لمّا سمع مرحبُ من الإمام علي (ع) أرجوزته، هرب ولم يقف؛ خوفاً مما حذّرته منه أمه أو مرضعته من قبل، لكنه رجع إلى قتال الإمام علي (ع) بعد أن لامه قومه بما هو معروف بالشجاعة وطول القامة، فضربه الإمام علي (ع) بالسيف على رأسه ضربة قطعت المغفر فوق رأس مرحب، حتى وصل السيف إلى أضراسه، فخرّ صريعاً، ثم خرج ياسر أخو مرحب، وخرج إليه الزبير بن عبد المطلب وقتله، وحمل الإمام علي (ع) على الجيش اليهودي فانهزموا ودخلوا الحصن وسدّوا بابه. وكانت الباب حجراًَ منقوراًَ مزخرفاً في صخر والباب من الحجر؛ فأمسك الإمام علي بيده اليسرى في ثقب الباب، ثم جذبها إليه فانهار الصخر المنقور، وصارت الباب في يده اليسرى، فحملت عليه اليهود، فجعل الإمام علي (ع) الباب ترساً له، وحمل عليهم فانهزموا، وهذا كله مذكور في خطبة الإمام علي (ع) في نهج البلاغة، وإنّ الحجر لم يستطع أربعون رجلاً رفعه، وكان أول حصن فتحه المسلمون هو حصن ناعم، ثم الغموص، حتى آخر حصن..
وقتل من اليهود( 93 )رجلاً، واستشهد من المسلمين (15) مسلماً، وأخذ رسول الله (ص) كنوز آل أبي الحقيق، وكنوز بني النضير التي تعود لحي بن أخطب، ومعها عشرة آلاف دينار ومواد غذائية كثيرة من تمر وشعير وسمن وماشية كثيرة، و(100) درع و(400)سيف، و(1000) رمح، و (500)قوس، ومصاحف من التوراة، لكن رسول الله (ص) ردّ المصاحف إلى اليهود لمكانة الرسول (ص) وأخلاقه العالية، فأشار إليه اليهود بالبنان؛ بينما عندما تغلب الرومان على في القدس وفتحوها سنة 70 ميلادية، أحرقوا الكتب المقدسة وداسوها بأرجلهم. وفي الغزوة سمت اليهودية وتدعى زينب بنت الحارث وهي زوجة سلام بن مشكم وهي أخت مرحب، فسمت شاة النبي محمد (ص) انتقاما لقتل أبيها وزوجها وأخيها، وبمعجزة من الله سبحانه نطق العظم، وقال إني مسموم، ومات على أثرها بشرٌ من البراء، فقال رسول الله (ص): ارفعوا أيديكم.
وبعد فتح خيبر قدم من الحبشة جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) ومن معه من المسلمين، وهم ستة عشر رجلاً، فتلقى النبي (ص) جعفراً وقبّل جبينه وعانقه، وقال رسول الله (ص): (ما أدري بأيهما أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر). وقد قسم رسول الله (ص) غنائم خيبر على المسلمين، وعندما عاد رسول الله (ص) إلى بلدة فدك، وهي يهودية أيضاً بالقرب من خيبر، فصالحه أهلها بدون دخول المسلمين إليها، فكانت فدك لرسول الله (ص) خالصة، لأنه لم يدخلها بخيل ولا ركاب، بعدها طلبت فاطمة الزهراء(ع) منه إهداءها فدكاً، وهي أرض زراعية لها، فأعطاها بصك منه وشهد المسلمون كافة.. بعدما انصرف رسول الله (ص) إلى وادي القرى - وهو موضع قرب المدينة المنورة - فكانت به جماعة في اليهود، فانتصر عليهم، وغنم متاعهم وأسلحتهم التي تركوها، وبعد هذه الغزوة وهذا الانتصار الباهر توسعت الدولة الإسلامية شيئاً فشيئاً بقيادة رسول الله محمد (ص).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat