نزلتْ ملائكةُ الإلهِ مُبشِّرًا * تُزفُّ آياتٍ من السِّدرِ المُخلّدِ
الشيخ الحاج هاشم المياحي
الشيخ الحاج هاشم المياحي
قالوا: «لكَ الخيرُ المقيمُ وسؤدُدٌ *
في جَنّةٍ عُليا ومُلكٍ مُخلَّدِ
إن شئتَ أبقيتَ الحياةَ بدارِها *
أو فُزتَ بالخلدِ الجميلِ المؤبَّدِ»
فأجابَهم طه بنورِ يقينِهِ
* بلْ رِفقةُ الأعلى أُحبُّ وأُؤثَدِ
قد قالَ ربِّي في الكتابِ مُبشِّرًا
* والآخرةُ الخَيرُ المُعَدُّ لأحمَدِ
أبصرتْهُ فاطمةُ البتولُ مُودِّعًا *
فتهاوتِ الأحشاءُ منها مُكْدودِ
نادَتْ: «أبتاهُ، مَن ليتامى أُمَّةٍ؟ *
ومَن لقلبي بعدَكَ الوَجْدُ الشديدِ؟»
ضمَّ البتولَ إلى الفؤادِ مُسرّياً *
سرّينِ، فالعينانِ هَمَّتْ بالبُرُدِ
قالت: بكيتُ إذِ النُّعَى أخبرْتَني *
أني سَأفقدُكَ الحبيبَ المُمجَّدِ
ثم ابتسمتُ، لأنّي أولُ مَن *
يَلحَقْتُ بعدَكَ في الرَّدى المتجدّدِ
ثم التفتَ إلى الوصيِّ مسلِّمًا *
علمَ الإمامةِ والهُدى والمَسندِ
ناداهُ: «يا ابنَ أبي، وصيِّي بعدَما *
تنضي السنينُ، وأنتَ رُكني الأوكدِ
والثقلَ الأكبرَ، هم عِترتي التي
* فيها الأنوارُ ودليلي المُهتدي»
بكتِ الزهراءُ وارتجفَتْ حناياها أسىً *
وعليٌّ صبرٌ فوقَ صبرٍ مقتَدِ
ضمَّ النبيَّ إلى الصدورِ مودِّعًا *
وهو الوصيُّ، الحزنُ يَغلي في الكَبِدِ
حانتْ سَكَراتُ الموتِ فانطفأ الضيـا
* وغدا جلالُ الوحيِ يُطوى مُخلّدِ
قد فاضتِ الأرواحُ نحو خالِقها
* وانهارَ ركنُ الكونِ لما يُغْمَدِ
يا لهفَ فاطمةَ البتولِ وقد غدتْ *
تبكي وتَصرُخُ بالحشاشة والكبدِ
نادَتْ: «أبتاهُ، قد غَدا قبري أسىً *
ما لي سوى دمعي الغزيرُ المُبتَدِ»
أما عليٌّ فهو يُخفي لوعةً *
كالنارِ تَحرقُ جوفَهُ في المَسجدِ
غسَّلْتَهُ يا ابنَ أبيهِ بيدِهِ الطُّهرى *
لَم تُشرِكِ النَّاسَ ولم تُعاند
والماءِ يُهراقُ ودموعٌ هَوامِلُ
ت ذري اللآلئَ في فناءٍ مُرصَدِ *
صلَّيتَ والملأُ المقرَّبُ حولَكم
* والعرشُ يسمعُ في العزاءِ المُوحَدِ
والقَومُ في ظِلِّ السقيفةِ انشَغَلوا *
عن أعظمِ الأنباءِ بالخَطبِ الأَحدِ
نازعوا على حُكمٍ زَهيدٍ عاجلٍ *
وتركوا جسدًا عظيمًا مُسجّدِ
يا ويحَ أمّةِ أحمدٍ ما أجرأتْ *
أن تُلهيَ الدنيا وتَغفَلَ عن مُهتَدِ
لمّا استقرَّ الجسمُ في كَفِّ الوصي *
وتهيّأتْ أَكفانُهُ بتَجلّدِ
نادَى الأنصارُ: «ألا نُشاركُ في الـ
* لَحدِ الشريفِ ونَيلِ أجرٍ مُرصَدِ؟»
فأذِنْتَ أنْ يَنزِلَ القَبرَ امرؤٌ
* يَغدو مُعينًا للصَّفيِّ المُجتَهدِ
حتى استقرَّ الجُثمانُ في بطنِ الثَّرى *
وغدا الثرى فخرًا بعَظمٍ مُسندِ
أُوْدِعْتَ يا سرَّ الوجودِ بضَمّةٍ *
عزّتْ على كلِّ الورى والمشهَدِ
غابتْ شموسُ الوحيِ وانهدَّ الدُّنا
* وفَقَدْتُكَ، المُرتجى والمُعتمدِ
يا رحمةً أُهديتَ للدُّنيا ويا تاجاً *
على رؤوسِ العالَمينَ من المَسندِ
ما زالَ دمعي في الخدودِ غزيرُ *
حتّى أُلاقيَ الحبيبَ على مَوعِدِ
يا ربُّ صلِّ على النبيِّ وآلِهِ *
ما غنّى الحمامُ وزغردَتْ في الغصنِ غرّدِ
واجعلْ لنا في جَنّةٍ موعودةٍ
* لُقيا النبيِّ مع الوصيِّ السيّدِ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat