صفحة الكاتب : د . محمد خضير الانباري

عَالَم ضعيف تَحْت قِيادة تَافِه
د . محمد خضير الانباري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     يمرَ عالمنا البشريُ بأضعفِ حالاته، وبأكبر محنةٍ إنسانية يمرُ بها، نتيجةُ انهيارِ المبادئِ والأخلاقِ التي نادى بها كتابُ السياسةِ والقانونِ والاقتصادِ والفلاسفة في أوائلِ القرنِ التاسعِ عشرَ بعد نهايةِ الحربِ العالميةِ الأولى، وما تبعها بعدَ الحربِ العالميةِ الثانية، ثم، تأسيسُ الأممِ المتحدةِ.
    بدأَ العالم، يواجه، سلطةُ قائدٍ تافه، لا يعرفُ منْ السياسةِ والقانون، إلا ملأَ خزائنهُ منْ الدراهمِ بالحلالِ أوْ الحرامِ بالتهديدِ أوْ الاستثمار. . ليقودَ العالم، بمقاييس، شاذةً لمْ يسبقها أحدٌ بها، تخالفَ العدالةُ البشرية، تقاس كلُ المعاييرِ فيها، بالمال: فيوقفُ التعليم، ليوفر المال، ويقطعَ المساعداتِ دعمَ المنظماتِ الإنسانيةِ ليخزن الدولارُ. لمُ تبنٍ أو تنشأ أممٍ سابقة على هذا المنطقِ المتطرف: (أعطني المالَ لأحميكمْ) ، أوْ ( ادفعوا المال لأبعدَ عنكمْ الخطرُ ) . إنه حكمٌ أحاديٌ فيهِ مذلةٌ وإهانةٌ للحكامِ والشعوب. لقد سقطتْ عنْ جبين القائدِ التافه، مفاهيم الإنسانية، في إصدارهِ الدعواتِ العنصرية في ترحيلِ ضيوف البشر منْ اللاجئين، أوْ قطعِ المساعداتِ عنْ الشعوب الفقيرة، بدواعي محاربةِ الإرهاب. فقدْ تلبسُ أفكارا، بلا معنى، وممكنٌ تسميتها، بــــــ (علمُ فقدانِ الأخلاقِ ) . إن بعض قادةُ الدولٍ التي كانت تنادي بالديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسانِ منذُ مئاتِ السنين، تظهرَ حاليا، وجهها الحقيقي، في التجردِ منْ الرحمةِ والإنسانية؛ فتصبح السياساتُ إمعانا في موتِ الشعوبِ عبرَ قطعِ الغذاءِ والدواء، وتشييدَ الأسوار على حدودها، بدواعي وقفِ الهجرةِ غيرِ الشرعية.
   ينتشرَ الألمُ والقهر منْ الأطفالِ والنساءِ في كلِ بقاعِ الأرض، وتختزلَ المواقفُ في رؤية، أنَ لا مسؤوليةً ماليةً تجاهَ الآخرين، بلْ بيعُ أدواتِ الخرابِ التي تجعلُ الناس، يتقاتلونَ فيما بينهمْ ، يعيشُ الإنسانُ في العالمِ الجديد، الممتلئَ بالعلمِ والتكنولوجيا، لكنهُ في الوقتِ نفسه، يفتقدَ الحكمةَ والقيادةَ الرشيدة، فكثيرُ منْ قادةِ اليوم، لا يحملونَ منْ صفاتِ القيادةِ ، إلا العناوين، تنقصهمْ القوةُ الأخلاقية، والرؤيةُ الواضحة، والنتيجةُ أنَ الشعوب، رغمَ قوتها وإمكاناتها، تجدَ نفسها ضعيفةً أمامَ قراراتٍ قاسية، تصدرَ منْ عقولٍ تافهة، لا ترى أبعدَ منْ مصالحها الشخصيةِ الضيقةِ، لتفرضَ أفكارها المتطرفةَ على شعوبِ العالم. 
   لمْ يعدْ العالمُ ضعيفا في المواردِ المختلفة، ولا في الطاقاتِ البشرية، بلْ هوَ ضعيفٌ في توجيهِ هذهِ الطاقاتِ نحوَ الخيرِ والبناء. عندما يقودُ التافهونَ شعوب العالم، يصبح صوتُ العقلِ مهمشا، ويعلو صوتُ المصالحِ الضيقة، فينهارُ النظامُ وتكثرُ الفوضى، وتستغلَ الشعوبَ باسمِ الشعاراتِ الفارغة.
  يثبتَ التاريخُ أنَ الشعوبَ القوية، لا تنهضُ إلا، إذا وجدتْ قيادةً صادقة، حكيمة، تعرفَ قيمةَ الإنسانِ، وتدركُ معنى المسؤولية. أما في غيابها، فإنَ أمةً كاملةً يمكنُ أنْ تتهاوى، مهما امتلكتْ منْ علمٍ وقوة، ولهذا فإنَ العالمَ بحاجةٍ اليومَ أكثرَ منْ أيِ وقتٍ مضى إلى قادةٍ حقيقيين، لا إلى أناسٍ تافهينَ يقودونهمْ نحوَ الهاوية، يزينونَ الكلام، ويشوهونَ الأفعال. فالعالمُ القويُ يبدأُ منْ قيادةٍ قوية، والعالمُ الضعيفُ يولدُ منْ قيادةٍ ضعيفة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد خضير الانباري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/26



كتابة تعليق لموضوع : عَالَم ضعيف تَحْت قِيادة تَافِه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net