توصيات الإسلام في حقوق الجار
توفيق مالك الكناني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
توفيق مالك الكناني

نحن في بلد مسلم والرسول محمد (ص) أوصى (بسابع جار) وقال من الأحاديث الجمة بالجار، وحقوقه، نذكر القليل منها، والكل يعلم بها، ولكن مع الأسف يتجاهلها الكثير من الناس؟!! منها: (حق الجار ان يبدأ جاره بالسلام، ولا يطيل معه الكلام، ولا يكثر عن حالة السؤال، ويصفح عن زلاته، ولا يتطلع من السطح على عوراته، ولا يضيق طرقه الى الدار، ولا يتبعه النظر فيما يحمل الى بيته، ويستر ما ينكشف من عوراته، ولا يَسمع عليه كلاما).
لقد فقدت الموازنة ايام النظام المقبور، وأصبح الجار لا يحترم جاره، وليس الكل بل هناك البعض من الشواذ، حيث أخذ بعضهم يكتب التقارير على جاره، ويرفعها الى الفرقة الحزبية ودائرة الأمن ارضاء للمسؤول وطاعته مع غضب الله ورسوله... ان عالم الجيرة الاسلامية هو بالذات العالم الذي تضمنته كتب التراث الاسلامي ليس إلا، وانه يختلف تماما عن عالم الجيرة الذي نعيشه اليوم، بعدما سيطر النفاق وحب المظاهر على عالم علاقاتنا كلها، والنظرة الدونية لمن هم أقل شأنا إجتماعيا!!
ان التعاليم الإسلامية تحسم الجدل في هذا الأمر خاصة، اذا ما كانت قد وردت على لسان النبي محمد (ص) في خطبة فلم لا تكون مواعظه وخطبه هي الحكم؟ هل اصول الجيرة تنطبق على الفقراء فقط دون الأغنياء والمناصب العليا الدنيوية؟ وحتى في المناسبات اذا كان جاره فقيرا لايدعوه وانما يدعو الأغنياء حتى ولو كانوا من غير جيرانه.
حتى المشرك وضع له رسول الله (ص) حقا، ونحن - ولله الحمد - كلنا مسلمون، ولكن هناك -مع الأسف- من لايراعي هذه الأمور؟ كذلك يؤكد رسول الله (ص) ان المسلم لا يكون مسلما ما لم تربطه بجيرانه علاقة طيبة، وهنا يقول رسولُ الله (ص): (أحسن مجاورة من يجاورك تكن مسلما)، ان الدين الإسلامي يضرب الأمثال تلو الأمثال في أصول الجيرة وصلاحيتها، مما يدعو الى الاعجاب والتعجب في آن واحد؛ الإعجاب بمفاهيم الاسلام للجيرة والتعجب من ممارستها وتطبيقها؟
وفي حديث للرسول (ص): أتدرون ما حق الجار؟ ان استعان بك أعنته، وان استنصرك نصرته، وان استقرضك اقرضته، وان افتقر عدت عليه، وان مرض عدته، وان مات تبعت جنازته، وان اصابته مصيبة عزّيته، وان اصابه خير هنأته، ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح الا بإذنه، واذا اشتريت فاكهة فاهدِ له، فان لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج ولدك بها ليغيظ ولده... ونرى رسول الله (ص) لم يكتفِ بذلك كله، وانما أضاف عليها ما اعتبره حق الجار على جاره، وكأنه يضع بذلك قواعد الجيرة بشكل عام...
ويذهب رسول الله (ص) الى ابعد من ذلك حين يعتبر ان الجار الصالح يشكل سعادة لجاره، وفي هذا قوله (ص): ان من سعادة المسلم المسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهني... باعتبار الجار الصالح عنصر سعادة مبررة؛ إذ كيف يمكنك ان تعيش سعيدا في دار يجاورك فيها جار سيء الطباع والأخلاق، حسود النظرة، يتلصص عليك، والأدهى من ذلك هناك الكثير من النساء يدخلن بيوت الجيران ويستكشفن اخبارهم، ثم ينقلن الأخبار الى الخارج مما رأينه او سمعنه، وهن بذلك يضربن عرض الحائط بما يدعى أمانة المجالس... وأحاديث الرسول (ص) كثيرة عن الجار حتى قال رسول الله (ص): مازال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه... إذن علينا ان نتمسك بجذور الماضي وجذور الاسلام بالجيرة، واليوم نحن بأمس الحاجة لها خاصة في هذه الظروف التي أصبح التهجير في بعض المحافظات من الجيران بسبب الطائفية المقيتة وقانا الله جميعا شرها إنه سميع مجيب...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat