تساؤلات عن مواسم الحج الثلاثة
محاسن غني النداف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حين يتوافر المسلم على مفردات الاستطاعة من صحة بدنية وقدرة مالية وطريق آمنة سالكة، سيتعين عليه حينها التوجه الى بيت الله الحرام في الشهر الحرام ، شهر ذي الحجة، لأداء مناسك الحج،
ولكن،،، هل  ان هذه الادوات كافية لتحقيق الاثر المطلوب للحج والذي يفترض ان يُلقي بظلاله على حياة المسلم بعد انقضاء الحج ولو نسبيا!
الا يوجد مفردة  اخرى توازي في اهميتها ما ذُكر ، إن لم يكن الاهم،  وهو الاستطاعة العرفانية، الموازية للاستطاعة الفقهية، ولو بمقدار الوسع والاجتهاد....
فالعرفان كما افهمه هو ان تكون لك علاقة خاصة مع الله سبحانه، تجعلك عارفا بالله ذاكرا له، بمعنى ان تمون مستوعبا لمعاني اسماءه الحسنى وبانه هو القوي، العزيز، الغني، الرحمن، الرحيم،
وانك انت الضعيف، الذليل، الفقير، ... لان؛ من عرف ربه فقد عرف نفسه!
وقد يكون هذا هو السبب الذي اثار في ذهني تساؤلا توجهت به الى ابي قائلة: ابي الحبيب أخبرني؛ لِمَ يعود الكثير من الحجاج من دون ان يصطحبوا معهم عصمة الحج؟ اقصد انهم يعاودون ارتكاب الذنوب والمعاصي وكانهم لم يحجوا!
فقال لي:  لانهم  لم يألفوا الحج  فكيف يصحبوه!
قلت له:  وكيف يمكن ان يألف المرء الحج ؟!
فنظر إلي مبتسما وقال: حين يعطي مواسم الحج حقها.
تساءلت بأستغراب: وهل للحج موسم سوى شهر ذي الحجة الحرام!
فاجاب: نعم يا بُنيَتي، للحج ثلاثة مواسم عامة لكافة المسلمين. 
ولو ان الحجاج قد صدقوا في تلبيتهم في الموسمين الاوليين فسيحصدون ثمارها في موسم الحج وتكون تلبيتهم تلبية إيمانية صادقة. 
فزادت حيرتي وتساءلت: ماهي يا ابي، أخبرني!
قال: موسم الحج الاول هو صلاة الفريضة،  
فلو ان المصلي صدق في تلبية نداء الصلاة لحققت صلاته اثرها في حياته، وصدق التلبية منوط بالمعرفة، فمن عرف ربه فقد عرف نفسه، 
فقلت: سبحان الله وكانك في قلبي ياابي كنت للتو اتفكر في هذه المقولة! فقال متبسما: انه التخاطر بين الاب وابنته.
ثم اضاف: هل تعلمين يا بنيتي ان الكثيرين لا يلتفتون الى أهمية فريضة الصلاة و لا يجتهدون في تحقيق حظور القلب لانهم غافلون عن دورها المحوري في حركة الانسان وسلوكه،   وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا)١.  
 
:ــ وماهو الموسم الثاني؟
:ــ موسم الصيام   ومعرفة حقيقة الصيام ورد في الحديث الشريف عن أبي عبد الله (ع): "إذا صُمتُم فاحفظوا ألسنتَكم عن الكذب، وغُضُّوا أبصارَكم، ولا تَنازعوا، ولا تَحاسدوا، ولا تَغتَابوا، ولا تُمارُوا، ولا تكذبوا، ولا تُباشروا، ولا تَحالفوا، ولا تَغضبوا ولا تَسابُّوا، ولا تَشاتموا، ولا تَنابزوا، ولا تُجادلوا، ولا تُباذوا، ولا تَظلموا، ولا تَسافهوا، ولا تَزاجروا، ولا تغفلوا عن ذكرِ الله"(٢).
إليست هذه بعض تروك الاحرام!؟
فمن يراعي حظوره بين يدي المولى سبحانه لا يجرؤ على فعل المحظور! 
قلت:  والامام اكد على هذا المعنى في ذيل الرواية حين قال "ولاتغفلوا عن ذكر الله"
فابتسم ابي وقال: احسنت بنيتي!
اذا صحة مواسم الحج، وهو الموسم الثالث،  لا تعتمد على موسم واحد، بل تحتاج الى تمهيد وتدريب عبر مواسم سابقة.
قلت: نعم يا ابي كلامك صحيح،  لقد صار الحج، بالنسبة للكثيرين، اشبه بالسياحة او النشاط الترفيهي ولا اثر له في حياة الحاج حين يعود.
قال: نعم وهذا امر مؤسف. 
قلت: لانهم لم يعرفوا الحج!
فضحك ابي وقال: انت تكررين كلامي!
قلت: نعم اكرره لأني الان فهمته. فهمت ان معرفة الحج مرهونة بمعرفة ربّ الحج.

 
١-بحار الانوار/ ج٧٩/ص١٨٩
٢-وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 10 ص 166.

الموضوع السابق أيها الرادود.. مَهْلًا لَا تَطِشْ جَهْلًا

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat