العراق واستقرار الأغلبية الأصيلة: معادلة الأمن الوطني وحقيقة التوازن السياسي
رياض سعد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رياض سعد

إن استقرار العراق لا يمكن أن يتحقق إلا باستقرار أغلبية شعبه الأصيلة، لأن أي اهتزاز في هذه الكتلة الاجتماعية الكبرى ينعكس حتمًا على مجمل البناء الوطني، ويصيب الدولة في عمقها السياسي والاجتماعي والأمني... ؛ والأغلبية الشيعية في العراق، بوصفها الامتداد التاريخي والثقافي والديمغرافي الأكبر في البلاد، ليست مجرد رقم في معادلة الإحصاء السكاني، بل هي ركيزة التوازن الوطني ومفتاح الأمن والاستقرار، بل وضمانة وحدة العراق أرضًا وشعبًا.
إن المساس بهذه الأغلبية أو تهميشها أو إضعاف دورها في القرار السياسي، لا يعني الإضرار بفئة محددة فحسب، بل يعني ضرب البنية الكلية للمجتمع العراقي بكافة مكوناته الاجتماعية ، وإحداث فراغ استراتيجي يمكن أن تملؤه قوى داخلية متطرفة أو هجينة أو أطراف خارجية تسعى لاختراق النسيج الوطني وتفكيكه... ؛ فالإضرار بالأغلبية، أيًّا كانت المبررات أو الشعارات التي ترفع لتبريره، هو في حقيقته إضرار بالعراق بكامله، لأن هذه الأغلبية تمثل العمود الفقري الذي تتكئ عليه بقية المكونات العراقية لضمان الأمن والاستقرار والتعايش.
إن الأغلبية العددية، إذا ما جرى التعامل معها بخفة أو سوء نية، تتحول إلى بؤرة توتر داخلي، ليس فقط مع شركاء الوطن من المكونات الأخرى، بل مع شركاء الدوائر العربية والإسلامية الأوسع، لما لهذه الأغلبية من امتدادات حضارية وعقائدية وسياسية عابرة للحدود... ؛ ومن هنا، فإن إدارة هذا المكوّن الاكبر ليست مهمة ظرفية، بل هي مسؤولية آنية واستراتيجية، ترتبط بإزالة الموانع البنيوية أمام التغيير السياسي العادل، وفي مقدمتها تحالف الفئات المستبدة في الداخل مع قوى الخارج لفرض اختلال موازين القوى لمصلحتها.
إن تحويل الغبن التاريخي والسياسي الذي أصاب هذه الأغلبية إلى حجة ودليل في مواجهة الاستبداد والفساد، ليس مطلبًا طائفيًا أو فئويًا، بل هو أساس لبناء دولة العدالة والمواطنة، حيث يستفيد الجميع من إزالة الظلم وإرساء الحقوق... ؛ و إن استنهاض الأغلبية ووعيها بحقوقها هو استنهاض للوطن بأسره، لأن وعي كل طرف بحقوقه وواجباته هو الضمانة الوحيدة لسلامة الاجتماع السياسي، وحماية التوازن بين المكونات والطوائف والقوميات .
غير أن هذا التوازن يجب أن يكون توازن الحقوق والمصالح، لا توازن الإقصاء أو المساومات المؤقتة... ؛ فالتوازن الذي يبنى على قاعدة الاعتراف المتبادل، والشراكة الحقيقية، هو وحده القادر على صيانة العراق من الفتن الداخلية، وحمايته من أن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.
إن أي مشروع وطني عراقي يطمح للاستمرار لا بد أن ينطلق من حقيقة أن الأغلبية الأصيلة ليست عبئًا أو تهديدًا، بل هي أساس المعادلة الوطنية، وأن استقرارها وازدهارها هو استقرار العراق كله.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat