن لا يمكن ان ينتهي.
عدة أمور لابد أن تقرأ: مثلًا المساحة الفكرية في المصدر التاريخي، وجماهيرية الرمز و خلوده عبر التواريخ ، ومأساة الطف وما تمتلك من مساحات شعورية مؤثرة. بعد ذلك تأتي قدرة الخطيب في البحث عن نقاط التلاقي مع الأثر المعاصر.
ما الذي صنعه الحسين يوم العاشر من محرم؟.
ما هوية المشروع الكبير الذي ضحى من أجله الحسين عليه السلام؟.
أواصر الولاء الجماهيري عبر القرون، والزحف الجماهيري المتصاعد كل عام للزيارة . الله سبحانه وتعالى شاء لهذا الإمام أن يكون مصنعًا للرجولة والفكر والثقافة والتضحية والتقوى، ومنقذًا للمنهج الإسلامي في ذروة تأسيس عمليات الإنحراف.
قراءة العلاقة بالواقع الديني، وتسليط الضوء على تجليات سيد الشهداء الحسين عليه السلام. فهو يرى حراك الجملة الشرطية، وجود شيء معلق على شيء في سورة محمد صلى الله عليه وآله: (إن تنصروا الله ينصركم )، إذ يتوقف الشرط على الجزاء والمتحدث رب السماوات والأرض. جميع الرسالات السماوية والإصلاحية ترفع شعار (الإيمان بالله واليوم الآخر).
الحسين عليه السلام ظاهرة كونية إنسانية أثرت في الضمير الإنساني، وتعامل معها الناس كل بحاجته، بوعي أو دون وعي. سماحة السيد أحمد الصافي يبين لنا فلسفة الوجود الحسيني عليه السلام، إن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى نصرنا ، لا الآن ولا في المستقبل، لا يحتاج إلى نصرنا، لا في السماء ولا في الأرض ، سبحانه غني عن العالمين. ليصحح لنا المضمون : إن تنصر الحق والحسين سلام الله عليه كل حركاته إلى الله تعالى، عسانا ندرك معنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (حسين مني وانا من حسين).
الإمام الباقر عليه السلام الله يقول: (إن أهل السماء يطلبونه كما تطلبونه أنتم)، وهذا يعني إن الحسين عليه السلام، يمتلك ذاتًا إلهية لا نعرف عنها شيئًا. بعد أن نصر الحسين دين الله سبحانه في الطف، نصره الله؛ لهذا نجد إن الزيارات المليونية هذه مشاهد تكريمية دنيوية، والمشاهد الحقيقية له يوم القيامة. والحسين يقول: (نعم الرب ربنا ).
كل إنسان عاقل يدرك أن الحسين سلام الله عليه أعد بقوة غيبية استباقية، وكان معظم المقربين من أهل البيت يعرفون الجنبة الاستباقية ونبوءة الرسول صلى الله عليه وآله.
في دعاء عرفة نستطيع أن ندرك الحسين بمعناه ، ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، يدور رضاه مع رضا الله تعالى ، اعتراف حكيم بفضل الله ورحمته ، إعداد نفسي وأخلاقي ؛ وبهذا الإعداد كان الحسين عليه السلام سيد الشهداء. وهناك جانب شعوري والألم والبكاء على الحسين عليه السلام منهج قراني وفعل أنبياء.
الخطاب يبحث عن الرؤية وعن مضمون الانتصار في الجوهر الإيماني ، و رمزية النصر ومضمون النصر ، النصر الذي يقرأه بعضهم انكسارًا في واقعه الطف، السبي وقيود الإمام السجاد، وسجن أئمة أهل البيت ، ومتابعتهم جميعهم .
نصر الله ، أين نصر الله لهم ؟
النصر الحقيقي أنه وجد الله :(ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك) . في الواقع، وقبل المصير بلحظات، يحمد الله الحسين:( ولم تجعلنا من المشركين). واقعة الطف منجم روحي خصب يحمل طاقات فكرية ورؤى إنسانية.
لابد أن ندرس واقعة الطف لنكشف عن حقولها الدلالية. الحسين محاصر بالموت وهو يناجي الله سبحانه وتعالى:( اللهم أنت ثقتي ورجائي ).
البقاء على النهج الرسالي حتى آخر لحظة من استشهاده بابشع جريمة عرفها التأريخ ، الطف يثير مشاعر الأجيال . يجيب سماحة السيد أحمد الصافي على تلك الأسئلة المحورية
:ـ ما الذي صنعه يوم الطف؟ أبرز التوحيد في يوم الطف، جعل كل ما يتعلق من أسماء الله وصفات الله جسدها يوم الطف، نصر دين الله وصفات الله و نصر أسماء الله ،لم يجعل الحسين عليه السلام مكانًا إلا ونصر الله فيه .
(إلهي كم من أمر يضعف فيه الفؤاد) هذه كم خبرية... هناك نعم كثيرة ومشاكل كثيرة أنزلتها (و شكوته إليك رغبة مني عما سواك).
قال الحسين سلام الله عليه تلك الكلمات وهو يقابل جيشًا لوحده وأمام الموت خطوة . ينبهنا الخطاب إلى ملازمات التوحيد،: كيف تعامل الحسين عليه السلام مع صفات الله؟ ومع صفة الرازق، وهو لا يرى شيئًا إلا الله تعالى. هذه خصوصيات يوم العاشر.
في عقيدتنا ، هناك كانت فرصة للحسين أن يطلب النصر من الملائكة، والامام لم يفعل أختار الموتى في سبيل الله؛ لذلك وصفه أرباب المقاتل يا رحمه الله الواسعة ،و يا باب نجاة الأمة، فيض من رحمة النبي صلى الله عليه واله وسلم، الأمة كانت في ظلال عندما رفضت رحمة الله تبارك وتعالى، كل من خذل الحسين إلى اليوم سيخذله الله ، كما خذل من تصدى قبله، وكل من ينصر الحسين سينصره الله تعالى، معادلة لا تقبل الخطأ فندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أنصار الحسين عليه السلام.


التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!