صفحة الكاتب : د . محمد خضير الانباري

حُلْم الزَّهْراء اَلمُؤجل
د . محمد خضير الانباري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    ذهبتْ الآنسةُ زهراءْ في صباحِ مبكرٍ إلى عملها الجديد- مرتديةً أبهى ما في خزانتها - الذي تعاقدتْ عليهِ معَ إحدى الشركات  قبلَ بضعةِ أشهر، حيثُ ، حددَ لها اليوم تاريخاً لمباشرتها في العملِ. وصلتْ فرحةً إلى مقرِ عملها الجديد. استقبلتْ بأحسنَ استقبالاً منْ موظفاتِ العملِ القديمات، ومديرها المباشرُ الجديد، حيثُ شرحَ لها موجزا عنْ عملها الجيد، معَ بعضِ التوصياتِ المهمةِ في الوظيفة، لكونها أولَ مرةٍ تعملُ بعد إنهاءِ دراستها. فوجئتْ بوجودِ إحدى زميلاتها في الدراسة في نفس قاعة العمل، فطارتْ فرحا، وأمضتْ معها ساعاتٍ في الحديث، توزعَ الابتساماتِ يمينا ويسارا، منْ شدةِ سعادتها ليومها الأولِ في العملِ الوظيفي.

      أخذتها زميلتها في جولةٍ بأروقةِ الشركة، منْ كافتيريا الشايِ، إلى حديقةِ المؤسسة، ثمَ الأقسامِ الأخرى، بينما كانتْ المكالماتُ الهاتفيةُ، تنهالُ عليها بينَ الحينِ والآخرِ منْ والديها وإخوتها، وصديقاتها، مهنئينَ لها، بهذا الحدثِ الجديدِ في حياتها، ألا وهوَ" التعيينُ " الذي جاء بعد ثمرةَ تعبٍ وجهد ودراسةٍ ، استمرتْ أكثرَ منْ عشرينَ عاما.

   وفجأةِ انقلبتْ الأمورُ عنْ بكرةِ أبيها، أوْ (عاليها على واطيها) في المثلِ الشعبي، أوْ( يا فرحةٌ لمْ تدم). . . جاءَ المديرُ المرحبُ بها في الصباح، في منتصف الظهيرة،  وبلغةٍ دبلوماسيةٍ هادئةٍ وخجولة، يخفي خلفها مزيجُ منْ الحرجِ والحزن، وبلباقتهِ المعروفة، خوفاً على أحاسيسها، لببلغها بالقرارِ الجديدِ للشركةِ " نشكرُ لكَ حضورك، وسنتصلُ بكَ الأسبوعُ القادم، وقد فسرته في مخيلتها: ( لمْ نعدْ بحاجةٍ إليك ).

    تحولتْ ابتسامتها الصباحيةُ إلى دموعٍ ظهرية، وأحمرُ وجهها ، خجلاً وألما، فقبلَ دقائقَ فقط، كانتْ تتلقى التهنئاتُ منْ أهلها، وتعيشَ فرحةُ البدايةِ الجديدة، (الفرحةُ مش صيعاها) مثلُما يقالُ من إخواننا المصريين، فإذا بها تفاجأَ ، بقرار الاستغناءِ عنها في أولِ سويعات عمل لها، أيُ يومٍ كئيبٍ تواجهُ الزهراءْ الجميلةَ في بداية حياتها الوظيفية، أيُّ عينِ حسدٍ ، التي اعترضت طريقها في صباحها الأول نحو عملها الجديد.

     عادتْ الزهراء الجميلة، مكسورة الخاطر الى بيت ذويها،  مثقلةً بالهموم، وبالدموعً المخفية، لترتميَ في أحضانِ والدتها، وتبكي بحرقة، بينما والدتها تواسيها وتشاركها في البكاء ، وتتلو عليها بعض آياتُ الصبرِ منْ القرآنِ الكريم، وتذكرها بقولهِ تعالى: (واصبروا إنَ اللهَ معَ الصابرين)، أما أخوها الصغير، فحاولَ التخفيفُ منْ حزنها، فاقتربَ منها، فغنى لها كلماتٌ منْ قصيدةٍ لنزارْ قباني التي غناها العندليبُ الراحلُ عبدُ الحليمْ حافظ: " يا ولدي لا ترجع. . فإني مكسورٌ مكسورٌ ". عندها ابتسمتْ قليلاً على صوته، وفرحت العائلةُ بأجمعها، على إبتسامتها الحزينة، ثم،غفتْ في نومٍ عميق. . وانطفأَ حلمُ الزهراء. لتتذكر، قولهِ سبحانهُ وتعالى: (وعسى أنْ تكرهوا شيئا وهوَ خيرٌ لكم) .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد خضير الانباري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/02



كتابة تعليق لموضوع : حُلْم الزَّهْراء اَلمُؤجل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net