حوارية (١٤٧) هل هناك سنخية تشابه بين نهضة الإمام الحسين (ع) والإمام الحجة (عج ) ؟
زاهر حسين العبدالله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زاهر حسين العبدالله

☝️السائل:
الأستاذ الفاضل أبا سجاد أعظم الله لنا ولكم الأجر بمصاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
أستاذي الفاضل من العلوم في المعتقد الشيعي أن الإمام صاحب العصر والزمان عندما يخرج سوف يطلب بثأر جده الحسين عليه السلام وسيكون شعاره يالثارات الحسين.
والسؤال أستاذي الفاضل أولا هل هناك سنخية (تشابه) بين نهضة الإمام الحسين عليه السلام وثورة الإمام الحجة (عج) الله فرجه.
والسؤال الثاني أن الإمام الحسين عليه السلام قال ما مضمونه: (لا يسمعُ اليومَ واعيتنا أحدٌ فلا يُعيننا إلا كبَّه الله لوجهِه في جهنَّم). فهل الإمام الحجة (عج) الله فرجه سيطلب النصرة بحيث تصبح واجبة على كل من سمعها؟ وبالأخص أن الصيحة سيسمعها من في المشرق والمغرب. غفر الله لشيعة أمير المؤمنين عليه السلام.
✋الجواب بسمه تعالى :
الأستاذ الفاضل أبا أحمد أعظم الله لنا ولكم الأجر بمصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، ورزقنا وإياكم الثبات على ولايته والبراءة من أعدائه، وجعلنا من أنصاره وأنصار ولده القائم بالحق (عج) الله فرجه الشريف.
سؤالك المبارك عميق ويدخل في صلب الارتباط بين "النهضة الحسينية" و"النهضة المهدوية". وسنجيب وبالله التوفيق
💡جواب السؤال الأول: نعم، هناك سنخية وتشابهات عميقة بين نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وثورة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، وهذه السنخية تظهر في عدة جوانب:
١-الهدف الأسمى في إحياء الدين : إقامة العدل الإلهي والقضاء على مخالب الظلم أو قبضته الشديدة
هدف الإمام الحسين (ع): خرج لطلب الإصلاح في أمة جده، وإحياء معالم الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومواجهة الظلم والانحراف الذي استشرى في زمن يزيد. كان هدفه إعادة الأمة إلى صراط الله المستقيم.
فقال عليه السلام : وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين . (١)
الإمام المهدي (عج): يخرج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً. ثورته هي تتويج لكل الثورات الإصلاحية، وهي الغاية الكبرى التي تهدف إلى تحقيق العدل الإلهي الشامل على وجه الأرض. فثورة الإمام المهدي هي الامتداد الطبيعي والتحقق الكامل لأهداف ثورة الإمام الحسين. حيث وردت الروايات المعتبرة بدور مولانا الحجة عليه السلام . فقد ورد في الغيبة للشيخ الطوسي: بهذا الإسناد ، عن الحسن بن الحسين، عن تليد، عن أبي الحجاف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبشروا بالمهدي قالها ثلاثا يخرج على حين اختلاف من الناس وزلزال شديد يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملا قلوب عباده عبادة ويسعهم عدله.(٢)
٢- يرفع الإمام الحجة (ع) شعار يا لثارات الحسين :
هذا الشعار الذي يرفعه الإمام المهدي (عج) يؤكد على الارتباط الوثيق بين الثورتين أو النهضتين . فثأر الإمام المهدي ليس ثأراً شخصياً، بل هو ثأر لله سبحانه وإقامة لدينه، وثأر لكل المظلومين عبر التاريخ، وفي مقدمتهم الإمام الحسين (ع) الذي كان رمزاً وشعاراً للمظلومية. هذا الشعار يربط بين البداية والنهاية، فكربلاء كانت بداية طريق التضحية، وثورة الإمام المهدي (عج) هي نهاية الظلم وتحقيق النصر.
٣-عنصر التضحية والفداء :
الإمام الحسين (ع): بذل مهجته وأهل بيته وأولاده وأصحابه فداءً لإبقاء معالم الإسلام الأصيل. فكانت ثورته قائمة على التضحية العظمى لإحياء القيم والمبادئ والمُثل ومكارم الأخلاق وفروع الدين بكل تعاليمه.
والإمام المهدي (عج): يقوم بثورته على أساس التضحية والجهاد ليؤكد تلك القيم والمبادئ التي أرادها الإمام الحسين عليه السلام لصلاح الأمة. فيعمل هو عليه السلام وأصحابه على درجة عالية من الإيمان والتفاني والاستعداد للتضحية، مستلهمين من روح التضحية الحسينية.
٤- قلة العدد وخذلان الناصر في البداية:
الإمام الحسين (ع): خرج مولانا الإمام بثلة من أهل بيته وأصحابه الذي لا يوجد مثلهم نظير مقابل جيش الطغيان والظلم الذي ملأ الوادي من كثرته على بنات الرسالة .
كذلك الإمام المهدي (عج): تبدأ ثورته بغربة وقلة في العدد حيث يكون أصحابه الخلص عددهم (313 قائداً )، ولكن ينصره الله سبحانه بهذا العدد بفضل قوة إيمانهم وصدق إخلاصهم في نصرة إمامهم فيحاطون بنعمة التأييد الإلهي، كما حدث مع الإمام الحسين عليه السلام حيث كان نصره الشهادة التي لا زال نبضها حتى يومنا الحاضر ويكون نصر الحجة عليه السلام تتويج لجهود جده عليه السلام فيكون النصر في الدنيا والآخرة .
٥-مواجهة الانحراف والباطل بقوة الإيمان واليقين بما عند الله سبحانه
كلاهما واجه قوى الشر والظلم والباطل التي انحرفت عن صراط الله المستقيم وسبيله القويم ، فسعيا لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وهداية الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان والعلم .
نكتفي بهذا القدر من الجواب لعمق سؤالكم ثم نتوجه لجواب سؤالكم الثاني
السؤال الثاني: هل الإمام الحجة عجل الله فرجه سيطلب النصرة بحيث تصبح واجبة على كل من سمعها؟ وبالأخص أن الصيحة سيسمعها من في المشرق والمغرب.
٥- النموذج الزينبي يتكرر
كما كانت السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) صوت النهضة الحسينية بعد كربلاء، فإن نساء عصر الظهور يحملن الرسالة الإعلامية والروحية.
فالمرأة الزينبية في الظهور:
واعية، شجاعة، مؤمنة، عالِمة بدينها.
تحفظ هوية الأمة في أوقات الفتن، كما حفظت زينب الكبرى (ع) الرسالة يوم عاشوراء.
الحضور في صفوف أنصار الإمام المهدي (عج)
ورد في الروايات أن من أصحاب الإمام المهدي (عجل الله فرجه) خمسين امرأة يشاركن في حركة الظهور مباشرة.
فعن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام يقول: الزم الأرض لا تحركن يدك ولا رجلك أبدا حتى ترى علامات أذكرها لك... إلى أن يقول
ويجئ والله ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضا، وهي الآية التي قال الله " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير "(٣).
٦- خروج الإمام المهدي (عج) يوم عاشوراء
الروايات الشريفة عند الإمامية تشير إلى أن يوم ظهور الإمام المهدي (ع) العلني وقيامه بالسيف سيكون يوم عاشوراء، يوم شهادة جده الإمام الحسين عليه السلام، تحديدًا في العاشر من محرم.
فقد ورد في الرواية عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (ينادى باسم القائم عليه السلام في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام، لكأني به في يوم السبت العاشر من المحرم قائما بين الركن والمقام، جبرئيل عليه السلام على (يده اليمنى) ينادي: البيعة لله، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا "(٤)
نؤجل إجابته في حوارية قادمة إن شاء الله تعالى .
✍️: زاهر حسين العبد الله
المصادر
(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٢٩.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥١ -
الصفحة ٧٤.
( 3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٢ - الصفحة ٢٢٣.
( 4) الإرشاد - الشيخ المفيد - ج ٢ - الصفحة ٣٧٩.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat