صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

الهزيمة الأخلاقية في واقعة الطف ..؟
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نتحدث كثيراً عن انتصارات كربلاء ، والانتصار تارةً يُفهم مما حققه الطرف المنتصر من مكاسب وأهداف كانت وراء المواجهة ، وتارةً يُفهم من هزائم وخسائر الطرف الآخر .. ولهذا وقبل البت بالنتيجة وتحديد مَن المنتصر ومَن المنكسر لا بد من تحديد معايير النصر في كل مواجهة ..

أما النصر العسكري فلم يكن هدفاً لمعسكر أبي عبدالله وهكذا ينبغي للمعسكر الآخر ، وذلك لعدم تكافؤ المعسكرين وأنها خارج تصنيف المعارك القتالية بكل الأحوال .. فالقتل كان النتيجة الحتمية لأبي عبدالله عليه السلام ومن معه بلسانه صلوات الله عليه ( من لحق بنا أستشهد ) .

ولندع ايضاً المكتسبات التي حققتها ثورة كربلاء والتي أعطتها نصراً مؤزراً على طول الليالي والأيام ، فهذا النصر كُتب فيه الكثير الكثير .. وخير دليل عليه هو ما استدل به الإمام زين العابدين عليه السلام عندما سُئل عن المنتصر فأجاب عند الأذان يُعرف من المنتصر اشارة منه الى أن بقاء الإسلام أهم مكاسب إنتصار كربلاء ..

ولكن ما نريد أن نثبته هنا هو خسائر وهزائم الطرف الآخر ، والتي لا يختلف عليها إنسان ، وهي الهزائم الأخلاقية لهذا الجيش والوحشية التي ظهروا بها والتقهقر الروحي الذي أخرجهم من مرتبة الإنسانية ..

تفاصيل ما قام به بنو أمية ومرتزقتهم بالإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه بشعة ويندى له جبين الإنسانية وتهزّ كل غيور من أعماق ضميره .. فلم يسلم منهم طفل ولا امرأة ، قتل وسلب وتمثيل ، سبي وتنكيل .. كربلاء بصورتها اللاإنسانية هي نقطة الحضيض البشري في لحظتها وأدنى مستوى من مستويات الإنحطاط الإنساني ..

انتصار أبي عبدالله يقابله هذا الانهزام الأخلاقي لبني أمية وشيعتهم وأتباعهم ، وسيبقى عاره وشناره ملتصقاً بهم ما دامت السموات والأرض كما قالت الحوراء زينب عليها السلام ليزيد لعنه الله [ ولا تَرحضُ عنك عارها ] أي لا تغسل عنك عارها .

وأخطر أنواع الهزائم التي تمنى بها الأمة أو الجماعة هي تلك التي تضرب منظومتها الأخلاقية وتفسدها وتنخرها من الداخل ، قد يحصل إنكساراً عسكرياً في جولة يتم تداركه في جولات أخرى ، فالمعارك كرّ وفرّ ، أمّا أن تتخلّى عن مبادئك وتتنازل عن قيمك وتتنصل عن إنسانيتك .. فهذه أقسى وأمرّ أنواع الهزيمة .. بل هي النهاية التاريخية للأمة وللجماعة وفناءً لوجودها ..

ولعلنا نعيش في عصرنا الحاضر هكذا نوع من المعارك ، ونتعرض لهكذا هزائم ، فجراحنا كبيرة وكثيرة على المستوى الأخلاقي والثقافي والإسلامي .. فالغرب قد جيّش جيوشه ضدّنا واستطاع أن يحقق انتصارات كبيرة له للأسف الشديد .. !! آجركم الله


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/09



كتابة تعليق لموضوع : الهزيمة الأخلاقية في واقعة الطف ..؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net