الدال التضخيمي لأي كاتب ما لا يعني شيئاً إطلاقاً للرمز، ولا يمكن أن يقارن بدمعة زائرة في مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وأية مقاربة تؤدلج لنا هذه الدمعة باتجاه كم مصطلحاتي لا بد أن تكون هي مؤدلجة أساساً، والذهاب باتجاه المعنى الأسمى للشهادة واتخاذ الحسين (ع) رمزاً حياَ هو الأشهر بين الرموز الإنسانية المؤثرة- استوعب قيماً عامة تجسدت عبر التواريخ كماً تاثيرياً غير مؤدلج تحت أية يافطة... فلذلك تمثلت شعارات ثورته العملاقة معظم الثورات على مر التاريخ داخل المذهب المحتوى أو خارجه، وداخل الدين أو خارجه، وهذه حيوية الرموز ولا يمكن أن تصبح مثل هذه الوثبة انتقاصاً لراية من الرايات أما اقتران الرموز بالحكومات وبالدول وبالفتوحات فهذا لا يمثل العبرة التضحوية التي يمكن أن تشع بانعكاسات تأثيرية تبقي المعنى قروناً تحفز المشاعر وتعبئ العالم بمسؤولية الإنسانية وتعري زيف القتلة...
محور لا بد أن نرتكز عليه في مفهوم الثورة الحسينية وقدسيتها ونبعد عنها مؤولات تحاول أن توازن بين القاتل والمقتول، وأن تساوي بين الثائر والسلطة الغير شرعية وتنظر إلى الثورة الحسينية كحاصل صراع ذاتي وليس إنسانيا وعقائديا وتطلع أخيراً بحصيلة النتائج الآنية بانتصار ابن سعد في حومة النزال وانتهى الموضوع.
إذاً أين هو الرمز وقوته وتأثيراته المشعة عبر التواريخ ؟ أين قدسيته ؟
ومتى كان احترام الرموز التاريخية المقدسة يلغي التاريخ الشخصي والحدثي ؟
وإلا فهناك اجتثاث قسري لوصايا نبي كريم وأحاديث واردة متواترة في حق سليلٍ تآصر مجده مع أصل الجذر الرسالي (حسين مني وأنا من حسين) ويطالبني بإلغاء إيماني يجمع المعجزات التي أحالت شخصية هذا الرمز العظيم، لأن كاتب ما في شمال الأرض أو جنوبها لا يؤمن بقدسية المعجز ولا بنبوءات الرسول، وبتجسيد إلهي رفعه الحسين ثورة حية شغلت الإنسان وجوداً. فأصبحت تمثل الوجدان الآدمي الحي والتفكير خارج هذا المنطق هو تفكير خارج بؤرة الإيمان فمن أنكر هذه القرائن أنكر قبلها وقائع كثيرة وقدسيات كثيرة وأنكر قدسية رسول أحال الرمداء إلى صفاء.. فأية أسطر تقدر أن تمنح تلك الثورة المعطاءة هذه الديمومة التي تجاوزت الأزمنة والأمكنة وارتبطت بالمصير الإنساني- ويبدو أن ما يغيظ الأيدلوجيات المريضة هو هذا الشعاع الحسيني الذي صار عنواناًً من عناوين الثورة ضد انحرافات السلطة الآنية، وهذا يعني انفتاح مستويات الدلالة لما هو أشمل لصراع أزلي بين قوى الخير والشر في كل زمان ومكان- كل خير حسين، وكل شر يزيد، هذه المعادلة التي أوغلت قلوب تلك العناوين المؤدلجة لتؤدلج (الحدث - التاريخ - الإنسان – المصير) لكن كيف لها أن تؤدلج دمعة زائرة وشعور مؤمن اعتمرته الدهور عنواناً من عناوين السنا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat