صفحة الكاتب : د . محمد خضير الانباري

اَلسِّبَاق إِلَى اَلْبَرْلَمَانِ: بَيْنَ شِعَارَاتِ اَلْخِدْمَةِ وَغَايَاتِ اَلْمَصَالِحِ
د . محمد خضير الانباري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

       تعدّ مسألةُ الترشحِ إلى الانتخاباتِ البرلمانية، حقا مشروعا، كفلهُ الدستورُ العراقيُ النافذ، لمنْ تنطبق عليهِ شروطُ التشريح، ويجدَ في نفسهِ القدرةِ والكفاءةِ على خوضِ هذهِ التجربةِ الديمقراطية. في الدفاعِ عنْ حقوقِ المواطنين، وتنفيذَ مطالبهمْ أمامَ السلطاتِ التنفيذية. يتجددُ المشهدُ السياسي، في ترشحِ وجوهٍ جديدةٍ وتكررَ وجوهٌ مألوفة، ورفعَ شعاراتٍ رنانة، ووعود كثيرة، حاملينَ شعارَ الخدمةِ والإصلاح، ومحاربةُ الفساد، لكن، ما أنْ يغلقَ صندوقُ الاقتراع، وتعلنَ النتائج، حتى يبدأَ واقعٌ مغايرٌ في التشكل، يجعلَ المواطنُ في تساؤلٍ كبير: هلْ كانتْ الشعاراتُ والوعودُ التي رفعوها وسيلةً لتحقيقِ الغاياتِ الشخصية؟

    لقدْ ثبتَ في العديدِ منْ التجاربِ الدولية، وخاصةً في الدولِ المتأقرطة حديثا، التي تعاني منْ أزماتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ مزمنة، فقدْ تحول هذا الحقِ إلى وسيلةٍ لتحقيقِ مصالحَ فردية، أوْ واجهةٍ اجتماعيةٍ تمنحُ صاحبها نفوذا وسلطةٌ وامتيازاتٌ لا يجدها في الحياةِ العامة، ما لمْ يحجزْ لهُ مقعدا في السلطةِ التشريعيةِ.

    أنَ بعضَ المرشحينَ لا يحملونَ رؤيةٌ سياسيةٌ واضحةٌ أوْ برنامجا حقيقيا قابلاً للتطبيق، بلْ يعتمدونَ على العواطف، والانتماءاتُ الطائفيةُ أوْ العشائرية، أوْ حتى شراءِ الأصوات، في ظلِ غيابِ وعيٍ انتخابيٍ واسع. لذلك، تتحولَ العمليةُ الديمقراطيةُ التي يتمناهُ الجميعُ، إلى مجردِ طقسٍ شكلي، يتمَ فيهِ تغييبُ المصلحةِ العامةِ لمصلحةِ المصالحِ الضيقة. بعدَ انسدالِ الستارعلى الانتخابات، وممارسةُ المجلسِ لعمله، يصاب المواطنُ (الناخبُ السابق) بخيبةِ أمل. فبدلاً عنْ التشريعاتِ الإصلاحية الموعودة، فيلاحظَ غيابُ شبهٍ تامٍ للنشاطاتِ البرلمانيةِ في الأداءِ الرقابي، وتفرغ البعض الى عقدِ الصفقاتِ السياسية، أوْ تثبيتِ المواقعِ الشخصية، وبيعَ المناصبِ الوظيفية، أوْ الانشغالِ بصراعاتٍ جانبيةٍ ليسَ لها علاقة بمعاناةِ الناسِ، الذينَ أوصلوهم الى سلطة البرلمان . ومعَ ذلك، فلا يمكنُ إطلاقَ التحليل والرؤيا الحزينة على الجميع، فهناكَ ، منْ ترشحُ بدافعِ حقيقيٍ لخدمةِ الناس، ويحملَ في خططه رؤيةً إصلاحيةً واضحة، ويؤمنَ بأنَ العملَ البرلمانيَ تكليف لا تشريف. وإنْ قلَ عددهم، فإنهمْ يمثلونَ الأملُ في الإصلاحِ ، الذي يبدأُ منْ صناديقِ الاقتراع، مرورا بالوعي الشعبي، وانتهاءُ ببناءِ مؤسساتِ الدولةِ التي تستندُ إلى الكفاءةِ والنزاهةِ، لا إلى الولاءاتِ والانتماءاتِ الطائفيةِ والعشائرية. وفي النهاية، يبقى السباقُ إلى البرلمانِ اختبارا مزدوجا: اختبارٌ لصدقِ نياتٍ المرشحين، واختبارا لوعيِ الناخبين. فبينَ شعاراتِ الخدمةِ وواقعِ المصالح، يقفَ المواطنُ كفيصلٍ حقيقي، إنَ أحسنَ الاختيار، صنعُ الفارق، وإنْ انساقَ وراءَ الشعارات، أعادَ إنتاجُ الفشلِ القديمِ والمكررِ، لكلِ دورةٍ برلمانية جديدة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد خضير الانباري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/09



كتابة تعليق لموضوع : اَلسِّبَاق إِلَى اَلْبَرْلَمَانِ: بَيْنَ شِعَارَاتِ اَلْخِدْمَةِ وَغَايَاتِ اَلْمَصَالِحِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net