عندما كنا صغارًا، كنا نتذكر دائماً عبارة "نموت نموت ويحيا الوطن" التي كانت مستخدمة في المجتمع خلال الثمانينات. كما رأينا مشاهد من مسرحية "كاسك يا وطن" للفنان غوار الطوشة حيث كان دريد لحام يؤدي بشكل رائع. ودرسنا في تلك الفترة مادة التربية الوطنية في المدرسة المتوسطة، كجزء من منهج الاجتماعيات. كنا نتمنى أن ينتصر الوطن في كل شيء، لكن ما رأيناه فيما بعد كان مختلفًا عما تخيلناه كأطفال. فقد شهدنا الحروب والمعاناة والظلم بدلاً من الوطن الذي كنا نأمل به. فما هو مفهوم الوطن إذن؟
المواطنة والسلوك المدني هما مفهومان مرتبطان بمسؤولية الأفراد تجاه مجتمعهم ووطنهم. هذان المفهومان يحددان العلاقة القانونية والاجتماعية بين الشخص والدولة، ويتضمنان الحقوق والواجبات. السلوك المدني هو مجموعة من الأفعال التي تعبر عن قيم المشاركة والانتماء والتفاعل الإيجابي في الحياة العامة. ويندرج تحت المواطنة عناصر مثل الحقوق المدنية (كالحرية في التعبير والدين) والحقوق السياسية (مثل حق التصويت) والحقوق الاجتماعية (مثل التعليم والرعاية الصحية). من خلال هذه العناصر، تظهر أهمية المواطنة الجيدة التي تسهم في بناء مجتمع قوي ومزدهر وتدعم المشاركة الفعالة.
السلوك المدني يتضمن تصرفات تعكس المسؤولية والانتماء تجاه المجتمع، مثل احترام القوانين والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتعاون مع الآخرين. ينطوي على قيم وأخلاق تؤثر في تصرف الفرد، مثل احترام الأخرين، التعاون، والمشاركة، وتحمل المسؤولية. أهمية السلوك المدني تكمن في تعزيز الوحدة الاجتماعية والمساهمة في بناء مجتمع عادل ومتقدم، وهو يشجع على الانخراط الفعال في الحياة العامة.
لكن ما هي العلاقة بين مفهوم المواطنة والسلوك المدني؟
المواطنة توفر الإطار القانوني والاجتماعي الذي يحدد حقوق الفرد وواجباته في المجتمع، بينما السلوك المدني هو التصرفات التي تعكس هذه الحقوق والواجبات. تحتاج المواطنة النشيطة إلى سلوك مدني إيجابي، والسلوك المديني يعزز من المواطنة الجيدة. وهذا يتطلب من الأفراد أن يكونوا واعين لحقوقهم وواجباتهم، ويجب عليهم ممارسة السلوك المدني في حياتهم اليومية. يمكن ذلك من خلال الانخراط في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية، واهتمامهم بقضايا المجتمع، ومساعدة الآخرين وتحقيق أهداف مشتركة، أو من خلال المشاركة في الحياة السياسية مثل الانتخابات والتعبير عن آرائهم.
أهمية التعليم على المواطنة تكمن في أنه يساهم في تنمية الوعي لدى الأفراد بحقوقهم وواجباتهم، ويعزز قيم الانتماء. كما يساعد في تكوين شخصية متوازنة قادرة على التفكير النقدي واتخاذ القرارات المناسبة، ويشجع الناس على المشاركة في الحياة العامة واتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة المجتمع. لبناء مجتمع متماسك يحب وطنه، علينا تعزيز قيم التعاون والتسامح والتعايش السلمي بين الأفراد. ومع ذلك، فإن هناك تحديات كبيرة تواجه التربية على المواطنة وتطوير سلوك مدني، حيث تعاني المجتمعات العربية من ضعف الوعي الناجم عن نقص المعرفة. بعض الأفراد قد يفتقرون إلى الفهم الكافي لحقوقهم وواجباتهم كمواطنين، مما يؤدي إلى سلوكيات غير مسؤولة مثل العنف وعدم احترام القوانين. في النهاية، إذا لم تتوفر المواطنة عند الحاكم والمحكوم، سنظل بلا وطن ولا شعور بالمسؤولية، مما قد يؤدي إلى حروق أخرى كمما حدث في هايبر الكوت وغيرها من المدن، نسال الله الامن والأمان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat