صفحة الكاتب : صالح حميد الحسناوي

ان الله جميل يحب الجمال
صالح حميد الحسناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 -  ما هو رأيك بالجمال؟

نظر إليهم الحاج كريم بمودة أب وقال لهم (إن الله جميل ويحب الجمال)، يبدو أن مثل هذا الجواب استفز أحدهم فسأل بنبرة احتجاجية، ومن لم يؤمنوا بالله؟
أجابه الحاج كريم:
- سيراه بلا روح...
 أعتقد أن الجواب كان صادما، ولهذا سبب الصمت للجميع، وهذا الصمت ترك مساحة للحاج أن يكمل:
-   كثير من فلاسفة الإلحاد يلحقون الجمال بعالم الوهم، المؤمن يرى الجمال آية لوجود الله سبحانه وتعالى، بينما كبار الفلاسفة الملحدين يرون أن الجمال ليس جزء من نسيج الكون، بل هو مجرد ذوق سردي، أي بمعنى لا وجود للأخلاق خارج وعيها الإنساني ولا وجود للجمال خارج ذوقنا.
لا أحد من الشباب كان يتوقع أن هذا الرجل العجوز يحمل كل هذه الثقافة والوعي، والشيء الذي صدم الجميع إن مثل هذا الحديث غريب على مسامع الشباب، ولهذا انصتوا باحترام إليه.
-  تعرفون يا أولادي ماذا يقول (هيوم) وهو من كبار فلاسفة الإلحاد، يقول إن الإحساس لا يشير إلى شيء خارج نفسه.
قال إحدى الشباب حاج إن هذا الحوار جميل، لكن لو سمحت أن تشرح لنا ما تقوله، نحن لم نفهمْ شيئا
-  كل قرارات الفهم عندكم غير صحيحة لأنها تشير إلى شيء ما وراء نفسها.

-  نعم
الجمال عندهم ليس صفة في الأشياء نفسها إنه موجود فقط في العقل الذي يتأمل هذه الأشياء، وكل عقل يدرك جمالا مختلفا.

-  هل تستطيع أن تقرب لنا الصورة يا حاج كي نفهم
-  لدينا في الدين الإسلامي الحنيف إن الشيء الذي تراه جميلا هو جميل في ذاته، هو جميل وأن رأيته أنت غير جميل، لا يغير من قيمته شيء، ولا من معناه، أي أنت آمنت بجماله أم لا هو في النتيجة جميل، عند علماء الإلحاد ليس هناك إقرار بوجود الجمال الموضوعي في الكون، لانهم يصرون أن الجمال محض وهم، والوجود غير قابل للقياس والأجزاء الدقيقة لا تحمل بمفردها صوره الجمال التي يراها المؤمن، الجمال الحقيقي في الحكمة التي أبدعت الكون، حكمة وقدرة ولا حكمة في الكون عند الملحد، هي مجرد إحساس، وعند المؤمن إن العالم مصمم على صورة تثير هذا الإحساس بالإمتاع، الإمتاع خصيصة الشيء وليس محض انفعال شخصي.
قال أحد الشباب، حاج نحن ما زلنا في حيرة من أمرنا نحن لم نفهم كل المعنى لكننا عرفنا ما تقصد أو بعض ما تقصد، اشرح لنا الأمر، اخفض لنا المعنى فنحن أحببناه.
 أجابه الرجل الوقور
-  الأشياء الجميلة يا ولدي تثير المتعة، حتى لو لم تستمتع بها أنت، ربما انشغل بالك عنها، أو ربما مزاجك توعك عن الاستيعاب، هذا الأمر عائد لك، أما الأشياء الجميلة لها طبيعتها في إثارة الإعجاب، وهو جزء من صنعتها، الإنسان حين يكتشف الجمال في الكون يكتشف قيمة الوجود، ومعاني الحق، أنا لا أعرف متى يعي هذا العالم بأننا كائنات عميقة، ومعقدة البناء، ولا يمثل الجانب المادي فيها غير سطح بسيط.
قال أحد الشباب، يا حاج أنت تتحدث كثيرا عن العالم الروحي المحسوس، ونحن نبحث في العلم، ونتحدث في أمور علمية، وربما هذا هو الفارق الذي يجعل الأمر علينا صعب الاستيعاب، أجابه الحاج بكل مودة: 
-  وأنا يا ولدي ما خرجت عن الأمور العلمية إطلاقا، سأضرب لك مثلا، عالم الرياضيات والفيزياء الشهير هنري بوان كاريه، فيزيائي فرنسي، كشف علاقة الجمال بطلب العلم، يقول: لو لم تكن الطبيعة جميلة لما كانت من المفيد معرفتها، ولا كانت الحياة تستحق أن تعاش، بينما  التصور الإلحادي لا يرى الجمال حقيقة في الوجود...
بعد برهة صمت قال: إن الجمال يا أولادي حقيقة لا أمل لأحد أن ينكر وجودها، الإنسان في الإسلام مخلوق مكرم بأصل الخليقة، فيتصور كل واحد منكم حين يرى الناس يدعون الله بالنجاح والتوفيق، وهذا قمة التعلق بين الإنسان والخالق سبحانه وتعالى، وقمة الجمال، مشكلتكم يا شباب هو أنكم تهدمون المعنى نكاية بالدين، الجمال الحقيقي أن تدركوا معنى الفضيلة، والجمال الحقيقي أن نؤمن بأن الله جميل ويحب الجمال (أودعكم)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح حميد الحسناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/25



كتابة تعليق لموضوع : ان الله جميل يحب الجمال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net