سؤال يجرح الخاطر، والجواب نعم طرد من بلاد المسلمين عنوة، والسبب مواقفه المساندة للإمام علي "عليه السلام"، كان هو وجماعة من أصحاب الإمام علي "عليه السلام" مثل كميل بن زياد، وصعصعة بن صوحان، وكان والي الحاكم عثمان على الكوفة سعيد بن العاص، رفع ضدهم شكوى يقول فيها، إن وجودهم يثير القلق، تم نفيهم إلى الشام، ووالي الشام معاوية بن أبي سفيان أيضا رفع شكوى لأنه لا يريد وجودهم، فردهم الحاكم إلى الكوفة وعاد سعيد بن العاص الشكوى فتم نفيهم إلى حمص حتى قرر أهل الكوفة إخراج سعيد بن العاص وعادوا إلى الكوفة وساهموا في طرد الوالي.
لو تأملنا في أسباب الطرد سنجد إن الولاء لأمير المؤمنين مدعوما بقوة الشخصية والمكانة العلمية عند مالك الأشتر ومن معه، والهيبة والوقار وقوة التأثير تجعل الحاكم يفقد الأمان، وهذا سبب كاف لنفيه.
هو مالك بن الحارث بن النخع، ولد في اليمن وأسلم على يد رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم"، هاجر الى الكوفة، صاحب عليا "عليه السلام" وكان من أخلص أصحابه المقربين.
هل من الحزم أن ينفى مثل هذا الرجل؟ وهو الذي يحمل تاريخا جليلا، وشارك في الكثير من معارك المسلمين، ومنها معركة اليرموك مع الروم، وشترت عينه فيها، ولذلك سمي بالأشتر (قطع جفنه السفلي إلى نصفين) وشارك في واقعة الجمل مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وكان أحد قادة معركة صفين حين تولى الإمام علي "عليه السلام" الحكم، كان لمالك السهم الأوفى في صحبته ونصرته.
حين نقرأ التاريخ نستلهم منه المواقف والعبر، إذا كان مثل مالك في شجاعته وإخلاصه وورعه يطرد من مدن مسلمة وتحت حكم إسلامي فإلى أين وصل حال المسلمين بعد رحيل رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" الرجل الذي خاض حرب الجمل مع أمير المؤمنين وكان على ميمنة الجيش، وفي حرب صفين برز مالك قائدا حكيما ومدافعا صلبا عن نهج الحق المتمثل بعلي بن أبي طالب "عليه السلام" عيّنه الإمام علي "عليه السلام" حاكما على الموصل وسنجار ونصيبين وهيت وعانات مناطق واقعة على حدود الشام، وقاد مالك الأشتر جيشا وزحف باتجاه الشام، واصطدم بجيش تحت قيادة (ابن أعور السلمي) وقام أبي الأعور بهجوم مباغت ليلا ففشل، حينها أرسل مالك إليه يدعوه للمبارزة، فجبن قائد جيش معاوية، وفكر معاوية بالقضاء على مالك فأرسل عمر بن العاص لمبارزته، لكنه هرب بعدما أصيب بوجهه، فكر معاوية أن يستولي على مصر وكان الوالي حينها محمد بن أبي بكر، فأرسل الإمام مالك بن الأشتر لإنقاذ مصر وشعر معاوية بالقلق فوصول مالك الأشتر إلى مصر يعني إنقاذها، لهذا فكر بقتله فدس له العسل المخلوط بالسم والمستورد من القسطنطينية فقتل مالك مسموما، وقال معاوية حينها كانت لعلي بن أبي طالب يدان قطعت إحداهما يوم صفين وهو عمار بن ياسر، وقطعت الأخرى اليوم وهو مالك الأشتر، وقال أمير المؤمنين "عليه السلام" رحم الله مالك.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat