لقـــاء الآخرة..
ابو محمد الذهبي 

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  اتصلت بي إحدى وسائل الاعلام لإجراء لقاء تلفزيوني مباشر معي لبحث الأمور العسكرية والاقتصادية للبلاد، وقمت بتحضير ملفات خاصة باللقاء، واتصلت بأحد الأصدقاء الذين لديهم خبرة في المجال التلفزيوني، والأمور التي يجب تحضيرها في اللقاء.

 وقمت بالإطلاع على بعض الكتب والمجلات الخاصة بالموضوع النقاش، واشتريت ملابس جديدة وغالية، وقمت بالبحث في النت عن اللقات وأسرارها، وخرجت لي عبارة غيّرت مجرى حياتي (ماذا أعددت للقاء الله..؟).
 أدخلت هذه العبارة الخوف في نفسي، والرعب في قلبي: كيف اني أحضر وأعد العدة للقاء في الدنيا، ولا أتهيأ ليوم تظهر أعمالكم على الخلائق أجمعين، والأمور المخفية والأسرار غير المعروفة.
 وهنا سألت نفسي: ماذا أعددت ليوم لقاء الله تبارك وتعالى، أصابتني الصدمة اني لم أحضر أيّ شيء.. نزلت دموعي كيف لم أنتبه، وتركت حقوق الله، وقلت في نفسي: عن أي سؤال سأجيب، قال رسول الله (ص): (إذا كان يوم القيامة لم تزل قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعما اكتسبه: من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟ وعن حبنا أهل البيت)(1).
 وسألت نفسي: هل صلاتك كاملة، أي غير مطلوب قضاء..؟ عرفت ان صلاتي في بداية شبابي كانت غير كاملة، وأنا مطلوب عدة سنوات، وعليّ قضاؤها..! وهل اخرجت حق الله تعالى من الخمس، وهل لديك سنة خمسية..؟ أجبت: نعم، في اليوم الثالث والعشرين من رمضان أقيم ليلة القدر، وأصفي ذمتي؛ لكون بين يدي الله ليس في ذمتي شيء، نزلت دموعي وأنا أقرأ مقطعاً من دعاء أبي حمزة الثمالي: (وَمالي لا أبْكي وَلا أدْري اِلى ما يَكُونُ مَصيري، وَأرى نَفْسي تُخادِعُني، وَأيّامي تُخاتِلُني، وَقَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأسي اَجْنِحَةُ الْمَوْتِ، فَمالي لا أبْكي، أبْكي لِخُروجِ نَفْسي، أبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري، أبْكي لِضيقِ لَحَدي، أبْكي لِسُؤالِ مُنْكَرٍ وَنَكيرٍ اِيّايَ، أبْكي لِخُرُوجي مِنْ قَبْري عُرْياناً ذَليلاً حامِلاً ثِقْلي عَلى ظَهْري، اَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني وَأخْرى عَنْ شِمالي، اِذِ الْخَلائِقُ في شَأنٍ غَيْرِ شَأني ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾. 
 كيف اللقاء مع الله تعالى لا يمكِن أن أعتذر كما هو الحال في الدنيا، كيف بك في يوم كما وصفه الله تعالى في القرآن: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج: 3).
 وكيف بي وان أعمالي سجلت في كتاب لا يضل ولا ينسى قال تعالى: ((وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلقَاهُ مَنشُوراً * اقرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)) (الإسراء:13).
 وكيف بي وأن الأبناء والأموال لا تنفع وأبي وأمي، ومن كل له كدي وسعيي.. وكما جاء في دعاء الحزين الامام السجاد (عليه السلام): ((يَوْمَ آتِيكَ فَرْداً شَاخِصاً اِلَيْكَ بَصَرِي, مُقَلَّداً عَمَلِي, قَدْ تَبَرَّأَ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنِّي, نَعَمْ وَأَبِي وَأُمِّي, وَمَنْ كَانَ لَهُ كَدِّي وَسَعْيِي))، ماذا أفعل اذا أدخلت في حفرة مظلمة، وجاء منكر ونكير يسائلني لا يوجد عمل صالح أقابل به الله رب العالمين غير حب اصحاب الكساء الذين بشفاعتهم ندخل الجنة، وبحبهم نعبر الصراط، وندخل معهم فردوس محمد وآله (ص).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أدب الضيافة - جعفر البياتي: ج1/ ص78.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو محمد الذهبي 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/31



كتابة تعليق لموضوع : لقـــاء الآخرة..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net