فضائل أهل البيت (ع) وحسد النواصب
محسن الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محسن الموسوي

قبل قراءة التاريخ أو البحث في السيرة، فهناك عناوين لا بد أن نقف عندها، وهي عبارة عن إشارات مؤدية إلى سبل المعرفة الصحيحة، مما نقل أو روي ولو بالحد الأدنى. وإلا فكل يدعي صحة حديثه ووثاقة السند وصدق المصدر مع ما يطابق اعتقاده وهواه، في مقابل التظاهر بحب أهل البيت (ع)، امتثالاً لأمر رسول الله (ص) في ما أوجب وأوصى. ولكن أغلبهم يتظاهرون مراءً وتفاهة، حيث تجدهم ومع كل منقبة لأحد من أصحاب الكساء (ع) ولو في أعلى مراتب الصحة والسند، يشكون ويؤولون بما لا يطابق ظاهر الحقيقة والإنصاف، ولا يرضون في ذلك. وإلا ما رسخ في أذهانهم من الموروث، ومما ابتدعته يد الوضع والافتراء للعين (ابن هند) وشيعته من رواد موائد الخمر. فكانت كل فضيلة لأمير المؤمنين (ع) عرضة للجهر والطعن. أم أعيتهم الحيلة في ذلك لجؤوا فوق ما يقتضيه ظاهر اللفظ حتى يستنسخوا ذلك لأوليائهم نماذج وأمثلة.
فجعلوا للإسلام والتاريخ رجالا لم يكونوا شيئاً مذكورا، وأقصوا رجالاً لولاهم ما كان للإسلام المحمدي اليوم ذكرى. وإذا أردت اليوم البحث عن الحقيقة الغابرة، تأتيك النصائح ملفوفة بكلمات الشفقة، والخوف عليك من (دخول النار) ومن كل من هب ودب. وإذا رأى أحدهم نفسه قد واجه الحقيقة الواضحة والأدلة الدامغة على ولاية أمير المؤمنين وأهل بيته (ع) وفضائلهم.
فيضيع بين تلك البراهين، وتتكسر غطرسته وعناده، أمام الحقيقة التي هي كالشمس في وضح النهار. فعند ذلك يختار أحد الطريقين؛ إما أن يقول لك عندي عمل ثم يتركك ويهرب. وإما أن يقفز إلى السياسة فجأة، فيتحدث عن وحدة الأمة والقومية العربية والتحرر وأولوية الهدف، والأهم والمهم، وتلك أمة خلت، وما يجدي النبش في الماضي، ومن نحن حتى نقيم أو نعدل؟ ثم يحاول إقناعك إن الأمة لن تتوحد إلا بنسيان الماضي ويقصد الماضي هو ولاية أمير المؤمنين وترك منهج أهل البيت (ع). وأن نساوي بينهم وبين فلان وفلان بدعوى أنهم أصحاب، وكلهم رأوا رسول الله (ص) وسمعوا حديثه، أما هو فليس عنده شيء يخسره ولا منهج يسير عليه حتى ينحرف عنه، فهذا وأمثاله كما وصفهم أمير المؤمنين (ع) (احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وأَضَاعُوا الثمَرَةَ) ولديه قناعة بما قال (سلفه الصالح) مقالته (الشهيرة) حيث قال الأول: (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات) بينما قال الثاني: (دعوه فأنه يهجر) ونسي قوله تعالى بحق رسوله الأكرم (ص): { وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى) كما إنك تراه يتحدث بآيات القرآن الكريم، حتى يخيل إليك إنه عارف بكل سوره وأحكامه، ولكنك عندما تسأله عن آية الولاية مثلاً، فإنه لا يعرفها بأي سورة هي وفي من نزلت. ويستغرب منك عندما تقول له: إن هناك آيات قد نزلت بحق أهل البيت (ع) وهي القربى والتطهير والمباهلة وسورة الدهر وغيرها. فهو لا يعرف من الذين اصطحبهم رسول الله (ص) يوم المباهلة؟ أو إنه يعرف ذلك ويبقى يسألك لماذا لم يصطحب إحدى نسائه أو أحد الصحابة بدلاً من أصحاب الكساء (ع)؟ أي إنه يعترض على فعل النبي (ص) عندما اصطحب علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) ولا يصدق حتى بكتب أسلافه وعلمائه.
ثم يرجع صاحبنا إلى نقطة البداية، وإلى نصائحه التي قالها عن الوحدة القومية والتحرر وخوفه عليك من العذاب في الآخرة. ولكن ذلك كله دعوى الغشاش، وإن تشبه بالناصح. لأنه رأى الحق ثقيلا ولكن سيحفظه الله تعالى على أيدي أقوام سعوا في طلب الحقيقة ليدحضوا بها الباطل، وما وضعت يد الغش والتضليل من متاهات ومهالك على درب سبل الهداية المحمدية ومناهج السنن النبوية. حتى كانت لهم صولة على عقول السذج والانتهازيين. وكان لزاما علينا بذل الجهد لتوخي الصدق والأمانة في القول والفعل حتى ندحض الباطل ولو بعد حين..
قال الشافعي:
لو شق قلبي نصفين لبدا وسطه سطران قد خط بلا كاتـــب
الشرع والتوحيد في جانــــــب وحب أهل البيت في جانب
وإن كنـــت فيمـــــا قلته كاذبـــاً فلعنة الله على الكـــــــاذب
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat