حوارية (١٥١) ما هو أثر صدق وأمانة وعفاف النبي الأعظم محمد (ص) في هداية الأمة؟
زاهر حسين العبدالله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زاهر حسين العبدالله

السائل:
شيخنا، كثيرًا ما نسمع أن أخلاق النبي الأعظم (ص) قبل البعثة وبعدها كانت سببًا رئيسًا في دخول الناس إلى الإسلام. فكيف أثّر صدقه وأمانته وعفافه في هداية الأمة؟
الجواب: بسمه تعالى
لقد أراد الله سبحانه أن يكون نبيّه الخاتم (ص) قدوةً حيّةً يلمسها الناس بحواسهم ويستشعرونها بعقولهم وبصائرهم، قبل أن يسمعوا تشريعاته بلسانه. فجعل منه عَلَمًا للصدق والأمانة والعفاف، فصار محطّ القدوة والاقتداء، أرواحنا فداه، ومصداقًا لقوله تعالى:
{لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيراً (٢١)} [الأحزاب].
وسنقف عند هذه الصفات الثلاث لنرى أثرها النفسي والعقلي في نفوس الناس، وكيف كانت سببًا لهدايتهم:
1. الصدق
قبل البعثة، كان مشركو مكة يلقّبون النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) بـ "الصادق الأمين"، فقد خبروا صدقه وجربوه في تعاملاتهم، حتى كانوا يودعون عنده أماناتهم وهم أعداؤه لاحقًا. لقد رسّخ هذا الصدق وسمو اخلاقه ثقةً راسخةً في شخصه الكريم، فحين قال: «إني رسول الله» صدّقه من له عقل وبصيرة، إذ لم يُعرف عنه كذب قط.
2. الأمانة
أمانته في النصيحة، وحفظه للودائع المادية والمعنوية، وخلقه الرفيع، جعلت منه جسرًا ثابتًا يصل إلى قلوب الناس. فالمجتمع المكي الغارق في الجاهلية لم يكن يثق إلا به. ولم يجدوا بينهم مثلاً له . بل حتى عندما عزم على الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بإذن ربه سبحانه أوصى أمير المؤمنين عليًّا (ع) بردّ الأمانات إلى أهلها، فبقي الإسلام يُقدَّم من خلال شخصه الشريف نموذجًا حيًّا للأمانة الصافية المخلصة.
3. العفاف والطهارة
كان النبي الأعظم (ص) عفيف النفس، طاهر السريرة، نقيّ القلب، مترفّعًا عن لهو الجاهلية وشهواتها. هذا الصفاء العملي جذب الأرواح الباحثة عن النور الساطع، والضياء اللامع في روحه القدسية الشريفة ، فآمن به من كانوا عطاشى للقيم الرفيعة والأخلاق النبيلة ، والراغبين في العدالة فجسّد بذلك قول الله تعالى:
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم].
وهذا أعظم ثناء من الخالق جلّ جلاله على صفوة خلقه،وغاية خلقه، ومنتهى رضاه. النبى الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ليكون مظهرًا لجلال الله وجماله، وخليفته في عباده، وسراجًا منيرًا لهم.
وقد أحسنت وصدقت سيّدة نساء العالمين (ع) حين وصفته بقولها:
«لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رؤوف رحيم. فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنِعم المعزي إليه صلى الله عليه وآله. فبلغ الرسالة، صادعًا بالنذارة، مائلًا عن مدرجة المشركين، ضاربًا ثبجهم، داعيًا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة...»(١)
الخلاصة
لقد أدرك الناس من مشركي مكة من خلال هذا السلوك النبوي البهيّ أن الإسلام دينٌ عملي يدعوا إلى مكارم الأخلاق قبل أن يكون نظريًا، فلم تُهدَ الأمة بالخطاب وحده ولا بالسلاح كما يتوهّم البعض، بل بهيبة القدوة الحسنة التي جسّدها النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ). وهكذا صار خُلُقه قرآنًا يمشي على الأرض، يفتح القلوب للهداية ويجذب الأرواح إلى رحاب الحق.
فالسلام عليك يا رسول الله حين وُلدت، وحين بُعثت، وحين استشهدت، وحين تُبعث شفيعًا للأمة يوم القيامة.
عظّم الله لك الأجر يا مولاي يا صاحب الزمان (عج).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat