التشابه الموجود بين أفكاري وبين محتوى هذا الكتاب كبير ،وما أتعرض له من تنمر، أسئلة يظن صاحبها أنه فتح العالم ، أسئلة قديمة قد أجاب عليها الأوائل قبل قرون ، وكتاب (حوار مع صديقي الملحد )للدكتور مصطفى محمود رحمه الله أجاب عنها بشكل رائع وجميل ، فما فائدة مثقف يقرأ الشكوك عبر التاريخ، ويتجاهل الأجوبة ، لعله يجد فيها القناعة،
إذا كان الله قدر عليّ أفعالي فلماذا يحاسبني؟ ومسائل كثيرة طرحت على مدار العصور والسؤال هل كانت تلك الأسئلة للبحث عن الحقيقة أم لمماطلة الحقيقة ؟.
مشكلة صاحبي أنه يتصور أن هذا السؤال بمثابة مسكة عنق ،وهذا السؤال موجود في نفس الكتاب، بنفس علامات الأستفهام، بنفس الأسلوب الاستفزازي،
ــ إذا يجري الله كل شيء بقضاء وقدر ، قدر علينا أفعالنا لماذا يحاسبنا عليها؟ ولا تقل لي مخير، الإنسان غير مخير فأنا فرض علي الميلاد والجنس والطول والعرض واللون والزمان والمكان
وهل أستطيع أن أوقف موتي؟
اقتباس عجيب يدل على ببغائية أولئك الذين يبحثون عن أدلة تقوي إلحادهم أو ترضي نفوسهم المريضة .
أجبته ما هو مصدر أسئلتك ،إنها مسائل قديمة متكررة؟ وكأني أعود لكتاب مصطفى محمود
ـ أفعالك معلومة عند الله سبحانه لكن ليست مقدرة عليك بالإكراه، إنها مقدرة في علمه فقط ،ممكن لك في تقديرك أن تتصور أن ابنك يسرق، ثم حدث وسرق هل أكرهته على السرقة ؟ أم كانت تقديرًا ،وأما الحجج الباقية التي تعبر عنها بالعجز الإنساني أمام قوة الشمس وحركتها ، فالمشكلة ليست بالشمس، المشكلة في فهمك لمعنى الحرية، أنت تتحدث عن الحرية المطلقة، تريد أن تتصرف بالكون وهذه الحرية المطلقة هي ملك الله سبحانه وتعالى، يخلق ما يشاء ولن يحاسبك الله على قصر قامتك أو طولك ولن يعاقبك لماذا لم توقف الشمس في مدارها ؟ أنت حر في أن تقمع شهوتك تلجم غضبك تقاوم نفسك تزجر نياتك الشريرة، تشجع ميولك الخيرة ، أنت حر في تصرفات نفسك تعطي أو تأخذ، تبخل أو تسرف ،الحرية التي عندنا حرية نسبية ، حركة اليد عند المرض جبرية ( ارتعاشة) حركة اليد عند الكتابة حرة اختيارية، بمعنى مختصر إن الحرية الإنسانية لا تعلو على المشيئة الإلهية
والحرية لو كانت ضمن مشيئته سبحانه ،ومنحة منه لا تناقض فيها ولا منافسة، لا تنافي التوحيد، ليس من سنة الله سبحانه وتعالى الإكراه في الدين والقضاء والقدر ،ليس بمعنى إكراه الناس على غير طبائعهم، الحرية هنا في حسن الإرادة وهوى القلب ونواياه ،لا يظلم الإنسان عند الله ولا يقهر، العلم حرية ،ويفتح ابوابًا للحرية العلم والدين.
شعرت إن صاحبي أفلس من ربح هذا السؤال وصار يشتغل بقوة العناد ، يقول أريد الزبدة هل الإنسان مخير أم مسير؟
قلت أجابك أحد الفلاسفة العرب حين لخص القضية الإنسان مخير فيما يعلم، والإنسان مسير فيما لا يعلم ،وكلما اتسع علمه زادت حريته، صرت أتوقع بقية المحاورة الموجودة في الكتاب وأنتظر ،وابتسم في خاطري ،البطل الملحد في الكتاب يتحدث عن حتمية الصراع الطبقي، ومثلما توقعت تمامًا ، أنهم ببغاوات لا أكثر، وفعلًا راح يحدثني عن هذا الصراع الذي دوخوا العالم به وهذه الحتمية الواهمة.
وكأن هناك قانون يسمى حتمية الصراع الطبقي ، كلمة خاطئة في التحليل العلمي ،أفهمها مني يا أخي لا حتميات في المجال الأنساني، أكثر ما تذهبون إليه هو ترجيحات و احتمالات وهذا هو الفرق بين الإنسان والإله ،الأجسام المادية يمكنها التنبؤ بخسوف الشمس في الدقيقة والثانية يمكن التنبؤ بحركاتها المستقبلية على مدى أيام وسنين لكن لا أحد يستطيع أن يعرف خبايا إنسان ،ماذا يظهر ؟وماذا يخبئ وما هي نواياه ، إلا على سبيل الإحتمال ، أغلب الصراعات اليوم لا علاقة لها بالطبقية المزعومة ، فشل الفكر المادي في فهم الإنسان، إن الإنسان حر وحريته حقيقة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat