استرداد الرواتب من الموظفين !!
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باسل عباس خضير

ليس المقصود من هذا العنوان الاستيلاء او الاستحواذ على رواتب الموظفين وسلبهم حقوقهم في الحصول على راتب شهري ، وإنما محاولة إسهام جزء من رواتبهم الفائضة ( إن وجدت ) في حل مشكلات العجز وحصولهم على بعض الامتيازات ، فقد بات من المؤكد بان ضخامة الجهاز الوظيفي الحكومي والإعداد التي تأخذ رواتب ثابتة من الحكومة من موظفين ومتقاعدين ومتعاقدين وغيرهم وارتفاع المخصص لهم سنويا ضمن الموازنة التشغيلية والضغوط التي تمارس على الحكومة لخلق درجات وظيفية جديدة ، هو الشغل الشاغل ( المزعج ) للقيادات الحكومية ، وذلك ليس مخفيا وإنما نشهده باستمرار حين تطلق التصريحات الرنانة تزامنا مع مواعيد دفع الرواتب وهي تقول إن الموازنة تواجه صعوبات في دفع رواتب الموظفين ، لذا بات من المعقول بان يتحول جزء من هذه المشكلة إلى حلول تريح الطرفين .
والمشكلة ناتجة ( أساسا ) عن ضعف الإدارة وجمود الرؤى الاستشارية ضمن قوالب تقليدية ، فعلى سبيل المثال تدفع الدول المجاورة ( الخليجية ) رواتب أكثر من مستوى الرواتب في العراق ولكن إداراتها الاقتصادية ( تسترد ) هذه الرواتب بأساليب متنوعة ، لذا تجد إن الموظف يستلم الراتب من جهة ويتبخر من الجهة الأخرى في الإنفاق على احتياجات متعددة توفرها الحكومة ، وتدور الأموال في سلاسل متعددة لتعود في النهاية كلا أو جزءا لخزينة الحكومة بشكل مباشر او غير مباشر ، وهذا الاسترداد ليس مقتصرا على دول الخليج بل هو موجود في جميع دول العالم ومنها العراق نفسه الذي ( يسترد ) جزءا كبيرا من الرواتب ، ولكن اغلبه يذهب إلى دول الخارج من خلال سياسة الاستيراد المنفلتة وبذلك نخسر الدورة التمويلية والتشغيلية في الإطار المحلي ، فلو كانت نسبة الاسترجاع المباشرة مثلا 30 % لكان المبلغ المسترجع يزيد عن 20 تريليون دينار تدخل مجددا بوصفها إيرادات للموازنة إضافة إلى مساهمتها في خلق دخول إضافية مشتقة .
ولان نجاح فاعلية الإدارة يكمن في مقدار قدرتها في ( استرداد ) الرواتب ومقدار نسبة إعادة توظيفها محليا ومقدار المتعة والمنفعة والرغبة في الإنفاق لدى المواطن نفسه ، فان من الممكن عرض بعض الوسائل المستخدمة في إدارة هذا الحل مع بيان كيفية استخدام هذه الوسائل سابقا ( إن وجدت ) والتغييرات المطلوب إحداثها فيما لو فكرت الحكومة الاتحادية و/او الحكومات المحلية في تطبيقها بشكل أكثر فاعلية .
1- الاسترداد المباشر من الرواتب الكبيرة :-
إن استخدام الحكومة لهذا الأسلوب قليل وضعيف ويتركز في الاستقطاعات ، والمفروض استخدامه بشكل واسع وبنسبة مئوية من كل راتب ( مع المخصصات والامتيازات ) يزيد عن رقم يتفق عليه تحت اسم الاستقطاع الاستثماري ، حيث يوجه هذا المبلغ للاستثمار في قطاع الأسهم أو التامين أو الودائع طويلة الأجل وبالشكل الذي يتوافق مع رغبة الموظفين ، ويفترض تحديد ما سيترتب عن هذه الاستثمارات ( بشكل مؤكد ) من مردودات .
2- ضرائب النشاط الاقتصادي :-
من المعروف إن الرواتب يتم إنفاقها في شراء الاحتياجات من السوق ، وقوى السوق تدفع ضرائب للحكومة من خلال الرسوم والجمارك وضريبة الدخل السنوية ، واستخدام الحكومة لهذا الأسلوب غير فعال ويشوبه الكثير من اتهامات الفساد ، والمفروض أن تتحول الحكومة لأشكال أخرى مثل الضريبة على المبيعات والضريبة على التحويلات للخارج والرسوم الفورية وتتخلص من الأسلوب القديم الذي لم يثبت نجاحه .
3- الاسترداد من خلال الاستثمار والخدمات :-
ويتمثل بتشجيع الموظفين على استثمار جزء من رواتبهم في أسهم الشركات التي تؤسسها الحكومة لإدارة شركات الخصخصة والمشاريع الاستثمارية وذلك من خلال منحهم هذه الأسهم بالتقسيط ، وهذا الأسلوب تم استخدامه سابقا بنجاح كبير خصوصا في الشركات المختلطة . كما يشمل هذا الأسلوب الحصول على خدمات صحية في المستشفيات أو خدمات أخرى مثل السفر والسياحة والرياضة والاتصالات وغيرها .
4- الاسترداد من خلال مشاريع السكن المستقبلية :-
ويتمثل بقيام الموظفين بالتسجيل على الوحدات السكنية مقدما ودفع أقيامها مقدما من رواتبهم وضمن خطة السكن الشاملة الواردة في هذه الحلول ، على أن تكون الدولة شريكة و مستفيدة من تلك المشاريع وبما يضمن أن لا تذهب فوائدها إلى ( التماسيح ) .
5- الاسترداد من خلال الديون :-
وتتمثل بمنح الموظفين سلف معينة تستقطع منهم هي وفوائدها شهريا ، وهذا الأسلوب مستخدم من بعض المصارف العراقية ولكن بشكل ضعيف وفيه نوع من الإذعان بفرض فوائد كبيرة لا تجذب إلا من أهم في اشد حالات الاحتياج .
6- الاسترداد عن طريق ترك الوظيفة :-
يجب التفكير بإيجاد حزم متنوعة من الاستثمارات الصغيرة الفردية أو المشتركة لعدة موظفين مغطاة بسقوف تمويلية وحوافز تشغيل ، ومنح هذه الاستثمارات لمن يرغب من موظفي القطاع العام لترك الوظيفة والتحول للقطاع الخاص مع ضمان إمكانية عودتهم للوظيفة في حالة فشل المشاريع أو منحهم نصف راتب خلال مدة معينة أو أي أسلوب آخر وفي مقدمتها استبدال الوظيفة بجزء من قيمة المشروع الخاص ، وهذا الاقتراح يمكن ان يكون بديل عن الأسلوب الحالي في منح الموظف إجازة لمدة خمس سنوات ،
7- الاسترداد من خلال الادخار :-
وفيها يتم تشجيع الموظفين ليحولوا إلى صغار المستثمرين بتوفير جزء من رواتبهم تلقائيا وبدون مراجعة المصارف وفتح حسابات التوفير ، مقابل فوائد مجزية تزيد عن فوائد المصارف الحكومية كان تكون بنسبة لا تقل عن 5% سنويا ، أو الادخار في المعادن مثل الذهب أو النفط أو في السندات وغيرها ( المضمونة ) التي تصدها الجهات المالية في البلاد .
وقد يعتقد البعض إن استخدام وسائل الدفع الالكتروني ( ماستر كارد ) أسهم في تسهيل الدفع ، وذلك لا يتعلق كلا بما اقترحتاه فالمبالغ التي تدخل الماستر تتحول إلى حق كامل في التصرف لما فيه ، والأفضل هو تقييد ذلك الحق وتحويله للاستثمار والادخار من خلال استرداد واستقطاع جزءا من الاستحقاق قبل الدفع ، كما ان ثقافة استخدام الدفع الالكتروني لا تزال غير مرسخة بشيوع الدفع النقدي، ولا يحتاج الموضوع لبرهان فنسبة كبيرة من الموظفين وغيرهم يسحبون كامل المبلغ من الماستر بمجرد وصول الإشعار بالصرف .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat