صفحة الكاتب : زينب جاسم

الإيجازُ في القرآن الكريم
زينب جاسم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ورد ذكرُ معنى الإيجاز عند الجاحظ ت255هـ، عندما عقّب على ماجاء في قول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): (قيمة كلِّ امرىءٍ مايُحسِن) بقوله: (فلو لم نقفْ من هذا الكتاب إلا على هذه الكلمة، لوجدناها كافية مجزئة مغنية، بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية، وغير مقصرة عن الغاية، وأحسن الكلام ماكان قليلهُ يغنيك عن كثيره)، فمعنى الإيجاز واضح في كلامه، إلا انه لم يذكره بهذا المصطلح، وقد ذكره في مؤلفهُ الآخر (الحيوان) عندما قال: (لي كتاب جمعت فيه آيات من القرآن، لنعرف بها فضل مابين الايجاز والحذف، وبين الزوائد والفضول، والاستعارات، فاذا قرأتها رأيتَ فضلها، والجمع للمعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة، فمنها قوله تعالى، حين وصف خمر أهل الجنة: (لاَيُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَيُنْزِفُونَ) الواقعة:19 وهاتان الكلمتان قد جمعتا جميع عيوب خمر أهل الدنيا، وقوله عز وجل حين ذكر فاكهة أهل الجنة فقال: (لاَمَقْطُوعَةٍ وَلاَمَمْنُوعَةٍ) الواقعة:33 وجمع بهاتين الكلمتين جميع تلك المعاني).
 وقد بحث المبرد في الأدب العربي عن فن الايجاز، وأطلق عليه هو الآخر مصطلح (الاختصار) فقال: (ومن كلام العرب الاختصار المفُهِمُ والاطناب المفُخَّم، وقد يقع الايماءُ الى الشيء، فيغني عند ذوي الألباب عن كشفه، كما قيل لمحةٌ دالةٌ... ومما وقع الايماء فيه قول الفرزدق:-
ضَربَتْ عليكَ الْعَنكبُوتُ بِنَسْجِهَا   وقَضَى عليكَ بهِ الكتابُ المُنْزلُ)
 ثم بيَّن المبرد المعاني الكثيرة التي تحملها هذه الألفاظ القليلة، وبيّن استحسانه لهذا البيت، ولهذا الضرب من القول، وعدّه من كلام العرب البليغ، فما توصل اليه المفسّرون في تحليلهم للخطاب القرآني، قد توصل إليه النقاد، وذلك لأن آليات كل من المفسرين والنقاد واحدة، وقراءتهم للنصوص واحدة، ولذلك فالبيان والتفسير كلاهما يسير باتجاه واحد، وهذا يتضح من خلال طريقتهم الموحدة في تناول هذا الفن، والاتفاق على تسميته؛ وهذا يبيّن مقدار مايمتلكه النقاد والمفسرون من ثقافة واسعة، وذوق عالٍ في تلمس مواطن الايجاز أو الإختصار، واطلاق الحكم عليها.
 وأول من اطلق مصطلح الايجاز على هذا الفن البلاغي، هو ابن قتيبة في كتابه (أدب الكاتب)، إذ يقول عن الايجاز: (وليس هذا بمحمود في كلّ موضع، ولا بمختار في كلّ كتاب، بل لكل مقام مقال، ولو كان الايجاز محموداً في كل الأحوال لجرده الله في القرآن، ولم يفعل الله ذلك، لكنه أطال تارة للتأكيد وحذف تارة للايجاز)، فهو أول من أرسى قواعد هذا الفن البلاغي من النقاد، وان سبق بمحاولات المفسرين، فقد رسم حدوده وأوضح معالمه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينب جاسم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/03


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : الإيجازُ في القرآن الكريم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net