البشرية وعلاقتها بالأنبياء عليهم السلام
محمد الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الموسوي

من الدروس الهامة التي يتلقاها الإنسان الواعي من القران الكريم وأحكامه وتشريعاته، يكون درس الحياة الذي يعطيه بصيرة التعايش مع هذه الحياة، وقوة ارداة للتعامل مع الذات، ثم مع الآخرين. وكتاب الله سبحانه وهو آخر الكتب السماوية، فالقران الكريم يختار نماذج خاصة هي من أسمى وارفع الشخصيات البشرية وهم الأنبياء عليهم السلام الذين اصطفاهم وأعطاهم الله تعالى الخاصية العظمى عن باقي البشر، واستخلصهم لنفسه، وأعطاهم الألواح والصحف المقدسة المطهرة والكتب السماوية، لينيروا به البشرية جمعاء - كل نبي في قومه - ويكون الأنبياء للناس قدوات لهم من الأعمال الصالحة المؤدية إلى عبادة الله الواحد الأحد رب السماوات والأرض، ويكون الإنسان المؤمن بالله وبنبيه أو رسوله (أي نبي أو رسول) يسير على نهجه أو رسالته والإيمان به والسلام عليه، كلما ذكر اسمه عند الناس، كما نحن المسلمون نذكر نبي الرحمة وخاتم الأنبياء والرسل نبينا محمد (ص).
ومن الواضح أن الصلاة على الرسول هو ذكر له واحترامه والإيمان به، وذكر النبي والرسول شرف لذاكره أيضا، ودرس ومنهج لحياة من يذكره، ويدرس أحاديثه، ويسير على سنته... ومن هنا جاء الأمر الإلهي والقرآني بوجوب الإيمان بجميع الأنبياء والرسل، وعدم التفرقة بينهم. والإيمان يعتبر من أوليات العقائد الإسلامية ومن أصول الدين، وهي النبوة المشار إليها بالنصوص القرآنية بقصصهم في القرآن الكريم؛ وهي قصص لنا لتكون دروسا وعبرا لحياتنا ولأجيالنا، فنجد آيات قرآنية كثيرة تستعرض للبشرية قصص الأنبياء والرسل مع قومهم، فهي كثيرة يوصفها القرآن المجيد بصورة حية جديرة بالتفكر والتبصر، واستخلاص الدروس والعبر للحياة اليومية لكل إنسان ومجتمع، لأن العبر من القصص هذه مفيدة للإنسان والبشرية جمعاء على مدى العصور إلى يوم القيامة، ليكون الإنسان على وعي تام بإيمانه بربه وبرسوله وبكتابه وإتباع تعاليمهم، وعدم التفريط بها، وعدم الانجرار وراء وساوس الشيطان الرجيم وغروره الذي يؤدي إلى الهاوية لا محال، كما اهلك الله أمما وشعوبا اتبعت الشيطان الرجيم، وتركت عبادة الله الواحد والأنبياء المرشدين لهم بالصلاح.
وفي الماضي كان الإنسان المؤمن يؤمن بالنبي المرسل من مجتمعه، وليس من مجتمع غيره؛ لأن النبي المرسل يحمل صفات مجتمعه الذي يعيش فيه، ويحمل صفات العصمة والتقوى والصدق في القول مع الآخرين والصبر والتضحية والإخلاص والتواضع مع الآخرين، وحب الناس وإنقاذهم من الشرك بالله، ونبذ الشيطان والعداوة والأنانية.
ولقد استطاع الأنبياء برسالاتهم أن يطردوا سلطان الشر والكفر والعدوان ووساوس الشيطان الرجيم من قلوب المؤمنين بهم، وجعلوا في قلوبهم سلطان الرحمن الرحيم، كما كان في قلب النبي إبراهيم (ع) ، فجعله يجلس في منجنيق النمرود مطمئنا إلى قدرة الله تعالى على إنقاذه؛ لأن النبي إبراهيم (ع) متصل بالرب أقوى واشد من الجبال، وأكثر بأسا من الحديد؛ لأنه هكذا تكون قوة إيمان النبي بربه ويكون قوة للبشرية من الصبر والتضحية في سبيل الله تعالى، وتكون البشرية على خطاهم ومنهجهم ودروسهم وشريعتهم والتمسك بهم وبكتبهم المرسلة من قبل الرب خالق السموات والأرض؛ لأن الإنسان المؤمن بالله سبحانه يمثل مفتاح شخصية المؤمن.
والإنسان المؤمن حينما يسمع النداء الرباني (الله اكبر) الذي يدوي في الأذان صباحا ومساء؛ فهو ينعكس في ضميره عظمة الخالق والإنسان المتمسك بالله وبنبيه، فهو أعظم إيمانا بتوكله على الله في أعماله ونياته، وفي كل شيء في الحياة، وليس باعتماده على نفسه.
فقصص الأنبياء التي ذكرت في الكتب المقدسة من الزبور والتوراة والإنجيل وخاتم الكتب السماوية وخاتم الأديان هو القرآن الكريم، يكشف عن أن كل الأنبياء المرسلين عليهم السلام من قبل الله سبحانه كان عزمهم وهمهم وسلوكهم منصبّا على تكريس واثبات العزة الربانية في نفوس البشرية، ليصنعوا منها مدرسة انطلاق باتجاه التقرب إلى الله تعالى، ليتخرجوا وينشروا علومهم وفنونهم وآدابهم التي تعلموها من رسولهم إلى أهلهم ومجتمعهم، لينتشر الدين المرسل والتعايش السلمي بين المجتمعات، كما أرسل النبي موسى (ع) إلى بني إسرائيل لينقذهم من الشرك ومن ظلم فرعون طاغية زمانه. وكذلك النبي عيسى (ع) أرسل إلى بني إسرائيل أيضا لينقذهم من الشرك والعبودية وإتباع الدين الجديد. وكذلك أرسل الله منقذا للبشرية جمعاء خاتم المرسلين والأنبياء النبي محمد (ص) رحمة للعالمين، والإيمان بالدين الجديد هو الإسلام وإنقاذهم من الشرك والضلالة وعبادة الأصنام والأوثان والعبودية والعصبية القبلية، وإنقاذ العبيد والنساء، ومساواة الناس بين الغني والفقير والأبيض والأسود والإيمان بالله الواحد الأحد رب السموات والأرض، وبالنبي المرسل وبكتابه القرآن الكريم وإتباع أحاديثه وسنته وإتباع أوصياءه الاثنى عشر (ع) لأن لكل نبي أوصياء أمر من الله تعالى وعدم الانجرار وراء الشيطان الرجيم وجنوده وزارعي الفتن والقتل والإرهاب الأعمى والخوارج عن الدين، وتكفير الأديان السماوية؛ لأن التكفيريين هم جند الشيطان، وأيامهم قليلة ومكشوفة أمام الشعوب المبتلية بهم؛ لأن هؤلاء لا دين لهم ولا عقيدة سوى إتباع الشيطان اللعين. ويبقى المؤمن بالله وبرسوله وبكتابه هو المنقذ له وبالبشرية جمعاء من تبعه على نفسه السير بالإيمان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat