صفحة الكاتب : محمد ناصر

وهج المبدأ
محمد ناصر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عاشوراء ليست حادثة، بل مرآة… من تطلّع فيها رأى قلبه، ومن أنكرها، حجبت عنه ملامح إنسانيّته.

ما جرى في كربلاء لم يكن نزاعًا على الحكم، بل افتراقًا بين جهتين: جهةٍ ترى الدين مسؤولية، وأخرى تراه وسيلة للعبور إلى السلطة.

الحسين لم يكن طالب عرش، بل كان صاحب موقف، والمواقف لا تُشترى، ولا تُفاوض، ولا تُؤجَّل.
كلّ خطوة في درب الطفّ كانت سؤالًا كبيرًا: من أنت؟ وما الذي يليق بك أن تفعله حين يصير الباطل أميرًا على المنبر، ويُسبّ الحق في خطب الجمعة؟
لم يحمل الحسين سيفه ليثأر لذاته، بل ليُعيد المعنى إلى الحياة، ولهذا لم ينتظر النصر، بل قرّر أن يكون هو النصر، ولو كان جسده مفروشًا على الثرى.

في عاشوراء، لا تُقاس القيمة بعدد الجيوش، بل بنوعية القلوب،فكم من ألفٍ كانوا في جيش يزيد، ولم يكن فيهم رجل، وكم من طفلٍ في معسكر الحسين، خُلّد لأنه لم يساوم.

ذلك أن كربلاء ليست في التضحية فقط، بل في صدق النيّة، عليّ الأكبر لم يكن يبكي لأنه ذاهب إلى الموت، بل لأنّه مشتاق للحق، والعباس لم يكن يحمل السيف ليحمي جسده، بل ليصون حياء زينب.
لم تكن الرماح تخترق الأجساد وحدها، بل كانت تُمتحن بها القلوب، ومن صبر نجح، ومن تراجع عاد خاسرًا ولو نجا.

تُثيرنا كل سنة ذكرى عاشوراء، لا لأن الحدث يتكرر، بل لأن النفوس لم تُشفَ من كربلاء بعد، فما زال الظلم حاضرًا، وما زالت الخيول تدوس الأحلام،لكن الفارق الوحيد أن الساحة باتت في داخلنا، ولم يعد أحد يُجبرنا على الصمت، بل نصمت لأننا ألفناه.

كل من ينحني اليوم لمن لا يستحق، عليه أن ينظر إلى الطفّ، سيجد أن السجود لله وحده هو ما أبقى الحسين خالدًا.
كل من يُفرّط في مبدئه من أجل لقمة أو شهرة، عليه أن يُنصت لصوت الحسين وهو يقول: «هيهات منّا الذلّة»… تلك ليست جملة، بل هوية.

كربلاء لا تطلب البكاء، بل تطلب أن لا يكون البكاء بديلاً عن الصحوة. فالبكاء زاد، لكنه لا يغني عن السير. ومن أراد أن يكون حسينيًّا، فليتعلّم أولًا أن يكون إنسانًا لا يُباع، وضميرًا لا يُكمّم.

لهذا، ما زال التاريخ كله يفتح فمه كلما أقبل محرم، ويقول: الحسين لم يُقتل… الحسين امتحننا جميعًا، وما زال الامتحان جاريًا.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد ناصر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/27



كتابة تعليق لموضوع : وهج المبدأ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net